هل انتصرت واشنطن لغني في معركته مع عبدالله على رئاسة أفغانستان

الصراع على السلطة بين الرئيس أشرف غني وخصمه عبدالله عبدالله يعزز المخاوف حيال الديمقراطية الهشة في أفغانستان في ظل استعداد أميركا للانسحاب من البلاد.
الثلاثاء 2020/03/10
أشرف غني يتباهى بانتصاره

كابول- نظم الاثنين عبدالله عبدالله وأشرف غني، الخصمان السياسيان اللدودان في أفغانستان، احتفالي تنصيب كرئيسين للبلاد.

وحضر المبعوث الأميركي الخاص في أفغانستان زلماي خليل زادا حفل تنصيب غني في خطوة يرى مراقبون أنها تشير إلى اعتراف أميركي بسلطة أشرف غني خاصة أن خليل زادا تجاهل على ما يبدو دعوة من عبدالله.

وتعمّق خلافات الرجلين الأزمة السياسية في البلد الآسيوي خاصة أن هناك عدوا مشتركا لدى الطرفين يتربص بأمن أفغانستان وهو داعش الذي تبنى هجوما صاروخيا استهدف حفل غني.

ويعزز الصراع على السلطة بين الرئيس أشرف غني ورئيس السلطة التنفيذية الأسبق عبدالله عبدالله المخاوف حيال الديمقراطية الهشة في أفغانستان. وتزداد المخاوف مع استعداد الولايات المتحدة للانسحاب من البلاد عقب اتفاق أبرمته الشهر الماضي مع طالبان التي تبدو في وضع قوي وصفوفها موحّدة.

وجرت انتخابات في سبتمبر لكن لم يتم الإعلان عن فوز غني بولاية ثانية إلا الشهر الماضي بعدما تم إرجاء إعلان النتيجة مرارا وسط اتهامات بتزوير الانتخابات. وأثار الإعلان ردا غاضبا من عبدالله الذي تعهّد بتشكيل حكومته الموازية.

خبراء يرجحون أن يؤثر النزاع الداخلي على الحكومة التي تواجه ضغوطا في الوقت الحالي بعدما استُثنيت من مفاوضات الدوحة التي تم خلالها التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطالبان

والاثنين وصل غني، الذي ارتدى الزي الأفغاني التقليدي وعمامة بيضاء اللون، إلى القصر الرئاسي ليؤدي اليمين محاطا بأنصاره إلى جانب شخصيات سياسية بارزة ودبلوماسيين وكبار المسؤولين الأجانب بمن فيهم المبعوث الأميركي للبلاد زلماي خليل زاد.

وقبل دقائق وفي جزء آخر من مجمّع القصر الرئاسي الواسع، نصّب عبدالله الذي حضر ببزة رسمية نفسه رئيسا متعهّدا “بحماية الاستقلال والسيادة الوطنية وسلامة الأراضي” في أفغانستان.

وفجأة، دوّى صوت انفجارين بينما كان المئات يحضرون حفل تنصيب غني، ما دفع عددا منهم إلى الفرار. ولكن غني قال وسط أجراس الإنذار لمن لزموا مكانهم “لا أرتدي سترة واقية من الرصاص، بل قميصي فقط، سأبقى ولو كان علي التضحية بنفسي”.

وفر العديد ممن كانوا يحضرون الحفل قبل أن يعود بعضهم إلى مقاعدهم بعد رفض غني مغادرة المنصة حيث كان يلقي خطابا وسط تصفيق حار. وبدأ صبر المجتمع الدولي والشعب الأفغاني على حد سواء ينفد جرّاء الصراع على السلطة بين السياسيين، بينما حذّرت واشنطن في وقت سابق من أن هذه السجالات تشكّل تهديدا للاتفاق بشأن سحب القوات الأميركية، والذي ينص على وجوب عقد طالبان محادثات مع كابول.

ومن شأن الانقسامات التي تزداد حدّتها بين السياسيين الأفغان أن تقوّي شوكة المتمردين في المفاوضات المنصوص عليها. وأثار الخلاف بين غني وخصمه قلق العديد من الأفغان بشأن مستقبل بلدهم.

وقال أحمد جاويد (22 عاما) “لا يمكن أن يكون هناك رئيسان في بلد واحد”، داعيا إياهما إلى “تنحية مصالحهما الشخصية جانبا والتفكير فقط في بلدهما بدلا من الصراع على السلطة”. وأكد أنه “بدلا من إقامة مراسم لأداء القسم، عليهما التحدّث إلى بعضهما البعض لإيجاد حل”.

ولم يظهر الأفغان حماسة لأي من عبدالله أو غني أو العملية الانتخابية برمّتها. وتجاهل الكثير منهم التصويت في انتخابات العام الماضي الباهتة التي لم يطرح المرشحون خلالها الكثير من الأفكار أو المشاريع السياسية.

وتعاني البلاد من ارتفاع معدّل البطالة إذ يواجه خريجو الجامعات، على غرار جاويد، صعوبات كبيرة في الحصول على وظائف بينما تواصل العنفُ على مدى الفترات الماضية، باستثناء فترة الهدنة الجزئية التي استمرت أسبوعا وسبقت الاتفاق بين طالبان والولايات المتحدة.

وفي هجوم كان الأكثر دموية في أفغانستان منذ أسابيع، قتل مسلّحون من تنظيم الدولة الإسلامية 32 شخصا وجرحوا العشرات خلال تجمّع سياسي في كابول الجمعة. والاثنين أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم الصاروخي الذي استهدف مراسم تنصيب الرئيس أشرف غني في كابول، ولكن لم يقدم التنظيم دليلا على زعمه.

عبدالله عبدالله  تعهّد بتشكيل حكومته الموازية
عبدالله عبدالله  تعهّد بتشكيل حكومته الموازية

ومن جهتها، كثّفت حركة طالبان  المتطرفة التي اعتبرت العملية الانتخابية “زائفة ومدارة من الخارج” هجماتها ضد القوات الأفغانية والمدنيين. وقال المتحدّث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد لفرانس برس إن تنظيم حفلي تنصيب رئاسي متوازيين يعكس أن “لا شيء أهم بالنسبة إلى العبيد من مصالحهم الخاصة”.

وجرى الحفلان في ظل إجراءات أمنية مشددة إذ تم إغلاق شوارع وأقيمت عدة نقاط تفتيش في كابول قبل ساعات على تنصيب غني وخصمه.

ويرجّح خبراء أن يؤثر النزاع الداخلي على الحكومة التي تواجه ضغوطا في الوقت الحالي بعدما استُثنيت من مفاوضات الدوحة التي تم خلالها التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطالبان.

وينصّ الاتفاق الذي تم توقيعه في قطر على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهرا مقابل تقديم طالبان التزامات أمنية عدّة والتعهّد بعقد محادثات مع كابول.

وأفاد المحلل السياسي عطا نوري بأن السجال “سيؤثّر بشدّة على موقف الحكومة في المحادثات الأفغانية الداخلية المقبلة”. وقال عطا نوري إن “الوحدة هي الطريقة الوحيدة للمضي قدما إذا كانوا يرغبون في الفوز على طاولة المفاوضات”.

5