هل يرمم الكذب الأبيض ما أتلفه الصدق المطلق

الخميس 2014/04/03
دوافع النساء للكذب لا تختلف عن مبررات الرجال

كشفت أبحاث اجتماعية حديثة أن “الكذب الأبيض” هو “ملح الحياة الزوجية”، وأن مفعوله يمكن أن يكون إيجابيا إذا كان الهدف منه تقريب المسافات بين الشريكين، في حين أن الصدق بمعناه المطلق قد يضر أكثر مما ينفع الأزواج.

ويؤكد الباحث سيزو كنيث، المشرف على دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا الأميركية، أن هناك صدقا قبيحا أو مدمرا من شأنه أن يؤدي إلى انهيار الحياة الزوجية، فهو على حد تعبيره بمثابة الشرارة التي قد تنسف ذلك الرباط القوي حتى ولو كانت بداية الحوار الصادق مجرد سؤال بريء أو مزحة عابرة.

وأشار إلى أن هناك على الجانب الآخر مواقف وحالات محددة بين الزوجين لا ينفع فيها الصدق المطلق.

وبالرغم من أن الكذب منبوذ اجتماعيا، إلا أن العديد من الأزواج يلجؤون إليه مكرهين لا أبطالا، خاصة بسبب الحصار الذي يفرضه عليهم شركاؤهم والتحقيق اليومي الذي يخضعون إليه حول تحركاتهم وتنقلاتهم ومقابلاتهم.

ويرى العديد من الرجال أن الكذب على الزوجة ضرورة لابد منها، وهو الرد الأمثل على أسئلتها التي لا تنتهي، والمنقذ الوحيد من الشجار والخلافات الزوجية التي غالبا ما تنغص حياتهم وتزعزع أركان أسرهم.

ولا تختلف دوافع النساء إلى الكذب كثيرا عن مبررات شركائهن الرجال، إلا أن البعض منهن يعترفن بأنهن يكذبن بشكل روتيني ويومي، خاصة فيما يتعلق بالمستوى الدراسي للأبناء وبالقيمة المادية لمصروف الأسرة ومستلزماتها المعيشية.

وقد بيّنت دراسة بريطانية أن الرجال مستعدون للكذب بثلاثة أضعاف أكثر من النساء، وأن متوسط الكذب لدى الرجال، هو ثلاث كذبات في اليوم، أو أكثر من ألف كذبة في السنة، وبالمقابل فإن متوسط كذب المرأة هو مرة واحدة فقط في كل يوم.

تؤكد بعض الأبحاث الاجتماعية أن الشعوب الشمالية أقل لجوءا إلى الكذب من الشعوب الشرقية والجنوبية

وأرجعت سوزان كويليام، اختصاصية العلاقات الاجتماعية ومؤلفة كتاب “أسرار لغة الجسد”، سبب كذب الرجال لعدم شعورهم بالأمان وتعويضهم عن ذلك بالتجمل كذبا.

وتؤكد بعض الأبحاث الاجتماعية أن الشعوب الشمالية أقل لجوء إلى الكذب من الشعوب الشرقية والجنوبية، كونها أكثر فردية وأقل تدخلا في شؤون الآخرين، فالإيطاليون يكذبون لتبرير تصرفاتهم، في حين يُفضّل الإنكليز الصمت إخفاء للحقيقة وذلك إيمانا منهم بأن الإنسان المهذب لا يكذب لكنه يكتفي بالسكوت.

أمّا في بنغلاديش والصومال، فالمهم ليس أن تكذب أو أن تتخلّف عن موعدك، بل أن تملك مبررا جاهزا في الوقت المناسب. وفي اليابان، مِن الآداب عدم السؤال في حال كان الكذب هو الجواب المتوقع مسبقا.

ويشير الباحث الأميركي نيل ستراوس في كتابه الأكثر مبيعا في العالم، والذي يحمل عنوان “اللعبة” إلى أن من بين دوافع الرجل لاختلاق الأكاذيب هي الرغبة في إثارة إعجاب المرأة وإعطائها انطباعا حسنا عنه حتى لا تهجره أو تتخلى عنه، سواء كانت زوجته أو حبيبته، ولكن الذي لا يعلمه الرجال أن المرأة بطبيعتها تشك في تصرفات الرجل، وغالبا ما تكشف كذبه بحدسها الذي لا يخيب.

ويرجح الباحثون أن الغريزة البشرية عند المرأة أو ما يعرف بـ”الحدس”، قد تكون أدق عند الكشف عن الكذب باعتبار أن المرأة أكثر استجابة للمؤثرات والإشارات الكونية للأحداث، وتستطيع توقع حدوث الحدث رغم بعدها عنه. وأشارت دراسة للباحث الأسترالي ألن بيز حول لغة الجسد، إلى أن هناك ما يعرف بحدس المرأة الذي يمكنها من كشف الإشارات الصامتة عند عامة الأفراد، فيمكنها مثلا كشف كذب الرجل بسهولة، في المقابل، يصعب على كل رجل اكتشاف ألاعيب المرأة.

ويؤكد العلماء، “أننا نكتشف الكذب بشكل أفضل عندما نعتمد على الإجابات الأولية بدلا من التفكير مليا في الأمر”.

وتقول ليان تين برينك، من جامعة كاليفورنيا الأميركية، “ما أثار اهتمامنا باللاوعي هو أنه قد يكون موقع التحقق من الكذب داخل العقل، لذا إن كانت قدرتنا على كشف الكذب تكمن في اللاوعي، فلن يكون بإمكاننا القيام بالأمر حين نبذل جهدا فكريا كبيرا فيه”. ويعتمد أغلب الناس في الكشف عن الكذب على علامات، كتجنب النظر في العينين أو التوتر.

بينت دراسة بريطانية أن الرجال مستعدون للكذب بثلاثة أضعاف أكثر من النساء

ولكن البحث يرجح أن هذا غير دقيق، وأن الناس ينجحون بنسبة 50 بالمئة فقط في العمليات التقليدية للكشف عن الكذب. وقدم فريق من الباحثين الكنديين علامات تدل على الشخص الكاذب. وأشاروا إلى أن هناك أربع عضلات مركزية في الوجه يمكن أن تعكس المشاعر الحقيقية بداخل الإنسان، مثل الشعور بالذنب، وإظهار حالته النفسية عند مروره بضغوط نفسية شديدة.

وقال الباحثون، إن الشخص الكاذب تفضحه بعض الحركات البسيطة التي لا يلقي لها بالا ولكن يستطيع من يواجهه ملاحظتها من ملامح وجهه، خاصة عند رفعه أحد حاجبيه وظهور ابتسامة صفراء تنم عن الكذب والخداع.

وأوضحت الدراسة التي نُشرت في دورية التطور والسلوك البشري، ضعف تحكم الإنسان في تعبيرات وجهه، يعني أن المشاعر الحقيقية يمكن تمييزها عن المشاعر والتعبيرات المزيفة والخادعة. وأكد علماء النفس أن الإنسان يستطيع التحكم في عضلات الوجه السفلية، التي غالبا ما تستخدم في الكلام وتناول الطعام، بينما يصعب عليه التحكم في عضلات الوجه العلوية التي غالبا ما تثير الشكوك والريبة في حالة الكذب والغش.

21