نشر المعلومات الرسمية بالجزائر حكر على الجهات الحكومية

تؤكد السلطات الجزائرية أنها لن تتسامح مع وسائل الإعلام التي تنشر المعلومات الرسمية إذا لم تعتمد على قنواتها الحكومية، فيما يرى صحافيون أن هذه التعليمات بمثابة حصار ورقابة مسبقة على وسائل الإعلام في البلاد.
الجزائر - طالبت الرئاسة الجزائرية وسائل الإعلام في البلاد بالالتزام بالبيانات الحكومية والمعلومات الصادرة عن الجهات الرسمية، مشيرة إلى أن عدم التزامها بذلك يعتبر نشرا للأخبار الكاذبة، ما يجعلها تحت طائلة العقوبات.
وحذرت الرئاسة الجزائرية وسائل الإعلام في البلاد ممّا وصفته “عدم الالتزام بالبيان المتعلق بالمعلومات الرسمية”، وذكرت في بيان أن “عدم تقيّد وسائل الإعلام الوطنية الخاصة ومختلف وسائط ومنصات الاتصال ببيانها السابق حول نشر المعلومات الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية، يعد إمعانا في نشر الأخبار المضللة والكاذبة، تتحمل الجهة الباثة لها مسؤوليتها الكاملة”.
وأوضح البيان “تذكر رئاسة الجمهورية مرة أخرى، وسائل الإعلام الوطنية الخاصة ومختلف وسائط ومنصات الاتصال، التي لم تلتزم ببيانها المؤرخ في 28 ديسمبر الماضي، والمتضمن نشر المعلومات الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية، بأن كل الأخبار ذات الطابع البروتوكولي، أو المتعلقة بالعلاقات الدولية في جانبها الخاص بنشاط رئيس الجمهورية، تُستقى حصرا من مصدرها الرسمي برئاسة الجمهورية، أو عبر بيانات تنشر عن طريق وكالة الأنباء الجزائرية”.
وينظر صحافيون جزائريون إلى هذه القرارات على أنها ضغوط ورقابة مسبقة على عملهم وعلى المؤسسات الإعلامية الجزائرية، مغلفة بإطار قانوني، وذلك بالرغم من تعهدات رئيس الجمهورية بحماية ودعم حرية التعبير والصحافة وإحداث تغييرات إيجابية بهذا القطاع، ووعود الحكومة بإصلاح الإعلام.
واعتبروا أن حصر المعلومة بالجهات الرسمية، يعني فرض حصار على وسائل الإعلام والسيطرة على المعلومات وفق الرؤية التي تريدها الحكومة.
رئاسة الجمهورية تحذر وسائل الإعلام من أن عدم التزامها التقيد بالمعلومات الرسمية يعد "إمعانا في نشر الأخبار المضللة"
وأضافوا أنه بعد عام على انطلاق الحراك ظل مطلب حرية الصحافة أحد المطالب الرئيسية للمتظاهرين، إذ لم ينفك المحتجون يندّدون بالقيود المفروضة على الصحافيين ومطالبة السلطة برفع يدها عن مؤسسات الإعلام العامة وتمكينها من أداء دورها كخدمة عامة تقف على مسافة واحدة من كافة الفاعلين في الفضاء العام.
كما أعلن عبدالمجيد تبّون الأحد، أن المشروع التمهيدي للقانون المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما، هو رد على محاولات تفتيت المجتمع الجزائري وبصفة خاصة عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف خلال اجتماع مجلس الوزراء، أن حرية التعبير لا تعني أبدا حرية الشتم والقذف والتمييز وزرع الكراهية والتفرقة. وأمر بإدخال بعض التعديلات للحفاظ على الغاية الجوهرية من إعداد القانون، وهي صيانة الوحدة الوطنية بكل مكوناتها، وأخلقة الحياة السياسية والعامة وصونها من الانحراف، وفق قوله. لكن واقع حرية التعبير في الجزائر بعد الحراك الشعبي يثير نقاشا واسعا في الوسطين الإعلامي والثقافي، حيث يرى مختصون أنّ الحراك حقق مكاسب ويعتقد آخرون أنّ الواقع عكس ذلك.
ويعتقد المخرج الجزائري المختص في الأفلام الوثائقية عبدالباقي صلاي أنّ “الحراك بقدر ما فتح الباب على عهد جديد في مجال حرية التعبير، بقدر ما خلق تخوفات من رهن هذه الحرية”.
وقال صلاي إنّه “يجب توخي الحذر في ما نتحدث عنه على أنه حرية تعبير”. وأضاف “الطعن في الأشخاص مهما كان توجههم الأيديولوجي لا يعتبر حرية تعبير، كما لا يكون مسوّغا للزج بهذه المفردة في أتون المشاجرة واعتبارها من صميم حرية التعبير”.
وتابع “لا يجوز شتم الآخر باسم حرية تعبير، ربما السلطة الحالية ترى أن في حرية التعبير غير الذي يراه معارضوها”. وأشار إلى أنّ السلطة “تعاملت مع تصريحات الكثيرين على أنها استفزاز لها وللجيش، فيما يرى البعض أنّ سجنها كل من تجاوز الحدود، يعتبر تجنّيا على حرية التعبير”.
وتحاول السلطات الجزائرية تحسين صورتها في مجال حرية التعبير والصحافة والإعلام، إذ تسجل المنظمات الدولية المعنية بالحريات الكثير من المخالفات والانتهاكات بهذا الخصوص.
ولهذه الغاية، أعلن وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر الاثنين، عن مشروع إنشاء قناة تلفزيونية دولية لتحسين صورة الجزائر، إضافة إلى قناتين أخريين، إحداهما للشباب والثانية قناة برلمانية، وإنشاء معهد لسبر الآراء.
لكنه شدد على ضرورة تطهير قطاع الإعلام، وتعزيز إطاره المرجعي والقانوني، بهدف إعادة المصداقية لوسائل الإعلام بما يسمح باستعادة ثقة المواطن، كما أكد على ضرورة تفعيل القوانين الملزمة بتسهيل وصول الصحافيين إلى مصادر المعلومة، وإعادة تمويل صندوق دعم تكوين الصحافيين.
وتحدث خلال برنامج تلفزيوني عن ورشات في قطاع الإعلام بهدف تعزيز الإطار المرجعي واسترجاع ثقة المواطن وتحقيق التوازن بين الحرية والمسؤولية.