نوم القيلولة.. معضلة مستمرة بين الأم وطفلها

نوم القيلولة هاجس يطارد العديد من الأمهات على امتداد الوطن العربي، فهناك من تقاوم نوم أولادها عقب العودة من المدرسة، خوفا من أن يؤدي إلى الاستيقاظ حتى وقت متأخر. وهناك أمهات يشكون من عدم رغبة أولادهن في النوم ظهرا وتفضيلهم قضاء الوقت في اللعب، وهو ما يقلق الراغبات في حصول أولادهن على أكبر قدر من الراحة خلال العام الدراسي.
الخميس 2015/12/03
النوم سلطان بالليل أو النهار

القاهرة - أكدت دراسة أعدها باحثون بجامعة ماساتشوستس أمهرست الأميركية، على 40 طفلا تتراوح أعمارهم بين الثالثة والخامسة من العمر، أن نوم القيلولة يساعد على تذكر الدروس بشكل أفضل.

ووجد الباحثون الذين نشروا نتائج هذه الدراسة في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم، أن نوم القيلولة خلال فترة الظهيرة تستمر فوائده على الطفل إلى اليوم التالي، فهو مهم في تقوية الذاكرة والتعلم بشكل جيد في مراحل مبكرة.

لكن الدكتورة شهيرة لوزا استشاري علم النوم المصرية لها رأي مخالف لنتائج الدراسة الأميركية.

وأوضحت لـ”العرب” أن الأطفال في عمر الخامسة وحتى العاشرة، أي سن المراحل الدراسية الأولى، يحتاجون إلى النوم لمدة 10 ساعات على الأقل، وهو ما يزيد بحوالي ساعتين عما يحتاجه البالغ من النوم.

وتؤكد لوزا أن مدة النوم وكيفيته وتوقيته من العوامل التي تتوقف عليها حاجة الطفل إلى نوم القيلولة، وما إذا كان جسده يحتاجها، عقب عودته من المدرسة أو لا.

وأشارت إلى أن الطفل لا يكون غالبا بحاجة إلى قيلولة، إذا نام وقتا كافيا، وتحديدا لمدة 10 ساعات بالليل، وحتى إن عاد من المدرسة مرهقًا فإنه يمكن أن يلعب بعض الوقت ثم يعاود نشاطه بكل بساطة دون نوم. وأضافت الخبيرة أن النوم مبكرًا مهم للغاية للطفل، خصوصًا وأن هرمونات النمو التي تُفرز أثناء النوم تحدث في الربع الأول من الليل، وأن قلة نوم الطفل يومًا بعد يوم لها آثار تراكمية، وتؤدي إلى حدوث خلل في التركيز والإدراك العقلي المحفز على الدراسة واستيعاب المعلومات بشكل جيد.

الطفل لا يكون غالبا بحاجة إلى قيلولة، إذا نام وقتا كافيا، وتحديدا لمدة 10 ساعات في الليل

“ماما جديدة” هي واحدة من الصفحات الخاصة بالأمهات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تطرح أفكارًا جديدة للتعامل مع الأطفال، وكيفية الترفيه عنهم وتحقيق التوازن وتقسيم وقتهم بشكل جيد أثناء الدراسة، بين مذاكرة فروضهم الدراسية والراحة والترفيه.

إحدى الأمهات اشتكت من أن أطفالها بعد عودتهم إلى المنزل لا يرغبون في النوم، على الرغم من أنها تلح عليهم دون فائدة، لدرجة أنهم يبكون لعدم رغبتهم في النوم ويرغبون في اللعب والترفيه لمدة ساعة أو أكثر ثم يبدأون في مذاكرة فروضهم الدراسية، وينامون ليلًا عند التاسعة ويستيقظون في السادسة صباحًا.

وقالت أم أخرى ترغب أن ينام أطفالها الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و9 أعوام، لمدة ساعة على الأقل، بعد عودتهم من المدرسة وتناول الغداء، لافتة إلى أنها ترى أن النوم سيفيد أكثر من اللعب الذي يرهق ويؤثر على التركيز في المذاكرة لاحقا.

الأم ذاتها أشارت إلى مشكلة أخرى يعاني منها أطفالها، عندما ينامون في النهار، حيث لا يستطيعون النوم بسهولة في المساء ويسهرون لساعة متأخرة ثم يستيقظون في السادسة صباحًا، وبالتالي لا يحصلون على قسط كاف من النوم، وأن معلماتهم يشكون منهم، لأنهم ينامون أثناء الحصص الدراسية.

قلة نوم الأطفال في الفترة العمرية ما بين 6 و12 سنة تؤثر سلبا وبشكل مباشر على الحالة النفسية

وأكدت بعض الدراسات المتخصصة في علم نفس الأطفال أن قلة نوم الأطفال في الفترة العمرية ما بين 6 و12 سنة تؤثر سلبًا وبشكل مباشر على الحالة النفسية، حيث يكون الأطفال أكثر عرضة للانفعال والعصبية ويشعرون بالانطوائية وعدم الراحة والتأفف من كل شيء، وكذلك تضعف لديهم الرغبة في تحصيل دروسهم أو أداء فروضهم الدراسية اليومية.

لكن فؤادة هدية أستاذ علم نفس الأطفال، أكدت لـ”العرب” أنه ليس بالضرورة أن يستعيد الطفل نشاطه بالنوم بمجرد العودة من المدرسة، بل أنه قد يتحول إلى مؤثر سلبي إذا أجبر عليه، لأنه في هذه الحالة سيكون عقابا أكثر منه راحة أو رفاهية، وأن هناك أكثر من طريقة لاستعادة الطفل نشاطه الذهني، منها الترفيه عن نفسه، وفعل كل ما يرغب به بشرط أن يكون مناسبا لعمره.

وقالت هدية إن الطفل له شخصيتان، إحداهما في المدرسة والأخرى في المنزل، ففي الأولى يجاهد على أن يكون شخصًا منضبطًا لا يخطئ ومتفوقا في دراسته، ويحظى بقبول اجتماعي ومحبوب من زملائه، لكنه بالتأكيد لا يستطيع الاستمرار في لعب الدور نفسه في البيت.

لكنه في الثانية، على العكس، يريد أن يشعر بأنه متحرر من القيود، وفى الغالب إذا نام الطفل مبكرًا وأخذ قسطًا وفيرًا من النوم، فهو ليس بحاجة إلى نوم القيلولة.

ولفتت عالمة نفس الأطفال نظر الأمهات إلى أهمية تهيئة الجو المناسب في البيت لراحة الطفل والترفيه عنه، وتقنعه بالذهاب للنوم مبكرا بشكل لطيف، فتحكي له حكاية مفيدة وتطفئ الأنوار وتخفض صوت التليفزيون. وحذرت الأمهات من أن يحاولن قهر أطفالهن وإجبارهن على النوم نهارًا.

وطمأنت الدكتورة هدية الأمهات بأن أطفالهن قادرون على مواصلة اليوم بعد العودة من المدرسة دون نوم، إلا في موعده في المساء، فأي طفل يريد أن يستمتع ويلعب، بعكس الكبار الذين يحتاجون إلى نوم القيلولة والراحة.

21