هل نحن مستعدون لعصر الروبوتات المستقلة

المساعدات الذكية مصممة للتفاعل مع البشر وتقديم المساعدة في المهام اليومية على العكس من ذلك الوكلاء المستقلون أدوات ينشئها الزبائن بأنفسهم.
الجمعة 2024/10/25
ماذا تخبئ لنا مايكروسوفت

تحدّ جديد يُضاف إلى التحديات التي يواجهها الجنس البشري في سوق العمل، مع إعلان مايكروسوفت عن إطلاق منصة “كوبايلوت أستوديو”، تتيح للشركات إنشاء وكلاء ذكاء اصطناعي مستقلين للقيام بأعمال خاصة بها، لتثار العديد من التساؤلات المرتبطة بمخاوف تتعلق بمستقبل سوق العمل، خاصة بعد اختبارات أثبتت أن استخدام الوكلاء المستقلين الجدد سيقلل المهام الإدارية بنسبة 30 في المئة.

ولكن، دعونا أولا نعرف من هم هؤلاء الوكلاء المستقلون، وما هو الفرق بينهم وبين المساعدات الذكية، لمعرفة إن كانت هذه المخاوف التي رافقت إعلان مايكروسوفت عن وكلائها المستقلين الجدد مبررة.

المساعدات الذكية مصممة للتفاعل مع البشر وتقديم المساعدة في المهام اليومية مثل الإجابة عن الأسئلة والتذكير بالمواعيد والتحكم في الأجهزة الذكية، اعتمادا على أوامر بشرية مباشرة وعلى التفاعل المستمر مع المستخدمين، أي أنها تحتاج إلى أوامر واضحة لتنفيذ المهام.

70

في المئة وأكثر من العاملين بمختلف القطاعات سيصحون قريبا على خبر فقدان وظائفهم

على العكس من ذلك الوكلاء المستقلون أدوات ينشئها الزبائن بأنفسهم، ويمكنها اتخاذ إجراءات مستقلة بناء على بيانات تقوم بجمعها وتحليلها وهو ما يسمح لها بتنفيذ مهام معقدة دون تدخل بشري.

وأوضحت مايكروسوفت التي أعلنت عن عشر أدوات جديدة للشركات أطلقت عليها تسمية “وكلاء مستقلين”، متخصصة في المبيعات وسلسلة التوريد وخدمة الزبائن، أن “كوكبة من الوكلاء، بدءا من نظام الأسئلة والأجوبة البسيط (الروبوت التحادثي) إلى الاستقلالية الكاملة، ستتوافر لكل المنظمات في نهاية المطاف”.

واعتبارا من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل سيكون في وسع المؤسسات المهتمة إنشاء الوكيل المستقل الخاص بها عبر منصة “كوبايلوت أستوديو”.

وقد اختبرت بعض الشركات بالفعل برنامج “كوبايلوت أستوديو”، من بينها شركة الاستشارات “ماكينسي” التي صممت وكيلا “لتسريع عملية استقبال الزبائن الجدد”، وتمكنت من تقليل المهام الإدارية ذات الصلة بنسبة 30 في المئة.

وتقول مايكروسوفت التي راهنت في مرحلة مبكرة على الذكاء الاصطناعي التوليدي من خلال الاستثمار في “أوبن إيه آي”، مبتكرة تشات جي بي تي، “من شأن هذه التطبيقات التجارية أن تتيح لمجموعات التكنولوجيا تبرير استثماراتها الضخمة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، لأنها ستبدأ بتوليد الإيرادات، على عكس الأدوات المتاحة لعامة الناس عبر الإنترنت.

وكانت مايكروسوفت قد ضخت ما مجموعه 13 مليار دولار في الشركة الناشئة في كاليفورنيا وأعلنت عن استثمارات تزيد عن 15 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي في الخارج هذا العام.

13

مليار دولار ضختها مايكروسوفت في شركة أوبن إيه آي مبتكرة تشات جي بي تي

المخاوف التي أثارها الذكاء الاصطناعي والمساعدات الذكية، ويثيرها الآن وكلاء الذكاء الاصطناعي، ليست جديدة على الجنس البشري. منذ فترة طويلة كانت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من تطورنا. ومع ذلك، في كل مرة تطرح فيها تكنولوجيا جديدة تثار المخاوف، ولكن بشكل استثنائي يحدث هذا خاصة مع التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يثير قلقًا كبيرًا بين الموظفين؛ هل يمكن أن تحل هذه المساعدات الذكية محل البشر في وظائفهم؟ وهل نحن مستعدون للتكيف مع هذا التغيير الجذري؟

وبينما يرى المتفائلون أن الوكلاء المستقلين يمكن أن يتيحوا لنا فرصة لتحسين كفاءتنا وزيادة إنتاجيتنا، وأن هناك فرصة للتكيف وتعلّم كيفية التعامل مع هذه الأدوات بدلا من مقاومتها، يرى المتشائمون أن الوكلاء الجدد سيتسببون في فقداننا وظائفنا، حجتهم أن الذكاء الاصطناعي يمكنه القيام بمهامنا بشكل أسرع وأرخص.

وسيحاول المتفائلون إقناعنا أيضا بأن التغيير دائمًا يكون صعبًا، لكن يجب أن ننظر إليه بوصفه فرصة لتطوير مهاراتنا؛ يمكننا تنظيم دورات تدريبية لمساعدة الجميع على التكيف مع هذه التكنولوجيا الجديدة، بدلاً من القلق بشأن فقدان وظائفنا، ويمكننا التفكير في كيفية استخدام هذه الأدوات لتحسين عملنا.

وسيصر المتفائلون على أن الوكيل المستقل رفيق ذكي ومهذب يمكنه مساعدة الموظفين على القيام بمجموعة متنوعة من المهام؛ يمكنه إنشاء مسودات للمحتوى، واقتراح طرق مختلفة لصياغة النصوص، وإدراج الصور واللافتات، كما يمكنه تحليل الصور وتقديم محادثات طبيعية، ما يجعل التواصل مع التكنولوجيا أكثر سلاسة وفاعلية.

ولكن في نهاية المطاف استخدام كل الحيل ووسائل الإقناع لن يلغي حقيقة أن نسبة ليس فقط 30 في المئة كما يقال اليوم، بل 70 في المئة وأكثر من العاملين بمختلف القطاعات سيصحون قريبا على خبر فقدان وظائفهم، خاصة عندما تتجه الشركات العملاقة إلى تزويد الروبوتات الشبيهة بالبشر بهذه الأنظمة، لتتحول إلى روبوتات مستقلة.

وقد نصحوا قريبا في الصباح الباكر لنرى الطرقات في ساعة الذروة مزدحمة بآلاف الروبوتات في طريقها إلى العمل دون أن تتوقف في طريقها لارتشاف القهوة أو الثرثرة مع الروبوتات الأخرى.

12