نعيش حياة أطول لا أفضل!

كان مثيرا للانتباه أن يتزامن تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع بداية ولايته الثانية هذا الشهر، بأن العالم أصبح أسوأ مما كان عليه قبل خمس سنوات من نواح كثيرة بسبب جائحة كورونا وأزمة المناخ والتوترات الجيوسياسية التي أثارت صراعات في كل مكان، مع توصل دراسة جديدة إلى أن عيش الإنسان فترة أطول لا يعني تحسن حياته وقدرته على العمل أكثر.
وتوقعت الدراسة أننا سنقضي المزيد من السنوات الإضافية غير الصحية وليس بمقدورنا الاستمرار في العمل وفق متوسط العمر للعمل الصحي. فإذا كان العمر الأطول يخلق فرصا جديدة فإنه في الوقت نفسه يصنع مشاكل جديدة أيضا.
وقدر باحثون في دراسة نشرتها مجلة “Nature Aging” هذا الأسبوع أنه في كل سنة تقويمية تمر من الآن وحتى عام 2035 سيحصل الرجال الذين تزيد أعمارهم عن خمسين عاما على 11 أسبوعا فوق متوسط العمر المتوقع، بينما تكتسب النساء ستة أسابيع.
ولا يمكن أن يكون هذا التوقع سارا لأي منا! لأنه خلال نفس تلك الفترة التي طال فيها عمرنا بضعة أسابيع لن نكون بصحة تساعدنا على مواصلة العمل، عندما يقصر مقابل ذلك العمر الافتراضي للعمل أسبوعا واحدا للرجال وأقل قليلاً من ثلاثة أسابيع للنساء.
يا للخيبة خصوصا لأولئك الذين ينتظرون أن يصلوا إلى عمر التقاعد!
فعلى سبيل المثال، أن الرجل الذي يبلغ من العمر خمسين عاما عليه ألا يتوقع أن يستطيع مواصلة العمل بصحة طبيعية أكثر من تسع سنوات.
تلك الدراسة تبدد كل السعادة التي بشرت بها العديد من الدراسات السابقة عن زيادة متوسط العمر الافتراضي للبشر بسبب تطور الطب وتوفر العلاجات، لأنها تظهر أننا لن نستفيد شيئا من السنوات المضافة إلى أعمارنا عندما لن يكون بمقدورنا ملؤها بالحيوية.
فبينما زاد متوسط العمر خلال العقدين الماضيين ظل متوسط العمر الصحي على حاله عند سن 55 عاما، ولم تنعكس عليه تلك الزيادة بالفائدة المرجوة إلا بالجلوس واستذكار ما مضى من العمر!
ذلك ما جعل الباحثين المشرفين على الدراسة يدعون إلى عدم الإفراط في التفاؤل أكثر مما ينبغي من إطالة أعمارنا، لأنها تعني أيضا أن قدراتنا الجسدية تصاب بالوهن والإنهاك.
كل ذلك سيفاقم العبء المالي لكبار السن خصوصا للدول التي تعد فرض الضرائب جزءا من وطنية الإنسان، فتلك الحكومات تريد من مواطنيها العمل لفترة أطول من أجل جني ضرائب أكثر. ولكن ذلك لن يفيد قطاع الأعمال ولا يسهم بزيادة الإنتاجية عندما يبدو الوهن والارتخاء في تلك الأجساد التي تكافح من أجل البقاء في العمل.
ماذا بشأن أولئك الذين لا يكفون عن الاستعداد بانتظار وصول أعمارهم إلى مئة عام؟