هجوم كركوك المباغت يؤكد أن إخراج داعش من المدن لم يقض على التنظيم

العراق يعيد رسم الخطط لمواجهة التكتيكات الجديدة للتنظيم الإرهابي.
الثلاثاء 2021/09/07
وجع أسر الضحايا

بغداد - كشفت العملية المباغتة لتنظيم داعش على القوات الأمنية في محافظتي كركوك وصلاح الدين شمال العراق والتي أودت بحياة 15 من عناصر القوات الأمنية، ان خلايا التنظيم الارهابي مازالت تتحرك بتوقيتات تختارها.

ومثلت العمليتين المباغتتين صدمة أمنية لكبار القادة العسكريين العراقيين، فضلا عن اختيارها محافظة كركوك التي لازالت موضع خلاف دستوري بين حكومة بغداد وأقاليم كردستان.

ودفعت العملية القوات الأمنية العراقية الى الإعلان عن إعادة تنظيم خططها الأمنية لمواجهة التكتيكات المتغيرة للتنظيم الإرهابي.

وأعلنت السلطات العراقية، الإثنين، إطلاق عملية أمنية مشتركة بين الجيش والشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي، لملاحقة عناصر التنظيم في محافظتي ديالى وصلاح الدين.

وذكرت في بيان رسمي أن “العملية انطلقت بأسناد جوي من مروحيات الجيش العراقي”.

وكانت قوات الشرطة الاتحادية قد اشتبكت مع عناصر داعش في قاطع ناحية الرشاد بمحافظة كركوك، بعد ان شن التنظيم هجوما بأعداد كبيرة، في ساعة متأخرة من مساء السبت، على نقطة لقوات الشرطة الاتحادية في قرية تل سطيح.

وقال مصدر أمني عراقي إنّ “قوات الشرطة تصدت للهجوم لمدة ساعتين، لكن عدم وصول إمدادات بسبب تفخيخ الطريق الواصل إلى الموقع أدى إلى سقوط عدد من المقاتلين وإصابة آخرين”.

وتشترك الحدود الإدارية لمحافظة كركوك مع محافظات ديالى وصلاح الدين وأربيل والموصل، الامر الذي يجعلها ميدانا مفتوحا لعناصر التنظيم الإرهابي. فضلا عن طبيعة الأرض والأماكن التي يمكن أن يختفي فيها مقاتلو داعش، مما أبقاها ميدانا نموذجيا للعمليات.

لم ينته الأمر بعد
لم ينته الأمر بعد

وأعلنت بغداد، أواخر عام 2017، الانتصار على داعش باستعادة الأراضي التي اجتاحها التنظيم صيف 2014، وتُقدر بثلث مساحة البلاد، لكن التنظيم ما زال يحتفظ بخلايا في مناطق واسعة من العراق، ويشن هجمات دموية من حين إلى آخر.

ويجمع خبراء عسكريون عراقيون على ان القوات العراقية والتحالف الدولي نجحا في إخراج داعش من المدن، لكن ذلك لم يكن كافيا للقضاء على التنظيم.

وتساعد الطبيعة الجغرافية التي تتواجد بها خلايا داعش، وتمتد على مساحات شاسعة من صحراء الأنبار وصلاح الدين والموصل حتى ديالى. على تحركات يصعب رصدها ومواجهتها من قبل القوات العراقية.

وتخدم طبيعة تلك المساحات الجغرافية الواسعة، عمل المجاميع المسلحة التي تعتمد على حرب العصابات والهجمات الخاطفة.

وتجعل طبيعة الأراضي التي يستخدمها التنظيم المتطرف ومعرفته بالمداخل والمخارج الطبيعية والصناعية التي قام بأنشائها أكثر قدرة ومرونة في إدارة المعركة.

ويرى الخبراء العسكريون انه لا يمكن بأي حال من الأحوال مكافحة داعش أو شبيهاتها من المجاميع المسلحة التي تعتمد حرب العصابات، بتقنيات الجيوش التقليدية والطيران والقصف المدفعي ونشر قطاعات منظمة عسكريا.

Thumbnail

ويعزون ذلك الى ان حرب العصابات يقرر فيها الشخص المنتمي لهذه المجاميع المسلحة بدء العملية ونوعها ومكانها وتوقيتها وآلياتها، مقابل قطعة عسكرية كاملة مركزة ومنتبهة لتنفيذ الواجبات طوال أربعة وعشرين ساعة باليوم الواحد.

ويطالبون بكسب ثقة المجتمعات السكانية من قبل الحكومة العراقية والقوات الأمنية كوسيلة ناجعة للقضاء على مثل هذه العناصر الموزعة في أطراف وضواحي المدن.

الا ان المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي، أكد ان الأجهزة الاستخبارية تمتلك معلومات متكاملة عن عناصر تنظيم داعش في البلاد.

وقال الخفاجي إن هجوم كركوك، دليل على وجود من يدعم ويأوي التنظيم وهو ما يسمى الحواضن.

وأضاف أن “عناصر تنظيم داعش المتواجدين حالياً في العراق محليون، وليسوا أجانب، وهؤلاء لديهم حواضن، وقاعدة بيانات الأجهزة الاستخبارية تؤكد ذلك، ونحتاج إلى تفعيل الجهد الاستخباري في مناطق تواجد عناصر التنظيم”.

وعبر المحلل السياسي العراقي المستقل جبار المشهداني عن اعتقاده بان القوات العسكرية المنظمة لا تنجح على الاغلب في معارك العصابات.

وقال المشهداني في تصريح لـ “العرب” “حرب العصابات لا يمكن لأي قوة مسلحة منظمة رسمية او شعبية ان تحقق انتصارا فعليا فيها، دون بيئة اجتماعية متعاطفة وساندة ومؤمنة بضرورة الخلاص من التنظيم المسلح المتطرف او الخارج عن القانون”.

وأضاف “تعمل هذه البيئة على تزويد السلطات بالمعلومات الاستخبارية الدقيقة ونقل تفاصيل حركة العدو وهذا ما لم تنجح في تحقيقه الحكومات المتعاقبة التي تصر وعبر إعلامها على التشكيك بولاء سكان هذه المناطق، بل وتعييرهم على طريقة (نحن حمينا اعراضكم)”.

وعبر المشهداني عن اعتقاده بان الطريقة الوحيدة للقضاء على هذا النوع من العصابات المسلحة وقتال داعش وأمثال داعش هو المصالحة المجتمعية، عبر طمأنة المجتمعات المتواجدة فيها المجاميع وجعل أهل الأرض يمسكون الأرض.

وقال “بغير ذلك لو تأتي بأكبر من الجيش العراقي فلا تنجح، ليس العيب في الجيش العراقي، ولكن هذا النوع من الحروب يحتاج معلومة استخبارية، وبيئة محلية متفقة مع السلطات في الهدف، ولكن أن تشكك بولائهم وتشكك بانتمائهم وتعاملهم مواطنين درجة خامسة، هذا لا يمكن فيه الحصول على تعاونهم أو تعاطفهم”.

3