نساء تونس نساء ونصف

حكاية رحاب قويد قد تكون فردية، ولكنها قصص تتكرر مع المرأة في تونس، البلد الذي يعتبر نموذجا يُحتذى به عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة ومنجزاتها.
الجمعة 2024/10/18
مثال يحتذى به

يقول الخبر: تونسية تعبر قارة أفريقيا من شمالها إلى جنوبها على دراجة هوائية، في رحلة استغرقت سنتين بدأت من أعلى نقطة في شمال أفريقيا تعرف باسم “كاب أنجلة”، وانتهت على شاطئ “كاب أغيلاس” أقصى جنوب القارة الأفريقية، حيث يلتقي المحيط الهندي بالمحيط الأطلسي.

انحنت رحاب قويد، وهذا اسمها، تداعب مياه المحيط بيدها وعلى مقربة منها تطفو سفينة صغيرة يغطيها الصدأ، فيما تحلق فوقها طيور النورس.

“لم أتخيل مطلقا أن أصل يوما ما إلى هذا المكان.. أعتبره النقطة الأخيرة في العالم”. وأضافت “أسأل ما إذا كان هناك طريق يمكن أن يوصلني إلى القطب الجنوبي”.

حكاية رحاب قد تكون فردية، ولكنها قصص تتكرر مع المرأة في تونس، البلد الذي يعتبر نموذجا يُحتذى به في المنطقة عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة ومنجزاتها.

منذ استقلال تونس عام 1956، تم إصدار “مجلة الأحوال الشخصية” التي منعت تعدد الزوجات ومنحت المرأة حق الطلاق، وهو ما يُعتبر خطوة ثورية في العالم العربي. ويتيح القانون التونسي للمرأة حق الإجهاض منذ عام 1973، وهو حق لا يزال نادرا في العديد من الدول العربية.

وتلتزم الحكومة التونسية بإدماج المرأة في التنمية البشرية، مما أدى إلى تحقيق مساواة شبه كاملة بين الجنسين في مجالات التعليم والعمل.

والنساء في تونس يتمتعن بحقوق سياسية واسعة، وقد شهدت البلاد زيادة ملحوظة في عدد النساء اللواتي يشغلن مناصب سياسية.

الحقوق التي حصلت عليها المرأة في تونس لم تأت دون ثمن.

سواء في المدينة أو في الريف، يبدأ يوم المرأة التونسية بمعركة مع الوقت، فهي المسؤولة إلى حد كبير عن تدبير شؤون المنزل ورعاية الأطفال إلى جانب عملها خارج المنزل، بينما يكتفي الرجل بمساعدة خجولة قد تزيد من أعباء المرأة بدل التخفيف عنها.

إذا دخل الرجل المطبخ سيخرج منه بعد أن يترك خلفه آثارا أشبه بآثار إعصار. وما زال غالبية الرجال يتجاهلون رفع الأطباق من أمامهم وتفريغ محتواها بعد تناول الطعام.

هناك نساء يخشين أن يأتيهن زوار دون موعد مسبق حتى من بين أكثرهم قرابة، ليجدوا الزوج متلبسا بغسل الأطباق أو تغيير ملابس الأطفال. قد تضطر الزوجة حينها إلى ادعاء المرض لتقدم تفسيرا مقبولا تبرر به تواجد الزوج داخل المطبخ.

المفروض أن الزوج تنتهي مهمته مع آخر لقمة يلتهمها، ويكتفي بعدها بالتجشؤ، ليس تعبيرا عن رأيه بتصنيف شريكة حياته، بل غالبا امتلاء وتخمة.

بالطبع علينا أن نتخيل أن الوضع في الأرياف أكثر صعوبة بالنسبة للنساء اللواتي يشكلن ما بين 62 و80 في المئة من اليد العاملة.

هكذا هي المرأة في تونس، النجاح يحفزها إلى تحقيق نجاح أكبر، وقد نجدها في القطب الجنوبي يوما، فهي لم تترك مهنة إلا وتفوقت فيها على الرجل وعلى نفسها.. بشهادة من الرجال.

تبقى أجمل شهادة بالمرأة التونسية تلك التي جاءت من ابن بلدها الشاعر الراحل الصغير أولاد أحمد، الذي لم أجده يوما متلبسا بغسل الأطباق:

وصفت، وصفت فلم يبق وصف

كتبت، كتبت فلم يبق حرف

أقول إذن باختصار وأمضي

نساء بلادي نساء ونصف

صدق الصغير أولاد أحمد، نساء تونس نساء ونصف.

18