هل يتحرّك قطار السلام المتوقّف في اليمن بقوة دفع التقارب السعودي–العماني؟

بدر البوسعيدي: قلقون بشأن معاناة اليمنيين ونسعى للسلام في بلدهم.
الاثنين 2021/07/19
خطوات مدروسة ومتناسقة

التطور النوعي في العلاقة بين سلطنة عمان والسعودية لن يكون من دون أثر على ملف الصراع اليمني، حيث تمتلك السلطنة العديد من الأوراق القابلة للتوظيف في تحقيق التهدئة التي تسعى لها المملكة. ورغم تعثّر أولى الجهود التي قامت بها السلطنة في هذا الاتّجاه، إلاّ أنّ التزامها بتحقيق السلام في اليمن لا يزال قائما ومعبّرا عنها على لسان وزير خارجيتها.

مسقط - جدّدت سلطنة عمان على لسان وزير خارجيتها بدر بن حمد البوسعيدي اهتمامها بدفع جهود السلام في اليمن، وذلك في وقت تتوقّع فيه أوساط سياسية يمنية وأطراف إقليمية أن يكون للقفزة النوعية التي شهدتها العلاقات السعودية - العمانية مؤخّرا تأثير على تلك الجهود التي تراوح مكانها منذ سنوات.

ويستند أصحاب هذا الطرح إلى ما تقيمه السلطنة من علاقات وثيقة مع المتمرّدين الحوثيين الذين يُنظر إليهم على نطاق واسع باعتبارهم الطرف المعرقل للسلام، وأيضا مع داعمتهم إيران ذات التأثير البالغ في قراراتهم ومواقفهم وسياساتهم.

ويرون أنّ من ضمن النتائج المرتقبة للتقارب السعودي – العماني الكبير أن تضع مسقط ثقلها الدبلوماسي وعلاقاتها الإقليمية في خدمة المنظور السعودي للسلام في اليمن وأن تدعم الرياض في جهودها لطي الملف اليمني والتي كانت قد بدأتها فعلا بمبادرتها لوقف إطلاق النار في اليمن، وهي المبادرة التي دعمتها عُمان بالفعل وبذلت جهودا لإقناع الحوثيين بالاستجابة لها.

وأكد البوسعيدي أن السلطنة تدعم كافة الجهود والمساعي لإحلال السلام في اليمن. وقال في تصريحات لصحيفة “عكاظ” السعودية “نشعر بقلق بالغ إزاء معاناة الشعب اليمني وندعم كافة الجهود والمساعي لإحلال السلام في هذا البلد المجاور لنا”.

مسقط ستوظف ثقلها الدبلوماسي في خدمة المنظور السعودي للسلام ودعم الرياض في جهودها لطي صفحة الملف اليمني

وأجرت عُمان خلال الفترة الأخيرة عدّة اتّصالات مع الأطراف الإقليمية والدولية ذات الصّلة بالأزمة اليمنية، في مؤشّر على عدم تخلّي السلطنة عن وساطتها التي بدأتها مؤخّرا من أجل تمهيد الطريق لإطلاق مسار سلمي لحلّ الأزمة رغم تعثّر الجولة الأولى من تلك الوساطة بسبب تشدّد المتمرّدين الحوثيين الساعين لتحقيق نصر عسكري في محافظة مأرب الاستراتيجية قبل الاستجابة لمبادرة وقف إطلاق النار التي عُرضت عليهم تفاصيلها عن طريق وفد عماني زار في وقت سابق العاصمة اليمنية صنعاء.

ويقول مراقبون إنّ عُمان لا تزال، رغم تعثّر محاولتها الأولى في إقناع الحوثيين بوقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات السياسية مع السلطة اليمنية المعترف بها دوليا، تمتلك أوراق قوّة تستطيع استخدامها في جولة جديدة من الوساطة يبدو أنّها شرعت فعلا في التمهيد لها عبر استئناف الاتصالات مع الجهات ذات الصلة بالملف اليمني.

وعلى رأس تلك الأوراق رصيد الثقة الذي تحظى به لدى مختلف تلك الأطراف؛ فهي من جهة صديقة لإيران، وهي من جهة مقابلة طورت مؤخّرا علاقات أوثق مع المملكة العربية السعودية داعمة الحكومة الشرعية وقائدة التحالف العسكري المضادّ لجماعة الحوثي، فضلا عن كون السلطنة حليفا موثوقا به لدى الولايات المتّحدة المهتمة حاليا وأكثر من أي وقت مضى بحلّ الأزمة اليمنية سلميا.

وتُوّجت خطوات التقارب السعودي – العماني الكبير بزيارة قام بها الأسبوع الماضي سلطان عمان هيثم بن طارق إلى السعودية حيث عقد لقاء قمّة مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي تلقى بدوره دعوة رسمية لزيارة السلطنة.

وبالإضافة إلى النتائج العملية للزيارة أفرزت وفاقا واسعا بين الطرفين بشأن مختلف الملفات والقضايا الإقليمية بما في ذلك الملف اليمني، حيث تمّ التأكيد في بيان مشترك بمناسبة اختتام زيارة السلطان هيثم إلى السعودية على تطابق وجهات النظر بين مسقط والرياض حول مواصلة الجهود لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية قائم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي ومبادرة المملكة العربية السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني.

ووصف البوسعيدي الزيارة التي قام بها السلطان هيثم بن طارق إلى المملكة الأسبوع الماضي بالتاريخية واعتبر أنها ذات أثر استراتيجي مهم على صعيد العلاقات الثنائية والإقليمية.وعن علاقات بلاده بالسعودية وما شهدته من قفزات نوعية توقع وزير الخارجية العماني أن تشهد الفترة القادمة تطورات مهمة في العلاقة بين البلدين لتحقيق الأهداف المشتركة من التقارب والتكامل بينهما.

وأوضح أن الجانبين العماني والسعودي سيعملان على تجسيد نتائج الزيارة قائلا “نعمل على ترجمة نتائج وأبعاد الزيارة إلى واقع ملموس يرقى إلى طموحات قادتنا الخيرة، ويوطد لحقبة جديدة من التعاون المثمر تعزز توازن المنطقة المعهود وتسهم بمزيد من التلاقي والاستقرار والنماء”.

كما أوضح البوسعيدي أن مجلس التنسيق السعودي – العُماني الذي تم الإعلان عنه “سيكون بمثابة المظلة والمرجعية المركزية للتعاون بين حكومتي البلدين ومتابعة التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجالات الداعمة للمصالح المشتركة وبما يعزز ويقوّي في الوقت نفسه اللبنة التي تجمع البلدين وتحرص عليها القيادتان في منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية”.

3