هل تعترف نقابة الصحافيين في مصر أخيرا بصحافيي المواقع الإلكترونية

تزايد الحديث عن حصول محرري المواقع الإلكترونية على عضوية نقابة الصحافيين المصرية بعد فوز مرشح المعارضة خالد البلشي بمنصب نقيب الصحافيين، ما طرح تساؤلات حول اتخاذ إجراءات لضم فئة محرومة من عضوية النقابة لعدم وجود قانون ينظم دخول أصحابها.
القاهرة - وعد النقيب الجديد للصحافيين المصريين خالد البلشي بالسعي من أجل السماح لصحافيي المواقع الإلكترونية بالانضمام إلى النقابة، وقال إنه سيتحرك “لتكون الصحافة الإلكترونية طرفًا في نقابة الصحافيين، نظرًا لأنها السوق الصحافية الأوسع”.
وأوضح خالد البلشي في لقاء تلفزيوني مع برنامج “في المساء مع قصواء” الثلاثاء، والذي تقدمه الإعلامية قصواء الخلالي عبر فضائية “سي بي سي”، أن الصحافة الإلكترونية تطور مهني لا بد من إدراكه، وبالتالي إذا لم تكن الصحافة الإلكترونية طرفا في النقابة ستفقد الصحافة تطورها وقدرتها على مواكبة العصر.
وأنعشت هذه التصريحات آمال العاملين في المواقع الإلكترونية التي لا تملك نسخا ورقية، خاصة مع توالي المطالب بالاعتراف النقابي بهم طيلة السنوات الماضية، والتي كانت أشبه بلغم يتم تجاوزه كلما اعترض مجلس نقابة جديد تولى المهمة.
وشكلت خطوات اتخذها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، المسؤول عن تنظيم عمل وسائل الإعلام المختلفة، محاولة لوضع آليات لترخيص المواقع الإلكترونية والتهديد بغلق الكيانات غير المرخص لها.
وكانت تحركا يمكن أن يُفضي إلى انضمام المحررين إلى نقابة الصحافيين، مع سعي المواقع الكبيرة للحصول على تراخيص العمل خلال السنوات الثلاث الماضية.
ودفعت الخطوة نحو إعادة النظر في أوضاع الصحافيين ضمن المواقع التي تعمل وفقًا لآليات وضوابط الهيئات الإعلامية الرسمية، وحركت عملية جمود تقنين أوضاع الصحافيين أنفسهم بعد أن ظلت الرؤية السائدة لدى مجالس النقابات السابقة مقتصرة على الاعتراف بالعاملين في الصحف الورقية التي تراجع توزيعها وتأثيرها.
وتشير تقديرات مجلس نقابة الصحافيين إلى أن عددا من الصحف التي تقدمت للنقابة بطلب للحصول على “التكويد” أو الاعتراف الرسمي بأعضائها في النقابة لم يتجاوز عدد نسخها الموزعة أصابع اليد الواحدة، وبعضها لا يطبع سوى 500 نسخة، وتحول الأمر إلى إجراء شكلي والتفاف على قوانين تشترط وجود إصدار ورقي منتظم الصدور.
وتصطدم وعود البلشي بصعوبات عدة، لأن قبول الصحافيين بالمواقع الإلكترونية يتطلب إدخال تعديلات على قوانين النقابة أولا، وهو أمر ليس محل اتفاق بين أعضاء الجمعية العمومية وأعضاء مجلس النقابة الحالي. وثمة قناعة بأن تنقية جداول النقابة من المنضمين إليها، مع حديث البعض عن وجود مجاملات في العضوية، تبقى مهمة ملحة قبل ضم مئات الصحافيين الجدد مع محدودية موارد النقابة التي تمنح لأعضائها بدلا ماديا شهريا للتدريب والتكنولوجيا تصل قيمته إلى نحو مئة دولار.
وقال عضو مجلس نقابة الصحافيين المصرية محمد خراجة إن المجلس الجديد أمامه تحديات دقيقة وعليه أن يبدأ أولاً بالمشكلات التي تؤثر سلبًا على قدرة الصحافيين على القيام بأدوارهم، وفي مقدمتها الضغط لإقرار قانون تداول المعلومات، وهو مفتاح جوهري لاستعادة مكانة الصحافيين والنقابة في حال تلبية احتياجات الرأي العام من الأخبار والمعرفة والمعلومات، ثم إنهاء ملف الصحافيين المحبوسين، ما يهيئ الأجواء للمزيد من تحسين آليات العمل النقابي.
الوعود تصطدم بصعوبات عدة، لأن قبول الصحافيين بالمواقع الإلكترونية يتطلب إدخال تعديلات على قوانين النقابة أولا
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “تعديل قانون النقابة الذي يحمل رقم 76 لسنة 1970 يتطلب تحركات إيجابية كي لا يخسر الصحافيون المكتسبات التي حققوها من خلال هذا القانون، وعلى رأسها أن يكون تأديب الصحافي أو التحقيق معه من خلال نقابته المهنية وليس أي هيئة أو جهة إعلامية أخرى”.
ويعتبر محمد خراجة أن إدخال أي تعديلات من شأنها السماح بقبول صحافيي المواقع الإلكترونية يتطلب أولاً تنمية موارد النقابة في ظل الاعتماد الحالي على المساعدات الحكومية التي يتم توفيرها لزيادة المعاشات وبدل التدريب، وأن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الموارد المالية يسمح بضم أعداد كبيرة من صحافيي المواقع وتسهيل مهمة حصولهم على بدل التدريب والتكنولوجيا الذي يحصل عليه أعضاء النقابة شهريًا.
ومن المتوقع أن يتجه المجلس الجديد أولاً إلى تجديد المطالبات بالحصول على نسبة من الإعلانات المنشورة على المواقع الإلكترونية ونسبة من أرباح الإعلانات التي تحققها شركات الاتصالات المختلفة جراء نشرها على مواقع تنشر محتويات إخبارية.
وشدد خالد البلشي في تصريحات إعلامية عقب إعلانه عن فوزه على أهمية مراعاة الأزمة الكبيرة المتعلقة بلجنة القيد ولجان أخرى، قائلًا “أعتزم الانتقال إلى أزمات لها علاقة بفكرة القوانين الصادرة، والتي أشعرت الصحافيين عند تطبيقها بوجود خلل ما”، معرباً عن سعيه لإعادة الهيبة لمنتسبي النقابة كبيت لكل الصحافيين.
البعض من الصحافيين يرون أن السماح بانضمام العاملين في المواقع الإلكترونية إلى النقابة يمثل مشكلة مادية أكثر من كونها قانونية
ويرى البعض من الصحافيين أن السماح بانضمام العاملين في المواقع الإلكترونية إلى النقابة يمثل مشكلة مادية أكثر من كونها قانونية، ومجلس النقابة يمكن أن يتعامل مع المواقع التي قنّنت أوضاعها على أنها مؤسسات صحافية إلكترونية تقدم خدمات إخبارية وتنشر أخبارها بصفة منتظمة، خاصة أن قانون النقابة يشير إلى حصول الصحافيين على عضوية الاتحاد الاشتراكي الذي لم يعد موجوداً الآن ورغم ذلك لم تتوقف عملية القيد.
وقبل ثماني سنوات انطلقت حملة إلكترونية ضخمة ضمن هاشتاغ #أنا_صحافي_إلكتروني بهدف الضغط على نقيب الصحافيين الأسبق يحيى قلاش لضم صحافيي المواقع الإلكترونية إلى جداول النقابة، واتخذت زخمًا متصاعداً مع تأسيس عدد من النقابات الموازية من بينها “نقابة الصحافيين الإلكترونيين المستقلة” التي مارست ضغطاً لإشهارها رسميًا أو ضم أعضائها إلى النقابة، غير أن الفتاوى القضائية التي صدرت في العام 2019 بعدم شرعية النقابات المستقلة جمدت الحديث عن مستقبل العاملين في المواقع الإلكترونية.
وأوضح عضو لجنة استقلال الصحافة (حقوقية) بشير العدل أن قبول صحافيي المواقع الإلكترونية في النقابة يتطلب تقنين أوضاعهم داخل مواقعهم وأن الكثير من تلك المواقع، بما فيها التي حصلت على ترخيص من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لم تقم بتعيين العاملين فيها، ولا بد من وضع شروط التعيين بحيث لا يمضي على المتدرب عاما واحدا ثم بعد ذلك يمكن التفكير في إمكانية ضمه إلى النقابة.
وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “تعديل قوانين النقابة بحاجة إلى عقد اجتماع عام للجمعية العمومية ومناقشة الملفات المطروحة للتعديل، أبرزها شروط القيد، لكن الوضعية الراهنة تشير إلى أنه لم يتم طرح بدائل تتيح إمكانية ضم العاملين في المواقع الإلكترونية بما يتماشى مع ظروف النقابة، ويصعب الحديث عن قبولهم كمنتسبين لأنهم بالفعل يمارسون مهنة الصحافة”.
وأصبح القرار بحاجة إلى تفاوض جاد وقوي من جانب المجلس الحالي مع جهات حكومية تساهم في تقديم الدعم للنقابة، وأن جميع مساعي تعديلات قانون النقابة لم تكتمل، ما يضع المزيد من التحديات أمام المجلس الجديد الذي عليه القيام بمواءمات سياسية مع أجهزة الدولة المصرية.