هل يلغي الغنوشي زيارة واشنطن لأجل التهدئة مع قيس سعيد

تونس - أعلن رياض الشعيبي، القيادي البارز في حركة النهضة، عن أن راشد الغنوشي رئيس الحركة ورئيس البرلمان تلقى دعوة لزيارة واشنطن منتصف الشهر القادم، لكن الناطق الرسمي باسم الحركة خليل البرعومي نفى أي حديث عن الزيارة حاليا.
وقال الشعيبي إن “الغنوشي سيكون في زيارة لواشنطن في النصف الأول من شهر يناير بدعوة من رئيسة الكونغرس الأميركي نانسي بيلوسي”.
وأضاف الشعيبي، وهو المستشار السياسي للغنوشي، أن الهدف من الزيارة هو “تعزيز العلاقات بين البلدين، وتداول القضايا الإقليمية والدولية المشتركة”.
ونفى أن تكون للدعوة علاقة بتنصيب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، لافتا إلى أنها تمت قبل الانتخابات الأميركية.
وقالت مصادر مقربة من النهضة إن تضارب المواقف داخل الحركة بشأن الزيارة يعود بالأساس إلى رغبة الغنوشي في عدم الدخول في خلافات جديدة مع الرئيس قيس سعيد، وهي خلافات تعود إلى بداية استلام الرئيس التونسي مهامَّه، حيث سعى رئيس البرلمان إلى التعاطي مع الملفات الخارجية وكأنه الرجل الأول في تونس وأن دور الرئيس سعيد هامشي.
وبعد أشهر من التوتر هدأت الخلافات بين الرئيس التونسي ورئيس البرلمان، وربطت أوساط سياسية تونسية هذه التهدئة بزيارة الرئيس سعيد إلى قطر الشهر الماضي.
لكن مراقبين للشأن التونسي يعتبرون أن الغنوشي يسعى بأقصى جهده لتجنب أي صدام جديد مع رئيس الجمهورية في ظل الأزمة السياسية الحادة التي تعيشها البلاد، ووسط تسريبات عن تنسيق برلماني لإعادة عرض الطلب الخاص بإقالة الغنوشي من رئاسة المجلس على جلسة عامة خلال الفترة المقبلة.
ويجد خصوم الغنوشي الفرصة مواتية لإعادة طلب تنحيته من رئاسة البرلمان في ظل الأزمة التي يعيشها حليفه البرلماني حزب “قلب تونس” بعد إيقاف رئيسه نبيل القروي بسبب اتهامات بغسيل أموال.
وأشارت المصادر السابقة إلى أن الغنوشي قد يتعلل بالاعتبارات الصحية للاعتذار عن تلبية الدعوة إلى زيارة واشنطن، على أن يحقق التهدئة مع الرئيس سعيد الذي بات محورا رئيسيا لدعوات الحوار التي تعرض من جهات متعددة للخروج بالبلاد من أزمتها الحالية. كما حثته جهات سياسية على حل البرلمان وتعطيل نشاط الأحزاب من خلال اعتماد الفصل 80 من الدستور، وهي الدعوات التي تضغط على رئيس البرلمان، وقد تدفعه إلى الاستجابة لضغوط تأجيل زيارته إلى واشنطن.
في المقابل، يرى مراقبون أن الحديث عن زيارة الغنوشي لواشنطن، لم تؤكده أي جهة رسمية أميركية، وقد يكون محاولة من الحركة الإسلامية للترويج لنفسها على أن زعيمها يحظى بتقدير كبير لدى الدوائر الأميركية، أو الإيحاء بأن الإدارة الأميركية الجديدة ستبدأ انفتاحها على الإسلاميين من بوابة استقبال الغنوشي.
ومنذ فوز جو بايدن بالرئاسة الأميركية، بدأ الإعلام المرتبط بالإسلاميين في ترويج أن المرحلة القادمة سيكون عنوانها عودة الإسلاميين إلى الواجهة كورقة أميركية في المنطقة، في تكرار لتجربة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، لكن لا مؤشرات على أن إدارة بايدن ستراهن على الإسلاميين كـ”حلفاء” لها في المرحلة القادمة.
وعزا مراقبون سرعة تكذيب النهضة لخبر الزيارة إلى أن الهدف من التسريب هو إظهار أن لإسلاميي تونس حظوة لدى واشنطن، وأن لديهم بدائل خارجية في مواجهة الضغط الداخلي الذي اتسعت دائرته لتشمل أغلب الأحزاب والكتل البرلمانية، فضلا عن الغضب الشعبي الناجم عن فشل تجارب الحكم التي قادها الإسلاميون أو شاركوا فيها.
واعتبر المحلل السياسي التونسي باسل ترجمان في تدوينة عبر حسابه على موقع فيسبوك أن تكذيب النهضة لخبر الزيارة جاء بعد تدخل مصالح السفارة الأميركية بتونس، وأنه يمثل “صفعة قد تعيد لهم رشدهم”.