هل حققت فايزر الاختراق وصنعت اللقاح المنقذ للعالم من كورونا

شركة صناعة الأدوية الأميركية فايزر تعلن عن نجاح لقاحها التجريبي في علاج مرض كوفيد – 19 بنسبة تصل إلى أكثر من 90 في المئة، وهو ما يمثل انتصارا كبيرا في المعركة ضد الوباء الذي أودى بحياة أكثر من مليون شخص وقلب أنماط الحياة اليومية رأسا على عقب.
باريس- قالت شركة صناعة الأدوية الأميركية فايزر الاثنين إن لقاحها التجريبي لعلاج مرض كوفيد – 19 فعال بأكثر من 90 في المئة، وهو ما يمثل انتصارا كبيرا في المعركة ضد الوباء الذي أودى بحياة أكثر من مليون شخص ودمر الاقتصاد العالمي وقلب أنماط الحياة اليومية رأسا على عقب.
وبحسب النتائج الأولية، فقد تحققت حماية المرضى بعد سبعة أيام من تلقي الجرعة الثانية و28 يوما من تلقي الجرعة الأولى. وتعد شركة فايزر وشريكتها، شركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية بيونتيك، أولى شركات الأدوية التي تنشر بيانات ناجحة من تجربة سريرية واسعة النطاق للقاح فايروس كورونا.
وبدأت بيونتيك في تطوير لقاح “BNT162b2” في إطار مشروع “سرعة الضوء” منذ منتصف يناير الماضي. وبدأت دراسة المرحلة الثالثة، التي تعتبر حاسمة للحصول على موافقة، في بلدان مختلفة في نهاية يوليو.
وتلقى أكثر من 43500 شخص حتى الآن واحدا على الأقل من التطعيمين اللذين يتم إعطاؤهما كل ثلاثة أسابيع. ووفقا للشركة، تتحقق فعالية التطعيم في الحماية عقب أسبوع واحد من الحقن الثاني.
وتعمل بيونتيك على ما يسمى بلقاح “RNA” ويحتوي على معلومات وراثية حول العامل الممرض، والذي ينتج منه الجسم بروتين فايروسي، في هذه الحالة البروتين السطحي الذي يستخدمه الفايروس لدخول الخلايا.
ويهدف التطعيم إلى تحفيز الجسم على إنتاج أجسام مضادة ضد هذا البروتين لاعتراض الفايروسات قبل دخولها إلى الخلايا وتكاثرها. وقالت الشركتان إنهما لم تجدا حتى الآن مخاوف خطيرة تتعلق بالسلامة، وتوقعتا الحصول هذا الشهر على تصريح أميركي لاستخدام اللقاح في حالات الطوارئ.
وإذا حصلتا على التصريح سيكون عدد الجرعات محدودا في البداية، ولا تزال أسئلة عديدة بلا أجوبة بما في ذلك الفترة التي يوفر فيها اللقاح حماية. ومع ذلك فإن الأخبار تتيح الأمل في أن لقاحات كوفيد – 19 الأخرى قيد التطوير قد تثبت فعاليتها هي أيضا.
وصرّح ألبير بورلا، رئيس ومدير عام شركة فايزر، في بيان أنه “بعد أكثر من ثمانية أشهر على بدء تفشي أسوأ وباء منذ أكثر من قرن، نعتقد أن هذه المرحلة تمثل خطوة مهمة إلى الأمام بالنسبة إلى العالم في معركتنا ضد كوفيد – 19”.
وأضاف “المجموعة الأولى من نتائج المرحلة الثالثة من تجربتنا للقاح ضد كوفيد – 19، أعطت الدليل الأوّلي على قدرة لقاحنا على الوقاية من كوفيد – 19”. وتوقعت الشركتان أنهما ستصنّعان ما يصل إلى 50 مليون جرعة من اللقاح في العالم في العام 2020 وحتى 1.3 مليار جرعة في العام 2021.
وازدادت في الأشهر الأخيرة وتيرة الأخبار المبشرة بنهاية المعركة ضد فايروس كورونا، بعد دخول عدة لقاحات المرحلة النهائية من التجارب السريرية. وأعلنت شركة في أستراليا، اعتزامها البدء في إنتاج لقاح ضد فايروس كورونا قريبا دون انتظار انتهاء المرحلة الثالثة من التجارب عليه.
وأوضحت شركة التكنولوجيا الحيوية العالمية “CSL”، اعتزامها البدء في إنتاج لقاح “Oxford-AstraZeneca” المضاد لكورونا في مختبر في مدينة ملبورن الأسترالية. وفي تصريحات أدلى بها إلى شبكة “ABC News” الإخبارية، قال الدكتور أندريه ناش، رئيس القسم العلمي في الشركة المذكورة، إن اللقاح الذي يعتزمون إنتاجه سيكون في متناول الجميع خلال فترة قصيرة، في حال حصلوا على نتائج إيجابية من التجارب السريرية. وأضاف أنهم سيطرحون اللقاح في الأسواق دون انتظار المصادقة على المرحلة الأخيرة منها.
ومن المتوقع أن تنتهي تجارب المرحلة الثالثة على اللقاح، بحلول نهاية العام الحالي. وكانت أستراليا قد أعلنت في وقت سابق إبرامها اتفاقا بقيمة 1.7 مليار دولار لشراء لقاح كورونا الذي تم تطويره بالشراكة بين شركة “AstraZeneca” (وهي شركة بريطانية سويدية) وجامعة أوكسفورد البريطانية.
وأوضحت الحكومة الأسترالية أن اللقاح سيكون متاحا للجميع في بدايات عام 2021 وسيتم توزيعه مجانا على الشعب. إلا أن الكثير من الخبراء مازالوا حذرين في التفاؤل، بشأن الحدث السار الذي يحمله التوصل إلى لقاح ضد فايروس كورونا والذي ينتظره العالم منذ عدة شهور.
وتساور البعض من العلماء شكوك حول مدى قدرة اللقاح الجديد على توفير حماية طويلة الأمد للأفراد، فقد سبق أن بينت بعض الأبحاث قدرة فايروس كورونا على إصابة نفس الشخص بعد مرور بضعة شهور على الإصابة الأولى.
وتسعى أكثر من 100 شركة وفريق بحثي حول العالم إلى تطوير لقاحات لمواجهة مرض كوفيد – 19، ومن بينها 17 لقاحا على الأقل تجري تجربتها حاليا على البشر لاختبار فعاليتها. وفي آخر مؤتمر صحافي عقدته منظمة الصحة العالمية، أحصت المنظمة 35 لقاحا مرشحا ويتمّ تقييمها من خلال تجارب سريرية على الإنسان في أنحاء العالم.
وباتت تسعة من بين هذه اللقاحات في المرحلة الأخيرة أو تستعدّ لأن تصبح في المرحلة الأخيرة، وهي “المرحلة الثالثة” التي يتمّ فيها تقييم فعالية اللقاح على صعيد واسع يشمل الآلاف من المتطوّعين. لكن مع ذلك تبدو مسألة عودة الحياة فجأة إلى سالف عهدها في الأشهر القليلة المقبلة أمرا غير مطروح في ظل وجود العديد من التحديات “الهائلة” في المستقبل.
وسبق أن استبعدت متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إمكانية توفير لقاح مضاد لفايروس كورونا على نطاق واسع قبل منتصف العام المقبل، وهو ما ينذر بطول أزمة الوباء التي أودت بحياة مئات الآلاف من البشر فيما أثرت بشدة على الاقتصاد العالمي.
وشددت المتحدثة مارغريت هاريس في تصريح صحافي، على أهمية إجراء اختبارات دقيقة للتأكد من نجاعة اللقاحات وسلامة استخدامها لأجل الوقاية من الفايروس الذي ظهر في الصين، أواخر العام الماضي. وقالت “هذه المرحلة الثالثة يجب أن تستغرق وقتا أطول لأننا نحتاج لمعرفة مدى الحماية الحقيقية التي يوفرها اللقاح، ونحتاج لأن نتأكد أيضا من كونه آمنا”.
وفي دول كثيرة في أنحاء العالم، تُسجَّل أعداد إصابات قياسية بفايروس كورونا المستجدّ، وتكتظ وحدات العناية المركزة في المستشفيات ولا يكفّ عدد الوفيات عن الارتفاع.
ولا تعكس الأرقام المسجلة في معظم الدول سوى جزء قليل من العدد الفعلي للإصابات، إذ لا تجري دول عدة فحوصا إلا للحالات الأكثر خطورة، فيما تعطي دول أخرى أولوية في إجراء الفحوص لتتبع مخالطي المصابين، تضاف إلى ذلك محدودية إمكانات الفحص لدى عدد من الدول الفقيرة.