هل فعلها جونسون: بروكسل مستعدة للتخلي عن شبكة الأمان

إعلان المفوضية الأوروبية إمكانية تخلّيها عن بند شبكة الأمان يأتي في وقت أعلنت فيه بروكسل تلقّيها وثائق بريطانية تحتوي خطوطا عريضة للترتيبات الحدودية التي تقترحها لندن.
السبت 2019/09/21
استراحة المحارب

نجحت سياسة التشدد التي ينتهجها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي في تليين موقف بروكسل بشأن إعادة التفاوض حول نص اتفاق بريكست، وإعلان استعدادها حذف بند شبكة الأمان المثير للجدل، وهو موقف لم تُسعف به بروكسل رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي. ويرى جونسون أن تهديد الخروج الفوضوي من الاتحاد الأوروبي سيجبر بروكسل على الإذعان ومنح لندن شروطا أفضل، ستتيح لها إبرام اتفاقيات تجارية مع قوى عالمية مثل الصين والولايات المتحدة، وهو ما يؤكده تراجع بروكسل المفاجئ عن موقفها من الحدود الأيرلندية.

لندن- أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أنه مستعدّ للتخلّي عن بند “شبكة الأمان” المتعلق بأيرلندا الشمالية في اتفاق بريكست، بشرط أن تتحقق كل الأهداف المرتبطة بالمسألة، في ما يعد اختراقا بريطانيا لموقف بروكسل المتشدّد في هذه المسألة منذ بداية مفاوضات الانفصال.

ويأتي إعلان المفوضية الأوروبية إمكانية تخلّيها عن بند شبكة الأمان، في وقت أعلنت فيه بروكسل تلقّيها وثائق بريطانية تحتوي خطوطا عريضة للترتيبات الحدودية التي تقترحها لندن.

وتمثّل هذه التصريحات غير المسبوقة والتي لم تُسعف بها بروكسل حكومة رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، انتصارا للنهج المتشدّد الذي يتخذه رئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون في التفاوض، فيما يبدو أن الاتحاد الأوروبي أكثر هلعا من تداعيات بريكست دون اتفاق.

وقال يونكر لقناة سكاي نيوز البريطانية الخاصة “لستُ متعلّقا جدا ببند شبكة الأمان. إذا تحققت النتائج، فلا تهمني الوسائل”، متابعا “إذا تم تحقيق الأهداف، كل الأهداف، فلن نكون بحاجة إلى شبكة الأمان”.

جان كلود يونكر: لست متعلقا بشبكة الأمان، إذا حققنا النتائج لا تهمنا الوسائل
جان كلود يونكر: لست متعلقا بشبكة الأمان، إذا حققنا النتائج لا تهمنا الوسائل

وتختلف لندن وبروكسل خصوصا حول بند شبكة الأمان الموجود في اتفاق بريكست، والذي ينصّ على أن تبقى المملكة المتحدة بأكملها ضمن نطاق “جمركي موحد” مع الاتحاد الأوروبي، ما لم يتم التوصل إلى حلّ أفضل في نهاية المرحلة الانتقالية.

والهدف من هذا البند منع إعادة حدود فعلية بين مقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي. ويتمحور حلّ جونسون بشأن هذه الحدود حول اقتراحات رفضها الاتحاد الأوروبي والقادة الأيرلنديون في وقت سابق لأنها إما غير قابلة للتطبيق وإما غير كافية.

ووصف يونكر من جهة ثانية بـ”الإيجابي بما يكفي” لقاءه الاثنين في لوكسمبورغ مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي يطالب بالتخلّي عن بند “شبكة الأمان”.

وأكد يونكر، الذي من المقرر أن يسلّم رئاسة المفوضية في الأول من نوفمبر للألمانية أورسولا فون دير لين حينها أنه “يمكننا أن نتوصّل لاتفاق”، موضحاً “لا أحبّذ فكرة خروج دون اتفاق، لأنه ستكون لذلك عواقب كارثية. من الأفضل، للمملكة المتحدة كما للاتحاد الأوروبي أن يكون لدينا اتفاق”.

ويأتي ذلك فيما طلبت فنلندا التي تتولّى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي من المملكة المتحدة تقديم مقترح خطّي حول بريكست قبل أواخر سبتمبر لتجنّب خروج دون اتفاق، لكنّ لندن رفضت تلك المُهلة.

ونشرت الحكومة البريطانية مؤخرا وثائق تمّ تسريبها في وقت سابق أكدت أن البلاد ستعيش حالة من الفوضى في صورة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق. ورغم أنّ هذا السيناريو يعتبر الأكثر تشاؤما إلا أنّ الخبراء الاقتصاديين يرون أن بريطانيا ذاهبة إلى الأسوأ مهما كانت نتيجة بريكست باتفاق أو من دونه.

وحذّرت خطط الحكومة البريطانية لبريكست دون اتفاق من عرقلة شديدة على الطرق عبر القنال الإنكليزي، وهو ما سيؤثر على إمدادات الأدوية وبعض أنواع الأغذية الطازجة، وتقول إن احتجاجات واحتجاجات مضادة ستحدث في أرجاء البلاد ترافقها زيادة محتملة في اختلال النظام العام.

وقالت الوثيقة التي تتضمّن أسوأ ما قد يحدث إذا غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم، إن استعداد الرأي العام وقطاع الأعمال لمثل هذه النتيجة من المرجّح أن يكون ضعيفا، فيما يرجع جزئيا إلى استمرار الفوضى السياسية في الفترة السابقة على يوم بريكست.

وأضافت أنّ الشاحنات قد تضطر إلى الانتظار لفترة تصل إلى يومين ونصف اليوم لعبور القنال الإنكليزي، وأنّ المواطنين البريطانيين قد يتعرّضون لإجراءات تفتيش متزايدة من سلطات الهجرة عند المنافذ الحدودية للاتحاد الأوروبي.

وقالت الوثيقة “إمدادات بعض أنواع الأغذية ستنخفض، هناك خطر بأن عمليات شراء مذعورة قد تتسبّب أو تفاقم تعطيل الإمدادات الغذائية”.

تختلف لندن وبروكسل خصوصا حول بند شبكة الأمان الموجود في اتفاق بريكست، والذي ينصّ على أن تبقى المملكة المتحدة بأكملها ضمن نطاق “جمركي موحد” مع الاتحاد الأوروبي

وأضافت أنّ حركة المرور عبر القنال الإنكليزي قد تنخفض بما يصل إلى 60 بالمئة في اليوم الأول لبريكست دون اتفاق. وقد يستمرّ أسوأ تعطيل لما يصل إلى ثلاثة أشهر. وقالت الوثيقة أيضا إن طوابير الشاحنات قد تؤثر على تسليم شحنات الوقود وهو ما يعطل إمدادات في لندن وجنوب شرق إنكلترا، وإن عمليات شراء مذعورة قد تتسبّب في نقص في الإمدادات في أجزاء أخرى من البلاد. ووفقا للوثيقة فإنّ الخدمات المالية عبر الحدود ستتأثر، وكذلك تبادل المعلومات بين الشرطة والأجهزة الأمنية.

وطلبت الحكومة من المتاجر الاستعداد لفوضى مُحتملة حال إتمام الخروج دون اتفاق من خلال تخزين الأغذية، لكنّ مديري المتاجر قالوا إن من شبه المستحيل تخزين الأطعمة الطازجة لفترة طويلة، وإن الناس قد لا يجدون كل شيء يريدونه على الأرفف. ولا تنحصر المخاطر في نقص الغذاء والدواء والوقود، حيث تنهمر التقارير التي تؤكد خطر انهيار الكثير من القطاعات مثل صناعة السيارات والقطاع المالي، الذي تعرّض لأضرار كبيرة يمكن أن تتضاعف في حال الخروج دون اتفاق. والجمعة، قال دوج بانيستر، الرئيس التنفيذي لميناء دوفر البريطاني إن “دوفر مستعد بنسبة مئة بالمئة”، مضيفا أنّ “مديري العبارات جاهزون بنسبة مئة بالمئة… كاليه ودونكيرك جاهزتان بنسبة مئة بالمئة”.

وتمثّل تقديرات بانيستر دفعة لجهود الحكومة البريطانية لتصوير البلاد باعتبارها جاهزة لمواجهة احتمال الخروج من التكتّل الأوروبي بدون اتفاق، لاسيما بعد أن أرغم البرلمان البريطاني رئيس الوزراء على نشر تقرير بشأن “سيناريو الحالة الأسوأ” التي قد تتعرّض لها البلاد بعد الخروج من الاتحاد دون اتفاق.

5