هاجر كريكع لـ"العرب": أحاول التنويع في أدواري مع الالتزام بخطوطي الحمراء

الرباط - كشفت الفنانة هاجر كريكع في حوار مع صحيفة “العرب” أن دورها في فيلم “الثلث الخالي” للمخرج فوزي بنسعيدي الذي عُرض في المهرجان الوطني للفيلم في دورته الـ24 ومهرجان كان الدولي، كان من أصعب الأدوار التي أدتها وأكثرها أهمية، معتبرة هذا الدور فرصة كبيرة لإيصال رسائل تعكس واقع الحياة اليومية للمشاهد المغربي، ومؤكدة أن نجاح الفيلم يعتمد على تكامل فريق العمل وتضافر جهود المجموعة بأكملها.

و”الثلث الخالي” هو الفيلم الروائي السادس للمخرج المغربي فوزي بنسعيدي ويعيد فيه إحياء نقاشات حول تآكل الفردانية بأسلوب مستوحى من روح أفلام الويسترن. وقُدم لأول مرة في مهرجان كان عام 2023 ضمن قسم أسبوعي المخرجين، حيث أثار إعجاب النقاد والمشاهدين، واستمر نجاحه بعرضه في الدورة العشرين لمهرجان مراكش ضمن العروض الاحتفالية، ليحصد إشادة واسعة وتقديرًا عميقًا لمستواه الفني والفكري.

ويعكس الفيلم الذي استفاد من جوائز الأطلس للتوزيع، نضج تجربة بنسعيدي وجرأته في معالجة قضايا إنسانية عميقة بأسلوب بصري ومضموني يضعه في مصاف أهم المخرجين العرب على الساحة العالمية. ويتناول الفيلم قصة مهدي وحميد، وهما صديقان يعملان لدى وكالة لتحصيل الديون في الدار البيضاء. يتم إيفادهما إلى قرى نائية في الجنوب المغربي، حيث يتيهان بين عائلات تعجز عن التسديد ولقاءات غير متوقعة. ولعبت بطولة الفيلم هاجر كريكع إلى جانب كل من فهد بنشمسي وعبدالهادي طالب ومحمد الشوبي وربيع بنجحيل ونزهة رحيل وفوزي بنسعيدي ومحمد خيي وزهور السليماني وعبدالغني الصناك.

و في حوارها مع “العرب” اختارت هاجر  العودة إلى بدايتها لتتذكر تجاربها مع فرقة أفروديت المسرحية، التي مكنتها من الحصول على ثلاث جوائز مهمة: الأولى عام 2006 عن أدائها في مسرحية “نوستالجيا” من إخراج رضا العبدلاوي وعبدالمجيد الهواس خلال المهرجان الوطني بمكناس، والتي كانت مشروع تخرجها من المعهد العالي للمسرح والتنشيط الثقافي، والثانية عام 2008 عن مسرحية “حديقة معلقة”، من إخراج عبدالمجيد الهواس والنص المسرحي ليوسف فاضل، أما الجائزة الثالثة عام 2013 عن مسرحية “الدموع بالكحول” للمؤلف عصام اليوسي وإخراج أسماء هوري في المهرجان الوطني للمسرح بمكناس.

وقالت الفنانة إن هذه الجوائز منحتها حافزًا كبيرًا للعمل على تطوير نفسها والسعي نحو الإبداع والتجديد. أما في ما يتعلق باختيارها للأدوار في مسلسلات وأفلام مثل “حرير الصابرة” و”فرحة مؤقتة”، فأوضحت كريكع أنها تنطلق في اختياراتها من القصة ككل، مركزة على مساحة شخصيتها ومدى تأثيرها في القصة، وأضافت أنها تضع خطوطًا حمراء لا تسمح لنفسها بتجاوزها، لكنها تسعى دائمًا إلى اختيار أدوار مختلفة تضيف شيئًا جديدًا لمسيرتها الفنية.

وأشارت الممثلة المغربية إلى أن مسلسل “بنت بلادي” كان محطة بارزة في مسيرتها الفنية، حيث وصفته بأنه من أقرب الأعمال إلى قلبها لأنه أول تجربة درامية لها بعد التخرج، وأوضحت أن مشاركتها في هذا العمل لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت بعد أن أدائها في مسرحية “قصة حب” للمخرج فوزي بنسعيدي، ما دفع الراحلين سعدالله عزيز وخديجة أسد لاختيارها لمسلسل “بنت بلادي”، مؤكدة أن المسلسل تناول قضايا المرأة المغربية وأبرز قوتها وصمودها ونضالها لتحقيق أحلامها، وأن شخصيتها كصحفية شابة في المسلسل عكست نموذجًا مهما للمرأة المغربية الطموحة والمكافحة.

أما عن تجربتها في فيلم “الثلث الخالي” عام 2023، فقد وصفتها بأنها مختلفة تمامًا عن تجاربها التلفزيونية، مشيرة إلى أن الفيلم الذي شارك في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته الـ24، منحها فرصة نادرة لتجسيد دور شقيقتين توأم، مشددة على أن ظروف العمل في السينما تختلف كليًا عن التلفزيون، حيث أتاحت لها التجربة مساحة حرة للعمل في أجواء فنية وتقنية متكاملة، بعيدا عن القيود الزمنية التي تفرضها الأعمال التلفزيونية.

وتحدثت الفنانة كريكع عن التحدي الأكبر الذي واجهته أثناء تصوير مسلسل “شهادة ميلاد” بجزأيه الأول والثاني، مشيرة إلى أن العمل على مسلسل من 60 حلقة كان تجربة جديدة تطلبت منها مجهودًا خاصًا لمواكبة تطور شخصية سعيدة، وأوضحت أنها عملت على الحفاظ على إيقاع الشخصية مع تسارع الأحداث والمواقف المختلفة، مع تجنب التكرار أو التناقض في الأداء، كما ذكرت أن تنوع أماكن التصوير أضاف تحديًا آخر، إلا أن التحدي الأكبر بالنسبة لها كان الحفاظ على روح الشخصية طوال 60 حلقة، وهو ما اعتبرته تجربة ممتعة ومثرية.

أما عن دورها في فيلم “خفة الرجل”، فكشفت الممثلة المغربية أن الدور كان يعتمد على كوميديا الموقف، حيث لم تكن الشخصية كوميدية بحد ذاتها، بل كانت المواقف التي تواجهها هي مصدر الكوميديا، وعبّرت عن إعجابها بهذا النوع من الأدوار، مؤكدة أنها استمتعت بالعمل على الدور الذي تطلب منها الإيمان الكامل بالشخصية التي جسدتها، ما ساعدها على تقديمها بمصداقية نالت استحسان الجمهور، كما أشارت إلى رغبتها في المشاركة بمزيد من الأعمال التي تعتمد على كوميديا الموقف.

وترى الفنانة هاجر كريكع أن الدراما المغربية شهدت تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث أصبح هناك تنوع في المواضيع التي تعكس ما يعيشه المجتمع المغربي، وأكدت لـ”العرب” أن هناك توجهًا واضحًا نحو تقديم قصص واقعية تناقش هموم المجتمع، مشيرة إلى أن التلفزيون المغربي بات يميل بشكل ملحوظ إلى هذا النوع من الأعمال، حيث لا يمكن للتلفزيون أن ينجح دون أن يعكس بصدق قضايا الناس ومعاناتهم.

أما عن مشاريعها المستقبلية فقد نوهت هاجر بأنها تعمل حاليًا على الترويج لمسرحيتين، الأولى بعنوان “الخلا والقيفار” من إخراج عادل أبا تراب، والثانية “تكنزا” من إخراج أمين ناسور. كما ذكرت أنها لم تشارك في المسرح هذا العام لكونها عضوًا في لجنة الدعم المسرحي ودعم جولات الفرق الوطنية، وأضافت أنها انتهت مؤخرًا من تصوير فيلم سينمائي بعنوان “وقت سيء” من إخراج معدان الغزواني، معربة عن أملها في أن يعرض قريبًا في قاعات السينما وينال إعجاب الجمهور.

وتألقت هاجر كريكع في العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية التي تميزت بتنوع أدوارها وثراء شخصياتها، فقدمت أدوارًا بارزة في مسلسلات مثل “فرحة مؤقتة” و”حرير الصابرة”  الذي جسدت فيه شخصية زهراء، إلى جانب مشاركتها في فيلم “الثلث الخالي”، كما تألقت في مسلسل “حديدان وبنت الحراز”، ولعبت دور سعيدة في الجزأين الأول والثاني من مسلسل “شهادة ميلاد”، وظهرت أيضًا في أعمال مثل “قضية العمر” و”المدني”، بينما أدت دور كلثوم في فيلم “خفة الرجل”، بالإضافة إلى مشاركاتها في أفلام مثل “ماكانش على البال”  و”صمت الذاكرة”. كما برزت في مسلسل “صدى الجدران” بدور أمينة، وفيلم “القرصان الأبيض” وفيلم “ظل الجريمة”، وتجمع مسيرتها بين التنوع والتميز ما جعلها واحدة من أبرز وجوه الفن المغربي.

وتبدع الممثلة المغربية هاجر كريكع في تقديم أداء تمثيلي رصين ومعقول سواء على خشبة المسرح أو في أروقة الدراما وشاشات السينما، بقدرة استثنائية على التماهي مع الشخصيات، تُقدم أدوارها بتثبُّت وثقة تجعل كل ظهور لها له بصمة فارقة، حيث تُحاكي الواقع بصدق وتغوص في أعماق النصوص بشغف، ومع كل هذه الإمكانيات التي تمتلكها، تستحق فرصًا أكبر لتُبرز موهبتها لجمهور أوسع، فهي من تلك المواهب التي يصعب العثور على نسخة شبيهة لها في أدوارها، وهذا يجعلها إضافة نوعية لأي عمل تشارك فيه.