هل تتدفق الأموال الإماراتية إلى وادي السيلكون الإسرائيلي

حركت اتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل سيلا من التساؤلات بشأن ما إذا بالإمكان ضخ أموال من البلد الخليجي إلى قطاع التكنولوجيا في وادي السيليكون الإسرائيلي، لاسيما وأن الصناديق الاستثمارية الإماراتية متعطشة لتوسيع محفظة أعمالها في تقنيات المستقبل.
دبي/القدس- يفتح اتفاق لإقامة علاقات اقتصادية وتجارية ودبلوماسية بين الإمارات وإسرائيل الباب أمام توقعات المحللين بتدفق الأموال على وادي السيليكون الإسرائيلي رغم وجود عوائق تعترض ذلك المسار.
ويرى إلداد تامير مؤسس شركة تامير فيشمان للاستثمار إحدى كبريات شركات الاستثمار في إسرائيل ورئيسها التنفيذي أن “الإمارات لديها أموال فائضة لكن لا توجد أماكن كافية لاستثمارها في الشرق الأوسط”.
وأضاف “قطاع التكنولوجيا المتقدمة هنا متعطش للأموال وسيساعدنا وجود مستثمرين جدد من الإمارات في التنويع قليلا بدلا من الاعتماد على المستثمرين الصينيين والأميركيين الذين اعتدنا عليهم”.
ورجح محللون أن يركز التعاون بين الطرفين في حال تم إبرام الاتفاقية بشكل رسمي على مجالات تتعلق بالتكنولوجيا والشركات الناشئة وتقنيات الزراعة وتحلية المياه.
وتستند الاستراتيجيات الاقتصادية المشتركة للإمارات وإسرائيل بشكل أساسي إلى قطاعات الخدمات والتكنولوجيا المتقدمة والابتكار، لكن كلا الاقتصادين تعرضا لضربات مؤلمة خلال مرحلة تفشي فايروس كورونا المستجد.
ويشكل قطاع التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل أكثر من 40 في المئة من صادراتها، بحسب وزارة الاقتصاد، لذلك تطلق على نفسها اسم “أمّ الشركات الناشئة”. وفي الإمارات، تعتبر دبي خصوصا إحدى أبرز المدن العربية والعالمية استقطابا لهذه الشركات بفضل البيئة الحاضنة والدعم الحكومي لها.
وتشير تقارير إلى أن أكثر من 35 في المئة من الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمركز في الإمارات وحدها. وبموازاة ذلك، تسعى الإمارات لأن تكون قوة في مجال التكنولوجيا عبر دعمها للعديد من المشاريع والاستثمارات في هذا القطاع الرئيسي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي.
غير أن مصرفيين في بنوك استثمارية ومديري صناديق في الإمارات مركز المال والأعمال في الشرق الأوسط قالوا إن العداء المتأصل تجاه إسرائيل بين بعض المستثمرين قد يحد من التدفقات المالية.
ونسبت وكالة رويترز إلى مستثمر في الإمارات، طلب عدم نشر اسمه، قوله إن “الشق العاطفي أشبه بكل تأكيد بركوب القطار الأفعواني وسيستغرق التغلب عليه وقتا طويلا”.
وفي الوقت الحالي يستبعد مستثمرو الإمارات إسرائيل عند الاستثمار في مؤشرات الأسهم العالمية أو الإقليمية، لكن نيل كورني رئيس بنك سيتي في إسرائيل قال إن “من المنتظر أن يتغير ذلك في ضوء الاتفاق الذي تم التوصل إليه هذا الشهر لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية”.
وأشار إلى أنه “إذا كان مديرو الأصول يتتبعون مؤشرا عالميا ما، ستحصل إسرائيل على وزنها المناسب أو النسبي من تلك الاستثمارات”. وقال اثنان من مديري الصناديق إن صناديق الاستثمار الإقليمية، والكثير منها يعمل انطلاقا من الإمارات، قد لا تحصل على الضوء الأخضر للاستثمار في إسرائيل إذا كان المستثمرون فيها من دول عربية لا تعترف بإسرائيل.
وكان الاتفاق، الذي أصبحت الإمارات بمقتضاه ثالث دولة عربية تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل بعد مصر والأردن، قد أثار استياء في بعض أنحاء الشرق الأوسط رغم الترحيب المشوب بالحذر، الذي أبداه بعض حلفاء الإمارات في منطقة الخليج.
ومع ركود اقتصاد الإمارات وقطاع العقارات بسبب فايروس كورونا تمثل إسرائيل بقطاع التكنولوجيا القوي فيها بديلا استثماريا مغريا. وقال كورني إن “الأكثر ترجيحا أنك ستشهد استثمار أموال الإمارات في التكنولوجيا الإسرائيلية أكثر من أي شيء آخر“. وأضاف “أنا واثق أن الشركات الإسرائيلية ستتطلع إلى السعي لجذب الاستثمارات من الإمارات لاسيما في قطاع الطاقة”.
ويمثل قطاعا الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات، اللذان ازدهرا خلال جائحة فايروس كورونا العالمية، حوالي 36 في المئة من سوق الأسهم الإسرائيلية. وارتفع مؤشر التكنولوجيا في بورصة تل أبيب 32 في المئة ومؤشر شركات الأدوية 27 في المئة منذ بداية العام بالمقارنة مع انخفاض مؤشر الشركات القيادية 16 في المئة.
أما مؤشر سوق دبي الرئيسي فقد انخفض قرابة 18 في المئة منذ بداية العام كما تراجع مؤشر سوق أبوظبي 11 في المئة. وأصبح قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي الذي يضم الآلاف من الشركات الناشئة محور استقطاب للمستثمرين حتى خلال الجائحة.
وارتفع حجم تمويلات رأس المال المخاطر بأكثر من الثلث إلى 5.25 مليار دولار في النصف الأول من 2020 مقارنة بما كان عليه في النصف الأول من 2019 وفقا لبيانات مركز إسرائيل لأبحاث رأس المال المغامر وشركة زاج للمحاماة.
وتقدمت شركة جيه فروج الإسرائيلية للبرمجيات الاثنين الماضي، بطلب لطرح أسهم في سوق ناسداك الأميركية بما يصل إلى 100 مليون دولار، في حين جمعت شركة نانوكس للتصوير الطبي في الأسبوع الماضي 165 مليون دولار في سوق ناسداك.
ويعتبر التعاون في مجال تقنيات الزراعة عنصرا مهما، فقد صدرت إسرائيل في عام 2016 ما قيمته 9.1 مليار دولار من منتجات التكنولوجيا الزراعية، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الزراعة الإسرائيلية.
صناديق استثمار إقليمية قد تتردد في التعامل مع إسرائيل إذا كان المستثمرون فيها من دول عربية لا تعترف بتل أبيب
وفي الإمارات، هناك توجه للتركيز على أسلوب الزراعة الذكية لتجاوز التحديات التي تواجه القطاع بالبلاد، ومنها الحرارة الشديدة وقلة الأراضي الصالحة للزراعة بالإضافة إلى شح المياه.
وتعد شركة مبادلة الاستثمارية التابعة لأبوظبي، التي تدير أصولا قيمتها نحو 230 مليار دولار، من كبار المستثمرين في التكنولوجيا. ونشر إبراهيم عجمي رئيس وحدة الاستثمارات في الشركات الناشئة في مبادلة تغريدة عقب إعلان الاتفاق مع إسرائيل وصف فيها هذا التطور بأنه “يوم عظيم للإنسانية وللجميع في مجال التكنولوجيا”.
ولمبادلة انكشاف غير مباشر على شركات يساندها مستثمرون إسرائيليون مثل شركة ليمونيد للتأمين عبر الإنترنت من خلال استثماراتها في صندوق رؤية التابع لسوفت بنك والذي تبلغ استثماراته 100 مليار دولار.
ويستثمر جهاز أبوظبي للاستثمار، أكبر صندوق استثمار حكومي في الإمارة، في قطاع التكنولوجيا في مختلف فئات الأصول ويستهدف الشركات الناشئة من خلال فريق الاستثمار المباشر التابع له. وقد امتنع الجهاز، الذي تبلغ استثماراته 700 مليار دولار، عن التعليق أيضا.
وقبل إمكان تدفق أي أموال بين البلدين يتعين على الإمارات إلغاء قواعد تفرض على بنوكها مراقبة التعاملات ومنعها إذا كان المستفيد مقيما في إسرائيل. وقال مصرفيون لرويترز إن الحكومة لم تصدر حتى الآن توجيهات للمؤسسات المالية تسمح لها بالتواصل مع المؤسسات المناظرة لها في إسرائيل والتعامل معها.