نجوم الدراما يعودون إلى السينما في موسم عيد الأضحى

راهنت مصر بقوة على الدراما كقوة ناعمة من خلالها وجهت خطابا رسميا لدحر التطرف ومقاومة الإرهاب والتشدد الذي انتشر بشكل خاص في سنوات حكم الإخوان وما تلاها. وقد نجحت في هذا الرهان بالاستعانة بأبرز النجوم الذين قدموا في الدراما أعمالا باتت راسخة في الذاكرة الجمعيّة. لكن كثيرا من هؤلاء النجوم قرروا الاتجاه إلى الكوميديا في الآونة الأخيرة.
القاهرة– يشهد موسم عيد الأضحى السينمائي في مصر حاليا عودة قوية لنجوم الدراما عبر عدد من الأفلام الكوميدية بعد أن شاركوا السنوات الماضية في تقديم أعمال درامية غلب عليها الطابع السياسي والتاريخي، ما جعلهم أمام اختبار لقدرتهم على إقناع الجمهور بالتحول الحاصل في الشخصيات التي يقدمونها أمام قطاعات شعبية اعتادت أن تبحث عن الكوميديا في دور العرض السينمائي بوجوه أخرى.
وتواجد عدد من نجوم الصف الأول سابقا في أعمال هدفت للتوعية من خلال معركة ثقافية وفنية خاضتها جهات مصرية ضد التنظيمات المتطرفة، وأعادت أعمال مثل “الاختيار”، و”كلبش”، و”القاهرة كابول، و”العائدون”، و”ملف سري” تقديم جو الأكشن والكوميديا في درامية جادة، منهم الفنانان كريم عبدالعزيز وأمير كرارة.
ما بين شاشتين
دشن موسم عيد الأضحى السينمائي عودة عدد من النجوم الكبار إلى الكوميديا التي تجذب فئات عريضة من الجمهور وتعد سمة سائدة في دور العرض السينمائي، بعد أن تراجعت بسبب ضعف الأعمال المقدمة وعدم قدرتها على الإضحاك مقارنة بأعمال حققت نجاحات واسعة قدمت في سنوات ماضية.
ويعود الفنان كريم عبدالعزيز إلى الكوميديا مجدداً عبر فيلم “بيت الروبي” الذي بدأ عرضه قبيل موسم عيد الأضحى بأيام قليلة وحقق في أسبوعه الأول إيرادات وصلت إلى 21 مليون جنيه ( 700 ألف دولار) وهو رقم كبير بمقاييس السينما هذه الأيام.
ويدور الفيلم في قالب كوميدي اجتماعي برع فيه عبدالعزيز وساهم هذا اللون في تشكيل صورته الذهنية كفنان كبير وحفرها في أذهان شريحة واسعة من الجمهور، بما يتماشى مع أذواق أسر كانت ارتبطت بالسينما دوما في إجازة الصيف.
وتدور قصة العمل حول إبراهيم الروبي، وهو مهندس تعرض لأزمة جعلته يترك القاهرة مع أسرته ويعيش في إحدى القرى السياحية المنعزلة، لكنه بدافع إنهاء إجراءات الميراث يضطر إلى العودة إلى العاصمة بصحبة شقيقه، ويتعرض لمواقف تجعله من أحد المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، ويشارك في بطولة الفيلم أيضا كريم محمود عبدالعزيز ونور اللبنانية وتارا عماد وهو من إخراج بيتر ميمي.
ويعود تقديم عمل كوميدي إلى رغبة كريم عبدالعزيز في أن يطل على جمهوره بمسحة خفيفة وهادئة بعد أن قدم موضوعات سياسية وأمنية مركبة، ما يشي بأنه أصلا أراد العودة إلى قواعده التي انطلق منها بما يكسر حدة الشخصيات البوليسية التي قدمها ولم تكن بنفس إجماع الجمهور والنقاد عليه حينما برع في الأعمال الكوميدية.
وتبدو عودة كريم عبدالعزيز إلى الكوميديا منطقية، لكن الاختبار الحقيقي سيكون للفنان أمير كرارة الذي يعود إلى السينما بعد غياب نحو أربع سنوات منذ فيلم “كازابلانكا”.
ويقدم كرارة فيلم “البعبع” الآن وتحضر فيه الصبغة الكوميدية بقوة إلى جانب “الأكشن” الذي يجيده، في محاولة لمجاراة احتياجات الجمهور لأفلام تجمع بين اللونين بما لها من جمهور واسع لدى فئات الشباب الذين يبحثون عن مثل هذه النوعية من الأعمال الجذابة ويشكلون فئة كبيرة من جمهورموسم عيد الأضحى.
وتدور أحداث الفيلم حول المجرم “سلطان البعبع” الذي يقرر التوبة والابتعاد عن مجال الإجرام وتقوده الصدفة إلى لقاء طبيبة صيدلانية تستعد للسفر إلى الخارج، لكن تحدث مفاجأة تقلب الأمور رأسا على عقب وتواجه الطبيبة وسلطان وصديق له مفارقات كوميدية بسبب التعرض لعصابات تريد إعادته إلى الإجرام.
يشارك كرارة في بطولة الفيلم الفنانة ياسمين صبري وباسم سمرة ومحمد عبدالرحمن ومحمد أنور وعباس أبوالحسن، والعمل من تأليف إيهاب بليبل، وإخراج حسين المنباوى، والفيلم أول تعاون بين كرارة وياسمين صبري التي تعود إلى السينما بعد غياب خمس سنوات منذ آخر أفلامها “الديزل”.
مجاراة احتياجات الجمهور
يقول الكاتب والسيناريست سمير الجمل إن نجاح النجم يتمثل في قدرته على تقديم جميع الأدوار التي تبرز مواهبه الفنية، بعيدا عن التخصص الذي لا وجود له في الفن، وأن نجوم الصف الأول يجدون صعوبة في إقناع الجمهور بسبب غزارة تواجدهم التي تتراوح بين أعمال فنية – درامية بألوان مختلفة، فضلا عن حضورهم القوى في الإعلانات والبرامج التي يقدمها بعضهم، ومنهم أمير كرارة.
ويضيف في تصريح لـ”العرب” أن تقمص شخصيات عديدة في توقيتات زمنية قصيرة قد يؤدي إلى “حرق النجم” أو انطفاء بريقه، بما لا يجعل هناك شغفا أو اشتياقا بينه والجمهور، وبما يستنزف قدرا كبيرا من طاقة الفنان الإبداعية، وقد يكون ذلك على حساب التدقيق في قيمة الأعمال التي يقدمها بحثا عن الحضور المستمر.
ويتفق العديد من النقاد على أن الانتقال من الدراما الجادة إلى الكوميديا السينمائية يهدف إلى عدم الاكتفاء بقالب فني واحد، خاصة أن الأعمال التي تحمل طابعا تاريخيا أو سياسيا ربما لا تحظى بتوافق الجمهور وتخضع لأهوائه وأيديولوجياته، ومن هنا يجد الفنان نفسه أمام سهام من الانتقادات تتوالى عليه، فنيا وسياسيا، ويحاول الخروج منها من خلال السعي للعودة إلى أعمال خفيفة اعتاد الجمهور على رؤيته فيها.
لم يكن من المعتاد على فنان مثل كريم عبدالعزيز أن يبقى على رأس عمل يعرض حقبة تاريخية قريبة، وتعرض لحملات استهداف من جانب تنظيم الإخوان طالت مسلسل “الاختيار” الذي شارك في جزئه الثالث.
كذلك الوضع بالنسبة إلى الفنان أحمد مكي الذي شارك في بطولة الجزء الثاني من مسلسل “الاختيار” قبل أن يقرر العودة إلى تقديم مسلسل “الكبير أوي” في دراما رمضان قبل الماضي، واستمر في الكوميديا عبر المشاركة في الجزء السابع.
ويلفت سمير الجمل في تصريح لـ”العرب” النظر إلى أن جمهور العيد يتشكل من قطاعات شبابية أكبر بخلاف المواسم السينمائية الأخرى أو جمهور دراما رمضان، ونجوم الصف الأول يبحثون عن مجاراة احتياجات الجمهور الذي يبحث عن الترفيه والتسلية وينجذب نحو الأعمال الكوميدية لتكون بمثابة تعويض لهم عن غياب المسرح الكوميدي الذي تراجع مع انزواء المسرح الخاص تقريبًا.
وجهات النجوم
تحقق أفلام عيد الأضحى نجاحاً جماهيريًا واسعًا لتزامنها مع إجازة الصيف واهتمام شركات الإنتاج بتقديم أعمال ذات ميزانيات مرتفعة انعكاسًا للحضور الجماهيري.
وما يبرهن على ذلك أن الأفلام الأعلى إيرادا في تاريخ السينما المصرية جاءت من خلال أفلام “كيرة والجن” والفيل الأزرق” و”ولاد رزق”، كما أن هذا الموسم كان شاهداً على صعود نجوم ورسخ أقدام آخرين، وكان بداية نجومية كريم عبدالعزيز وأحمد حلمي السينمائية في التسعينات مع أفلام كوميدية.
ويوظف الفنان أحمد فهمي هذه الحالة ليعود إلى الكوميديا عبر فيلمه “مستر إكس” بعد أن شارك أخيرا في بطولة مسلسل “سره الباتع” الذي عرض في رمضان الماضي وصنف ضمن الأعمال التاريخية وقبلها فيلم “العارف” وصنف ضمن أعمال الأكشن.
يشارك في بطولة “مستر إكس” هنا الزاهد وبيومي فؤاد وباسم سمرة ورحاب الجمل ومحمود حافظ ومحمد أنور، وعدد كبير من ضيوف الشرف، منهم أكرم حسني، وعمرو يوسف، ومصطفى خاطر، وريم مصطفى، ومن الرياضيين المذيع إبراهيم فايق ولاعب الكرة السابق مجدي عبدالغني وبطل كمال الأجسام بيج رامي، وهو من إخراج أحمد عبدالوهاب وتأليف أماني السويسي.
ولدى بعض النقاد قناعة بأن الموجة السينمائية تحدد وجهات النجوم، والاتجاه حاليًا نحو الكوميديا جعلهم أكثر ارتباطاً بها، علاوة على رؤية المنتجين لهذه الأعمال التي تصنف على أنها مضمونة الجذب الجماهيري، مع عرضها في بعض الدول العربية ما يدفع بعض الفنانين للارتباط بها.
وتبقى العبرة لتقييم العمل الفني قائمة على مدى قدرة ورش الكتابة والتأليف لتقديم أعمال كوميدية قوية غابت عن المشهد تقريبًا في السنوات الماضية.