هل ترفع إسرائيل التحفّظ على تطبيع العلاقات مع تركيا

بنيامين نتنياهو كان عقبة أمام التطبيع.. فماذا عن بينيت؟
الأربعاء 2021/07/14
رحل نتنياهو فاندفع أردوغان

مع تولي الحكومة الإسرائيلية الجديدة مهامها، سارعت تركيا إلى التعبير عن رغبتها في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، فيما يؤكد مسؤولون أتراك أن رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو لم يبد أي تجاوب مع دعوات التطبيع.

أنقرة - يعكس الاتصال الهاتفي النادر الذي أجراه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ هنّأه فيه على تولّيه منصبه الاثنين، الاندفاعة التركية لتطبيع العلاقات مع تل أبيب واستكشاف فرص تحقيقها سريعا في ظل حكومة إسرائيلية جديدة يبدو أنها تتجه إلى مغادرة التردد وأكثر حماسة من حكومة نتنياهو السابقة.

وأوضح أردوغان خلال الاتصال مع هرتسوغ أن تركيا وإسرائيل لديهما إمكانات كبيرة في مختلف المجالات لاسيما في الطاقة والسياحة والتكنولوجيا.

وأضاف أن المجتمع الدولي ينشد الوصول إلى حل دائم وشامل على أساس حل دولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في إطار قرارات الأمم المتحدة.

ولم يبد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق حماسة تذكر في التفاعل مع المساعي التركية لتطبيع العلاقات بل أبدى ترددا، إلا أن التبادل الاقتصادي بين الجانبين لم يتأثر رغم الخلافات المتفاقمة على عدة أصعدة.

وفي ظل حكومة إسرائيلية جديدة برئاسة نفتالي بينيت، يتوقع مراقبون أن تكلل مساعي تركيا بالنجاح وأن تغادر تل أبيب تحفظها مع رحيل نتنياهو.

وفي وقت سابق نقلت صحيفة يسرائيل هيوم عن مسؤول تركي لم تكشف اسمه، أن بلاده ترغب في إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل، لكن مشكلتها مع القيادة الإسرائيلية (حكومة نتنياهو).

وقال المسؤول التركي للصحيفة “نحن نرغب بعلاقات جيدة مع إسرائيل، كما أشار الرئيس رجب طيب أردوغان بوقت سابق، ومشكلتنا هي مع القيادة في إسرائيل. نحن نرغب باستئناف تطبيع العلاقات بعد إقامة الحكومة الجديدة”.

مسؤول تركي يؤكد رغبة بلاده في تطبيع العلاقات بعد تشكيل الحكومة الجديدة وأن المشكلة كانت مع القيادة السابقة

وأفادت الصحيفة الإسرائيلية بأن تركيا بعثت رسالة إلى إسرائيل، قبل العملية العسكرية الأخيرة على غزة، عبرت فيها عن استعدادها لإرسال سفير إلى تل أبيب مقابل التزام إسرائيل بإرسال سفير إلى أنقرة.

ويتردد اسم السفير التركي الشاب أوفوك أولوتاش (40 عاما) والذي يجيد اللغة العبرية لشغل هذا المنصب.

والمرشح أولوتاش من المعجبين بالرئيس التركي، ودرس سابقا في الجامعة العبرية في القدس. كما عمل رئيسا لمؤسسة SETA، وهي مؤسسة فكرية مؤيدة للحكومة، وكتب عددا من الأوراق البحثية عن السياسة في الشرق الأوسط والتاريخ اليهودي.

ويشير مراقبون إلى أن تطبيع تركيا لعلاقاتها مع إسرائيل بالتزامن مع بداية عهدة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن والذي يعتزم تشديد العقوبات على تركيا بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسي أس-400، سيمكّنها من المناورة وتجنب العقوبات وذلك عبر التقرب من تل أبيب حليفة الولايات المتحدة الاستراتيجية في المنطقة.

وكانت العلاقات بين إسرائيل وتركيا قد تأزمت عقب الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2008، لتتدهور وتصل إلى حدّ القطيعة أكثر عقب اعتراض البحرية الإسرائيلية “أسطول الحرية” في مايو 2012، حيث قتل الكوماندوز الإسرائيلي عشرة ناشطين أتراك.

وإثر ذلك طردت تركيا السفير الإسرائيلي وجمدت التعاون العسكري بعد أن خلص تقرير للأمم المتحدة في الحادث عام 2011 إلى تبرئة إسرائيل بدرجة كبيرة. وقلصت إسرائيل وتركيا تبادل المعلومات المخابراتية وألغتا تدريبات عسكرية مشتركة.

وفي عام 2016، عادت تركيا لتعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بعد ست سنوات من الشقاق، حيث أكد أردوغان في حينه حصول اتفاق مع إسرائيل وأن “العلاقات الاقتصادية معها ستبدأ في التحسن”.

وبعدها بعامين، عاد التوتر من جديد في العلاقات بين البلدين، بسبب الموقف التركي من العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، لتصبح العلاقات الدبلوماسية بينهما على مستوى القائم بالأعمال.

Thumbnail

وتأتي القضية الفلسطينية على رأس الخلافات بين أنقرة وتل أبيب، حيث وصف أردوغان إسرائيل خلال عملياتها الأخيرة في قطاع غزة بـ”دولة الإرهاب”، لكن مراقبين اعتبروا تصريحاته مجرد تسجيل موقف وخدمة لصورته كـ”حام للمسلمين” لا أكثر.

ويقول سنان أولجن رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في إسطنبول إن “التصعيد والتوتر في القدس الشرقية اندلع في الوقت السيء بالنسبة إلى تركيا”.

ويعتقد أولجن والعديد من المراقبين أن الحكومة التركية كانت ترمي إلى لعب دور وساطة بين إسرائيل والفلسطينيين إذ جرت في الماضي مباحثات منتظمة مع الكنيست وكذلك مع القيادة الفلسطينية.

وتبقى العلاقات التركية – الإسرائيلية مستندة إلى شبكة عميقة وواسعة من المصالح المتبادلة، ومن الصعب أن تهزها تصريحات إعلامية وتوترات فوق السطح، وخاصة أن هذه التوترات مرتبطة بشخصين اثنين هما نتنياهو وأردوغان.

ومنذ سنوات طويلة تسير العلاقات التركية – الإسرائيلية على مبدأ فصل الاقتصاد عن السياسة، في معادلة تثبت أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك ربط بين التصريحات السياسية بشتى أصنافها اللاذعة أو السلسلة مع حجم التبادل التجاري بين دولتين معينتين.

وتؤكد البيانات الرسمية الصادرة عن معهد الإحصاء والبنك المركزي التركي أن العلاقات الاقتصادية وحجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل لم ينقطعا، بل على العكس يزدادان، ويقابلهما أيضا تصاعد في حجم الاستثمارات المباشرة المتبادلة بين البلدين.

وفي عام 2020 صدّرت تركيا ما قيمته 4.7 مليار دولار إلى إسرائيل. وبهذا الرقم احتلت الأخيرة المرتبة التاسعة بين الدول التي تصدر لها تركيا أكثر من غيرها.

وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021 ارتفعت صادرات تركيا إلى إسرائيل إلى مليار و851 مليون دولار، بزيادة قدرها 35 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأصبحت إسرائيل الدولة الثامنة لصادرات تركيا في هذه الفترة.

وقبل عشر سنوات بلغت صادرات تركيا إلى إسرائيل 2.4 مليار دولار، واحتلت إسرائيل المرتبة 17 في صادرات تركيا.

وبحسب الأرقام فقد بلغ حجم التجارة الخارجية بين تركيا وإسرائيل عام 2020، 6.2 مليار دولار.

وفي إجمالي واردات إسرائيل لعام 2020، فقد احتلت تركيا المرتبة الرابعة بنسبة 6.2 في المئة بعد الصين والولايات المتحدة وألمانيا.

5