هيئات حقوقية مغربية تحتج على خروقات تأشيرة شنغن

رفض طلبات تأشيرة دخول عدد من الدول الأوروبية يثير جدلا واسعا في المغرب.
الأحد 2022/11/20
أزمة التأشيرات المفروضة لا تتماشى مع تطلعات المغرب

الرباط - عبّر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان عن احتجاجه القوي على سلوكات بعض قنصليات دول الاتحاد الأوروبي، في تعاملها مع طالبات وطالبي التأشيرة في تنكر بيّن لالتزامات بلدانهم في مجال حقوق الإنسان، وخصوصا منها تلك المشكلة لفضاء شنغن، و”هو ما نشطت معه عصابات أصبحت تتاجر بالمواعيد وتفرض على طالبي التأشيرة مبالغ مرتفعة ترهق قدرتهم المتدهورة أصلا”.

وطالب الائتلاف، الذي يتشكل من عشرين هيئة حقوقية مغربية غير حكومية، المصالح المعنية للاتحاد الأوروبي بالمغرب ومصالح وزارات خارجية دول الاتحاد بوقف هذه المعاملات المهينة، خصوصا أن الأمر ازداد استفحالا بعد تخفيض فرنسا لعدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة بأكثر من 50 في المئة، والتي تعد واحدة من أكثر الدول استقبالا لطلبات فيزا شنغن.

وقد أكد الائتلاف أنه “يتابع الوضعية الخطيرة المرتبطة بالتعسفات التي يواجه بها المئات من المواطنات والمواطنين المغاربة بمصادرة الحق في التنقل من قبل دول الاتحاد الأوروبي وخصوصا منها تلك المشكّلة لفضاء شنغن، والتي تؤكد كلها على إصرار هذه الدول على سلوك مساطر وإجراءات تتناقض بالكامل مع التزاماتها الدولية بهذا الصدد”.

تعطيلات التأشيرة تحد من حقوق المتضررين في اللجوء إلى الطعن أمام المؤسسات القضائية والإدارية المعنية

ونقلت البرلمانية عن حزب العمل الهولندي، كاتي بيري، قبل يومين، التأخر في معالجة طلبات “التأشيرة” للمغاربة، إلى وزارة الشؤون الخارجية الهولندية، التي أكدت في جواب كتابي عزمها على معالجتها ووضع حد لأيّ تلاعبات في هذه العملية من طرف جهة ثالثة.

وقالت الخارجية الهولندية إنه على غرار دول أوروبية أخرى تواجه هولندا المشاكل ذاتها، لاسيما بعد تخفيف قيود السفر التي فرضتها جائحة كورونا، بحيث زاد الطلب على التأشيرات، فيما يطرح تحدي عدد الموظفين المكلفين بمعالجة هذه الملفات، مؤكدة أن الهدف بنهاية العام هو معالجة 80 في المائة على الأقل من العدد الذي تمت معالجة سنة 2019، أي ما قبل جائحة كورونا.

واعتبر الائتلاف الحقوقي أن عدم تعليل مصالح قنصليات الاتحاد الأوروبي لأسباب الرفض الكبير والمتواتر لطلبات التأشيرات، “يحد من حقوق المتضررين والمتضررات في اللجوء إلى الطعن أمام المؤسسات القضائية والإدارية المعنية”، بالإضافة إلى أن “عدم إعادة مبالغ رسوم التأشيرة إلى المواطنات والمواطنين المرفوضة طلباتهم ما داموا لم يحصلوا على التأشيرة، عمل غير مشروع”.

واحتج نشطاء حقوقيون مغاربة أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بالرباط نهاية أكتوبر على حرمان مواطنيهم من الحصول على تأشيرات دخول إلى بلدان أوروبية، وخصوصا فرنسا.

وقال رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عزيز غالي “إننا لا نقبل الإهانات والعجرفة والعنصرية التي تلقاها طلبات مواطنينا للحصول على تأشيرات لدخول دول الاتحاد الأوروبي”، مضيفا أن “قنصليات البلدان المعنية لا تكلف نفسها حتى عناء تبرير رفض طلبات التأشيرة رغم استيفاء الطلبات لكل الشروط، ولا تعيد مصاريف ملفات الطلبات المرفوضة”.

وسجل الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان أن “المزيد من إمعان مصالح قنصليات دول الاتحاد الأوروبي بالمغرب، في رفض تمكين المواطنات والمواطنين المغاربة من التأشيرة، أي في الحرمان من الحق في التنقل، قد اتخذ أشكالا لا تليق بدول المفروض فيها عدم اللجوء إلى أساليب غير معقولة كإغلاق نوافذ الدخول للحصول على موعد لتقديم طلب الحصول على التأشيرة، وفتحها بشكل محدود وقصير المدة، وهو ما نشطت معه عصابات أصبحت تتاجر بالمواعيد وتفرض على طالبات وطالبي التأشيرة مبالغ مرتفعة ترهق قدرتهم المتدهورة أصلا”.

وفي ذات الاطار، أشار هشام معتضد الباحث المغربي في الشؤون الإستراتيجية والدولية لـ”العرب” أن أزمة التأشيرات المفروضة لا تتماشى مع تطلعات المغرب الراغب في الدفع بمقاربة رابح رابح في معاملاته السياسية والإستراتيجية مع عدد من الدول الغربية، خصوصا أن السفارات وقنصليات دول الاتحاد الأوروبي منها فرنسا لا تعلل، بشكل مقنع، أسباب الرفض المتزايد لطلبات التأشيرة.

الائتلاف يؤكد أنه يتابع الوضعية الخطيرة المرتبطة بالتعسفات التي يواجه بها المئات من المواطنات والمواطنين المغاربة بمصادرة الحق في التنقل من قبل دول الاتحاد الأوروبي

وتدفع أعداد الطلبات الكبيرة المرفوضة الكثيرين للبحث عن وسائل غير شرعية من أجل الحصول على تأشيرات شنغن، هذه الأخيرة التي تعد مجالا مغريا جدّا للنصابين والمحتالين بالمغرب، لأنه يفتح أكثر من باب في هذا الصدد، سواء بالتزوير أو المواعيد، نظرا للإقبال الكبير وغير المنقطع على الهجرة، خصوصا نحو أوروبا.

وبشأن دور العصابات التي تتاجر بالمواعيد، في تعميق هذه الأزمة، أكدت وزارة الشؤون الخارجية الهولندية أنه تم اتخاذ جملة من الإجراءات من بين أخرى يتم العمل على تنزيلها، لاسيما على مستوى الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة المكلّفة بتسلم طلبات التأشيرة.

ومن بين هذه الإجراءات، أكدت الوزارة أنه سيكون الرّاغب في حجز موعد متاح على الموقع الإلكتروني مستقبلا مجبراً على إدخال اسم المستفيد الحقيقي من الموعد في البداية، وهو ما سيستحيل معه بيعه في ما بعد لشخص آخر ولن يكون بإمكانه تغيير الاسم.

وأوقفت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المغربية، قبل شهرين، عشرين شخصا من بينهم مدير وكالة لتحديد مواعيد طلبات التأشيرة بمدينة الناظور، كانت تقوم بتزوير المحررات الرسمية والبنكية التي تدخل في إعداد طلبات الحصول على تأشيرة ولوج فضاء شنغن، وفق بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني.

ويثير رفض طلبات تأشيرة دخول عدد من الدول الأوروبية، وخاصة، فرنسا انتقادات واسعة في المغرب خلال الفترة الأخيرة، حيث رفضت الناشطة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خديجة الرياضي استعمال حقوق ومصالح المواطنين كورقة لتصفية حسابات سياسية بين بعض الدول الأوروبية والدولة المغربية، مشيرة إلى أن المنظمة الحقوقية تلقت العديد من الشكاوى في هذا الصدد.

2