هل يعوّل جونسون على تنازلات اللحظة الأخيرة لحسم بريكست

حكومة جونسون تدشن أكبر حملة دعائية حكومية منذ الحرب العالمية الثانية في محاولة لحشد الدعم وراء خطته للخروج دون اتفاق.
الثلاثاء 2019/07/30
بدلة المطافئ لاخماد نيران بريكست

يشعر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن بروكسل لا تريد انفصال لندن دون اتفاق رغم تصريحات المسؤولين الأوروبيين من أنهم جاهزون لمثل هذا السيناريو، ما دفعه إلى مزيد الضغط على قادة أوروبا وانتظار ما ستقدمه بروكسل نتيجة الأمر الواقع، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي سبق وأن قدم تنازلات اللحظة الأخيرة لحكومة تيريزا ماي ولا يوجد مبرر لعدم تقديم المزيد لحكومة المتشككين.

 لندن - قالت متحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاثنين، إنه أبلغ زعماء الاتحاد الأوروبي استعداده لإجراء محادثات بشأن خروج بلاده من التكتل عندما يظهرون بادرة على استعدادهم لتغيير موقفهم من الاتفاق وإلا فإن بريطانيا ستستعد للخروج دون اتفاق، فيما أطلقت الحكومة البريطانية الجديدة حملة دعائية لدعم استراتيجية جونسون للانسحاب، هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.

وتحدث جونسون، منذ توليه منصبه الأسبوع الماضي، مع عدد من زعماء الاتحاد الأوروبي لكنه لم يقل بعد متى سيقوم بأول زيارة للخارج.

وقالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء “رئيس الوزراء كان يوضح للزعماء الأوروبيين الموقف وهو أن اتفاق الخروج المتضمن الترتيب الخاص بأيرلندا لم يحظ بموافقة البرلمان في ثلاث مرات عرض فيها على النواب. لذلك فإنه يحتاج لتغيير”، مضيفة “رئيس الوزراء يسعده الجلوس (للمحادثات) عندما يتغير هذا الموقف. لكنه يوضح لكل من يتحدث إليه أن ذلك يجب أن يحدث”.

ودّشن جونسون الاثنين، أكبر حملة دعائية حكومية منذ الحرب العالمية الثانية في محاولة لحشد الدعم وراء خطته لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ونقلت صحيفة ديلي تلغراف عن مصادر حكومية لم تسمها القول إن حكومة المحافظين الجديدة سوف تنفق 100 مليون جنيه إسترليني (123 مليون دولار) على الدعاية خلال الثلاثة أشهر المقبلة.

وقالت الصحيفة إن هذه الحملة ”سوف تكون أكبر حملة دعاية منذ الحرب العالمية الثانية من أجل إعداد بريطانيا لخروج دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي، بالتزامن مع دعاية تسويقية على لوحات الإعلانات والراديو والتلفزيون”.

وكتبت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجين تغريدة قالت فيها إن حجم التمويل المذكور للحملة ”مضيعة مخجلة للأموال”.

نيكولا ستورجين: حجم تمويل حملة الانفصال دون اتفاق مضيعة للأموال
نيكولا ستورجين: حجم تمويل حملة الانفصال دون اتفاق مضيعة للأموال

وذكرت صحيفة الأوبزرفر أن وزير المالية البريطاني السابق فيليب هاموند، الذي ترك الحكومة قبل تولّي بوريس جونسون منصب رئيس الوزراء، أجرى محادثات سرية مع حزب العمال المعارض بشأن كيفية وقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

وقالت الصحيفة إن هاموند، الذي طالما عارض الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق انتقالي لتخفيف الصدمة الاقتصادية، التقى مع كير ستارمر، كبير مسؤولي الخروج من الاتحاد الأوروبي في حزب العمال، بعد وقت قصير من استقالته من الحكومة.

وأضافت الصحيفة أن هاموند وستارمر اتفقا على العمل مع نواب بارزين آخرين بمن فيهم الوزير المحافظ السابق أوليفر ليتوين لاستكشاف أفضل السبل لاستخدام الأصوات البرلمانية لنسف نتيجة الخروج دون اتفاق.

وقال ستارمر للصحفية “الاتجاه السياسي تحت قيادة بوريس جونسون واضح، وبالتالي من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نبني تحالفا قويا بين الأحزاب لوقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق”.

وتعهد المشرعون الذين يعارضون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون صفقة، بمن في ذلك بعض وزراء حكومة تيريزا ماي الذين أقالهم جونسون، بشنّ معركة عندما يعود البرلمان من عطلة تستمر ستة أسابيع وتبدأ الجمعة.

ويتكهن البعض بأن هؤلاء المشرعين سيستطيعون الإطاحة بالحكومة بتصويت على حجب الثقة. كما يمكن أن يدعو جونسون إلى إجراء انتخابات مبكّرة على أمل الحصول على أغلبية برلمانية تساند خططه، حيث لن تعقد الانتخابات القادمة قبل سنة 2022.

والأحد، قال وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني مايكل غوف إن الحكومة البريطانية الجديدة “تتصرف بناء على افتراض” خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

وأكد غوف، الذي كلّفه جونسون بالإعداد لخروج دون اتفاق من التكتل، أن “الحكومة بأكملها ستعمل بشكل سريع” للتحضير لعدم وجود اتفاق.

وكتب في صحيفة صنداي تايمز البريطانية “قال قادة الاتحاد الأوروبي حتى الآن إنهم لن يغيّروا نهجهم، إنه اتفاق انسحاب غير معدل، عليكم قبوله أو رفضه”.

وتابع “لا يزال هناك أمل في أن يغيّروا رأيهم، ولكن علينا التصرّف على أساس افتراض أنهم لن يغيروه… الخروج دون اتفاق هو الآن احتمال واقعي للغاية، وينبغي علينا التأكد من أننا مستعدون له”.

وكتب وزير الخزانة البريطاني ساجد جاويد في صحيفة صنداي تلغراف إن الحكومة ستموّل واحدة من “أكبر الحملات الإعلامية العامة” على الإطلاق في البلاد لإعداد الأفراد والشركات لخروج دون اتفاق.

معارضة الخروج دون صفقة
معارضة الخروج دون صفقة

ويصرّ الاتحاد الأوروبي على أنه لن يعيد التفاوض بشأن الاتفاق المُبرم مع ماي بخصوص شروط رحيل بريطانيا وإطار العلاقات المستقبلية. لذلك، تواجه بريطانيا احتمال خروج فوضوي يحذّر الاقتصاديون من أنه سيعطّل التجارة لأنه يفرض رسوما جمركية بين بريطانيا والكتلة، ويخفّض من قيمة الجنيه الإسترليني ويغرق المملكة المتحدة في حالة من الكساد.

وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي إن المفوضية ”لن تعيد التفاوض حول اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد عندما يتعلق الأمر بمسألة شبكة الأمان الخاصة بأيرلندا“، وذلك رغم تأكيد رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون على أنه سيدفع صوب إجراء تغييرات بالاتفاق.

وأكدت المتحدث باسم المفوضية مينا اندريفا في بروكسل أن المفوضية على استعداد لإضافة إعلان سياسي بشأن العلاقة المستقبلية بين الجانبين.

وأضافت ”نتوقّع أن تفي المملكة المتحدة بالتزاماتها بشأن تجنّب وجود حدود مشددة مع حماية مكانة أيرلندا في السوق الداخلية”.

وينصّ الترتيب المثير للجدل بشأن “شبكة الأمان” أو “باكستوب” على إبقاء كامل المملكة المتحدة في اتحاد جمركي لتجنّب إعادة الحدود الفعلية بين أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد.

ويرى جونسون أن تهديد الخروج الفوضوي من الاتحاد الأوروبي سيجبر بروكسل على الإذعان ومنح لندن شروطا أفضل ستتيح لها إبرام اتفاقيات تجارية مع قوى عالمية مثل الصين والولايات المتحدة.

ويتمحور حلّ جونسون بشأن هذه الحدود حول اقتراحات رفضها الاتحاد الأوروبي والقادة الأيرلنديون سابقا لأنها إما غير قابلة للتطبيق وإما غير كافية.

5