نفوذ اللواء 444 يقلق فصائل منافسة في طرابلس وخصوم روسيا

تونس – رجحت أوساط ليبية مطلعة أن تكون المواجهات الدموية التي عرفتها العاصمة الليبية طرابلس مؤخرا أحد انعكاسات التحولات المثيرة التي تشهدها منطقة الساحل والصحراء، وآخرها الانقلاب العسكري في نيامي والذي أطاح بالرئيس النيجري محمد بازوم وطرح عددا من الأسئلة المهمة حول معركة التنافس على النفوذ بين القوى الكبرى في المنطقة لاسيما في ظل التراجع الفرنسي والتقدم الروسي.
وعرفت طرابلس يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين اشتباكات طاحنة بين ميليشيا الردع الخاصة واللواء 444 قتال استعملت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وأدت إلى سقوط 55 قتيلا وأكثر من 100 جريح بين مسلحين ومدنيين.
وتعود الأسباب الظاهرية لاندلاع المواجهات إلى إقدام مسلحين من ميليشيا الردع الخاصة، التي يتزعمها عبدالرؤوف كارة والمعروفة بقربها من الولايات المتحدة التي تعول عليها خاصة في مكافحة الإرهاب، على اعتقال آمر اللواء 444 محمود حمزة عندما كان جالسا إلى جانب رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة والمستشار السياسي إبراهيم الدبيبة ورئيس الأركان محمد الحداد وعدد من أمراء الحرب على متن الطائرة التي كانت ستقلع في اتجاه مصراتة حيث سينتظم استعراض بالكلية العسكرية.
وكان حمزة عنصرا نشطا في ميليشيا الردع الخاصة ومسؤولا عن سجن معيتيقة الموجود داخل المطار قبل أن يتجه لتشكيل اللواء 444 التابع لرئاسة الأركان بطرابلس.
ويجمع أغلب المراقبين على نجاحه في استقطاب عسكريين محترفين من كتيبة محمد المقريف بسرت والتي كانت من أهم الكتائب العسكرية في النظام السابق، ومن اللواء التاسع بترهونة الذي كان مواليا لقوات المشير خليفة حفتر في حرب طرابلس خلال عامي 2019 و2020، ومن عدد من خريجي الكليات العسكرية.
وبحسب المراقبين، فإن نفوذ اللواء 444 اتسع خلال الفترة الماضية سواء في الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس أو في مدن ذات أهمية خاصة مثل بني وليد وترهونة، ومن خلال ملاحقة شبكات الاتجار بالبشر والتهريب والإرهاب والتدخل لوقف الاشتباكات التي عادة ما تندلع بين بعض الميليشيات في مدن الغرب الليبي، وأدى ذلك إلى اكتسابه شعبية واسعة في أغلب تلك المناطق ما جعل الأنظار تتجه إليه من أطراف داخلية وخارجية لم تبد ارتياحا لما يمكن أن يكون لقائده محمود حمزة من مواقف خلال الفترة القادمة.
ووفق الأوساط الليبية المطلعة، فإن قرار اعتقال حمزة كان سياسيا بالدرجة الأولى وقد صدر عن جهة حكومية وتم تكليف ميليشيا الردع بتنفيذه بعد الاشتباه في إمكانية إجراء اتصالات بين آمر اللواء 444 وأطراف مقربة من سيف الإسلام القذافي وروسيا، والاعتماد في ذلك على تقارير أمنية سابقة كانت وصلت إلى مكتب النائب العام العسكري مسعود رحومة وتتعلق بعدد من الشبهات من بينها السفر إلى الخارج دون إذن رسمي من المخابرات، وصرف أموال دون استشارة الجهات المسؤولة في رئاسة الأركان، والتواصل مع شخصيات محسوبة على النظام السابق.
وبدا واضحا أن الأطراف التي دعت أو شاركت في اعتقال حمزة من داخل طائرة الدبيبة بمطار معيتيقة لم تكن تنتظر ما آلت إليه الأحداث بعد أقل من ساعتين عندما تحركت الوحدات العسكرية للواء 444 من بني وليد وترهونة والنواحي الأربع وغيرها، ودخولها إلى جانب الوحدات الموجودة بالعاصمة حالة استنفار سرعان ما تحولت إلى مواجهة مفتوحة مع ميليشيا الردع الخاصة التي كان ينظر إليها على أنها القوة التي لا تقهر في المنطقة الغربية قبل اصطدامها بقدرات اللواء 444.
ونجح اللواء في التمدد والسيطرة على عدد من المواقع، وهدد ضباطه بالاتجاه نحو قاعدة معيتيقة، وهو ما أثار حالة من الرعب في نفوس عدد من الأطراف السياسية التي دفعت إلى إقناع عبدالرؤوف كارة بالإفراج عن محمود حمزة بسرعة، وحين رفض كارة تمت دعوته إلى الموافقة على حل بديل وهو تسليم حمزة إلى جهاز الدعم والاستقرار بقيادة عبدالغني الككلي، ليكون خطوة لإطلاق سراح حمزة ولكن دون ظهور كارة في صورة المهزوم.
ونظرا إلى أن كارة وحمزة ينحدران من منطقة سوق الجمعة وسط العاصمة طرابلس، اتجه الدبيبة إلى وجهائها وأعيانها، ليخاطبهم بالقول إن هناك من يريد إدخال ليبيا في متاهات، وإن ما حدث مهّد لبعض المجرمين طرقا أخرى لتحقيق أغراض وأهداف معينة، مقرّا بأن الخلاف بين آمر قوة الردع الخاصة وآمر اللواء 444 غير صحي وغير طبيعي وهما رجلان شهدت لهما ساحات المعارك، وفق تعبيره. واعتبر الدبيبة أن سبب تلك المواجهات هو خلافات وهمية على سلطة أو على مناصب سياسية أو لأجل أشخاص وهذا مستنكر ولا يمكن قبوله.