"هم نوايا".. دراما اجتماعية ترصد أحوال الأسرة الكويتية

المسلسل الكويتي "هم نوايا" يهدي التحية إلى روح الفنان عبدالحسين عبدالرضا، في لفتة إنسانية سلطت الضوء على تاريخ واحد من أبرز نجوم الخليج.
السبت 2019/02/02
النجمة الكويتية سعاد عبدالله تجسيد شخصية "شيخة"

تعود سعاد عبدالله إلى تجسيد شخصية “شيخة” في الجزء الثاني من مسلسل “هم نوايا”، الذي عرض أخيرا على عدد من الفضائيات الخليجية، وتطالعنا النجمة الكويتية هذه المرة بتحول في تلك الشخصية جعلها تبدو أقل حدة مما كانت عليه في الجزء الأول.

تؤدي النجمة الكويتية سعاد عبدالله في الجزء الثاني من مسلسل “هم نوايا”، دور الزوجة والأم التي تعيش وسط عائلتها المكونة من الزوج والأبناء، وتتفاعل مع أزماتهم الشخصية والعائلية التي تعكس حال المجتمع الكويتي بشكل عام.

والمسلسل من إخراج عيسى ذياب وتأليف الكاتبة نوف المضف، ويشارك فيه إلى جانب الفنانة سعاد عبدالله عدد من الفنانين والفنانات الكويتيين بينهم الفنان سليمان الياسين وانتصار الشراح وأمل العوضي وفاطمة الصفي وفهد عبدالمحسن وحسين المهدي وعبدالله الطراروة وريم أرحمة وليلى عبدالله.

ويقدم المسلسل في أولى حلقاته تحية خاصة إلى روح الفنان الكويتي الراحل عبدالحسين عبدالرضا، في لفتة إنسانية سلطت الضوء على تاريخ واحد من أبرز نجوم الخليج.

علاقات متشعبة
علاقات متشعبة

وخصصت الحلقة من الجزء الثاني للمسلسل حول تأثير وفاة الفنان الراحل على الأسر الكويتية التي ارتبطت بأعماله على مدى عقود قدم خلالها العشرات من الأعمال الدرامية والمسرحية التي مست حياة الكويتيين، وقد تمت الاستعانة بلقطات حقيقية من الجنازة الكبيرة التي شيعت الفقيد، وظهرت سعاد عبدالله وهي تتلقى العزاء فيه كواحد من أفراد أسرتها.

يذكر أن سعاد عبدالله شاركت عبدالحسين عبدالرضا في عدد من الأعمال المنوعة، بين الدراما والسهرات التلفزيونية والمسرحيات والأوبريتات منذ ستينات القرن الماضي.

وفي جزئه الأول استعرض “هم نوايا” تاريخ أسرة “شيخة” (سعاد عبدالله) وجيرانها خلال محنة التهجير بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990، منذ انتقال الأسرة للإقامة في مدينة دبي إلى العودة مرة أخرى إلى الوطن بعد تحريره، وهو ما انتهت إليه الأحداث.

ويستكمل الجزء الثاني سرد حكاية العائلات الكويتية بعد الاستقرار والعودة مرة أخرى إلى الكويت بعد مرور سنوات على تلك المحنة، وفي السياق أيضا يلمح العمل إلى بعض جوانب الحياة السياسية الكويتية الحالية، ومن بينها ضرورة تمكين الشباب للانخراط في العمل السياسي، كما يظهر من تطلع الابن الأكبر عبدالعزيز (فهد عبدالمحسن) إلى الترشح للانتخابات النيابية في الكويت.

ومن القضايا السياسية يتطرق المسلسل أيضا إلى الكثير من التفاصيل التي تخص الشباب حديثي الزواج، إذ تطالعنا نماذج مختلفة من هذه الزيجات داخل أسرة شيخة، مع استعراض للمشاكل والأزمات التي تطرأ على حياتهم الجديدة، وكيف يتم مواجهتها.

ومن خلال هذه النماذج التي يقدمها العمل يتم تسليط الضوء على عدد من القيم والعادات الأصيلة التي تسعى شيخة إلى ترسيخها في وجدان أبنائها من أجل الحفاظ على تماسك الأسرة، وتعطي مثلا لكيفية التعامل مع الأزمات الطارئة التي تكاد تعصف بهذه العلاقات الزوجية الناشئة في ظل عالم منفتح على كافة الثقافات والعادات الأخرى التي لا تناسب أحيانا قيم وعادات المجتمع الكويتي، وفي نفس الوقت لا تغفل الأم التغيرات الاجتماعية التي تفرض نفسها على هذا المجتمع، كخروج المرأة إلى العمل ورغبتها في الاستقلال وطرق آفاق جديدة.

نماذج سلبية وإيجابية للعلاقات الاجتماعية
نماذج سلبية وإيجابية للعلاقات الاجتماعية

وكما هو معتاد يطالعنا العمل بنماذج سلبية وأخرى إيجابية في هذه العلاقات التي يطرحها، ومن بين هذه النماذج، على سبيل المثال، تلك العلاقة الشائكة بين الابن الأصغر لشيخة محمد (عبدالله الطراروة) وزوجته التي دائما ما تختلق الخلافات معه، وهو الأمر الذي يؤدي بهما إلى الانفصال في النهاية، لتبدأ قصة رومانسية جديدة للابن مع جارته مثلى (ليلى عبدالله) وهي العلاقة التي تعارضها الأم بقوة.

أما ابنة شيخة الوحيدة بسمة (أمل العوضي) فهي تعيش حياة زوجية سعيدة مع زوجها راكان طبيب التجميل (حسين المهدي)، والذي درس الطب في الولايات المتحدة، غير أن هذه العلاقة السعيدة والدافئة سرعان ما تعصف بها أزمة قوية بعد وفاة إحدى مريضات راكان أثناء العملية الجراحية التي كان يجريها لها، ما يؤدي به إلى الإدمان على الكحول.

أما العلاقة الأكثر تعقيدا في المسلسل، فهي علاقة عبدالعزيز ابن شيخة وزوجته لطيفة (فاطمة الصفي) والتي يحبها إلى درجة الجنون، ويغار عليها بشكل مرضي، حيث تتصاعد الخلافات بين الزوجين، خاصة حين تتفاقم الحالة النفسية للزوج ويبدأ في توهم أشياء وشخصيات غير موجودة.

وهذه الطبيعة الخاصة لشخصية عبدالعزيز التي أداها الفنان فهد عبدالمحسن، كان لها دور بارز في إضفاء نوع من المصداقية والعمق على الشخصية، ولعل طبيعة الدور بتركيبته المعقدة على هذا النحو يعد اختبارا مثاليا لقدرات أي فنان، وقد استطاع عبدالمحسن أداءه على نحو جيد.

وهنا تستوقفنا بعض الملاحظات المتعلقة بشخصية المريض النفسي كما تم رسمها في سياق العمل، فالحالة كما بدت لنا تعاني من خلل نفسي في مراحل متقدمة، فنحن أمام شخص يقيم علاقة فعلية مع شخصيات متخيلة، تتحدث إليه ويتحدث إليها، ومن البديهي أنه يحتاج إلى وقت وزمن للشفاء من هذه الأعراض، وليس من المنطقي أن تزول بمجرد قضاء المريض بضعة أيام في المستشفى، ليخرج بعدها سليما معافى، إلى حد ترشحه للانتخابات النيابية، وكأنه كان مريضا بالأنفلوانزا مثلا.

وما يحسب للمسلسل في جزئه الثاني أنه يبدو منفصلا عن الجزء الأول إلى حد بعيد، ويمكن اعتباره عملا مختلفا، وكان لوجود الفنانة سعاد عبدالله بلا شك حضور مؤثر وعامل في إنجاح العمل، فهي فنانة قديرة ومتميزة بأدائها وطريقتها المحببة في تقمص الشخصيات، رغم التكرار والنمطية اللذين يسيطران على طبيعة شخصية شيخة.

13