نظرة المجتمع للمرض النفسي تعيق علاجه

مؤتمر أبوظبي الدولي للصحة النفسية الثالث يشدّد على ضرورة توحيد جهود الهيئات ذات الصلة لزيادة الوعي داخل المجتمع بحقيقة التطور في مجال الصحة النفسية.
الأربعاء 2019/10/30
تخوّف من الانتماء إلى مجموعة المرضى النفسيين

أبوظبي - ترتبط الصحة النفسية في الدول العربية بالوصمة الاجتماعية حيث يخشى أغلب الأشخاص المصابون باضطرابات نفسية من اللجوء إلى مختصين للعلاج خوفا من نعتهم بالمرضى النفسيين مما يفاقم سوء حالتهم النفسية، وفي هذا السياق شدد مؤتمر أبوظبي الدولي للصحة النفسية الثالث على ضرورة توحيد جهود الهيئات ذات الصلة إضافة إلى المؤسسات الإعلامية والاجتماعية لزيادة الوعي داخل المجتمع بحقيقة التطور في مجال الصحة النفسية لإزالة الوصمة الاجتماعية المرتبطة بها.

ونظرا إلى الزيادة في النسب العالمية لمعدلات الانتحار باطّراد، كما أظهرت الإحصاءات الحديثة لمنظمة الصحة العالمية وللحماية من هذه الآفة شدد المؤتمر على أهمية الصحة النفسية من خلال نشر الوعي بالوسائل الأمثل للتعامل مع مشاكل الحياة اليومية والتكيف مع ضغوط الحياة والاهتمام بالدعم النفسي لكبار السن وذلك بتوفير المراكز التأهيلية وتفعيل دور المؤسسات الاجتماعية في مساندة ورعاية هذه الفئة.

كما أوصى بإدراج الأمراض النفسية ضمن نطاق تغطية كافة شركات التأمين الصحي لضمان حصول جميع الأفراد على الدعم النفسي ما يحافظ على توازن المجتمع واستقراره وإعادة النظر في تصنيف العقاقير النفسية من حيث تأثيرها الإدماني حيث أن أغلب مضادات الاكتئاب والذهان لا علاقة لها بالإدمان، إلا أنها تقع ضمن الأدوية المقيدة، ما يزيد في تعقيد إجراءات وصف وصرف الأدوية دون داعٍ.

ومن جانبه قال طارق درويش استشاري الطب النفسي والمدير الطبي لجناح العلوم السلوكية بمدينة الشيخ خليفة الطبية إن المؤتمر هذه السنة يتناول موضوع الوصمة الاجتماعية للمرض النفسي، موضحا أن مشكلة الطب النفسي في العالم وبالأخص المجتمعات العربية تتمثل في أن المريض يتخوف من أن ينتمي إلى مجموعة المرضى النفسيين ولذلك يتردد في العلاج حتى لا يوصم بالمريض النفسي وبذلك يترك نفسه تعاني وتتألم وترفض العلاج بالرغم من أن العلاج قد يكون سهلا.

كما لفت إلى أنه حتى الذين يطلبون العلاج يعانون من الوصمة الذاتية حيث يشعر المريض بالخجل من نفسه وتكون لديه نزعة للتوقف عن العلاج مما يسرع من انتكاسة الحالة.

ومن جهة أخرى قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية في الـ10 من أكتوبر “إن الصحة العقلية قد أهمِلت لفترة طويلة للغاية، ولكنّها تهمّنا جميعا ومن الملحّ اتخاذ المزيد من الإجراءات بخصوصها”.

دعوات لإزالة الوصمة الاجتماعية للصحة النفسية
دعوات لإزالة الوصمة الاجتماعية للصحة النفسية

ودعا الأمين العام إلى زيادة الاستثمارات في الخدمات، مضيفا “لا يجب أن نسمح بأن تمنع الوصمة الأشخاص من طلب المساعدة التي يحتاجونها”. وأكد غوتيريش أنه يعير اهتماما شديدا لهذا الأمر، “فلا صحة دون صحة نفسية”.

وتعرّف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية بأنها لا تعني بالضرورة خلو المرء من الاضطرابات النفسية، ولكنّها “حالة من العافية يستطيع فيها كل فرد إدراك إمكاناته الخاصة والتكيّف مع حالات التوتّر العادية والعمل بشكل منتج ومفيد والإسهام في مجتمعه المحلي”.

وأوصت المنظمة بتقديم الدعم النفسي لطلاب المدارس، وتشجيع وسائل الإعلام على نشر قصص مليئة بالأمل والإيجابية، وحثّ الأشخاص على التوجه لطلب المساعدة، مشيرة إلى أن الحديث عن الرغبة في الانتحار لا ينبغي أن يرتبط بالعيب أو العار، تسخير موارد الحكومات لوضع خطط استجابة وطنية لمنع الانتحار.

واختارت منظمة الصحة العالمية عبارة “لنعمل معا على منع الانتحار”، شعار اليوم العالمي للصحة النفسية لهذه السنة نظرا إلى ارتباطها الوثيق بقرار الانتحار.

دراسة: أغلبية السعوديين يتجاهلون العلاج النفسي

توصلت دراسة سعودية حديثة إلى أن 17 بالمئة فقط ممن يعانون اضطرابات نفسية شديدة يتلقون العلاج اللازم، فيما لا يسعى 83 بالمئة من المرضى للحصول على أي استشارة نفسية أو خدمات علاجية.

وأوضحت أن 34 بالمئة من السعوديين والسعوديات تعرضوا للإصابة بأحد الاضطرابات النفسية في مرحلة ما من حياتهم، فيما تعرض 40 بالمئة من فئة الشباب لإصابة باضطرابات نفسية في مرحلة ما من حياتهم.

وكشفت انتشار الاكتئاب عند النساء بنسبة 8.9 بالمئة بينما بلغ لدى الرجال 3.1 بالمئة.

وبيّنت الدراسة أن أكثر الحالات النفسية انتشارا في المملكة اضطراب القلق من الانفصال بنسبة 11.9 بالمئة، ويأتي ثانيا اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط بنسبة 7.9 بالمئة، ثم في المرتبة الثالثة الاكتئاب الشديد بنسبة 6 بالمئة، يليه الرهاب الاجتماعي بنسبة 5.6 بالمئة ثم الوسواس القهري بنسبة 4.1 بالمئة.

وشددت استشارية الصحة النفسية ياسمين التويجري على ضرورة زيادة الدراسات والأبحاث حول الصحة النفسية لطلاب المدارس والجامعات، نظرا لأن المسح أظهر أنهم الشريحة الأكبر من حيث معاناتهم من اضطرابات نفسية.

 

21