نجوم البوب العالميون يبيعون حقوق أغانيهم لتأمين أنفسهم من الجائحة

العديد من المغنين تخلوا عن حقوق أغانيهم وسط تراجع عائدات الحفلات الموسيقية ومبيعات التسجيلات في زمن كورونا.
الاثنين 2021/02/01
غياب الحفلات أملى على شاكيرا تدابير جديدة

سدّدت جائحة كوفيد – 19 ضربة قوية لعالم الحفلات، ما حرم الفنانين من مصدر دخل رئيسي. غير أن قطاع الإنتاج الموسيقي يحقّق نموا غير اعتيادي، خصوصا بفضل الطفرة الكبيرة في صفقات بيع حقوق أغاني بعض الفنانين العالميين لتأمين أنفسهم من الجائحة وسط سوق مضطربة.

برلين – بيع حقوق الأغاني مقابل جني الملايين من الدولارات، هذا ما فعله بوب ديلان ونيل يونغ قبل فترة وجيزة، والآن تلحق بهما شاكيرا وميك فليتوود أيضا. فما يعتبره بعض المعجبين خيانة، يصبح نموذجا تجاريا في سوق الموسيقى المضطربة، ويضمن الاستقرار للعديد من النجوم.

ويتخلى المزيد والمزيد من المغنين عن حقوق أغانيهم؛ لأن مبيعات التسجيلات وعائدات الحفلات الموسيقية في زمن كورونا تشهد تراجعا، بينما أصبحت الإيرادات من منصات البث الصوتي والمسلسلات التلفزيونية أكثر قيمة للقطاع. ويقول هارتفيد ماوش من شركة “ميجور ليبول بي أم جي” الأميركية للصوتيات “العديد من الموسيقيين ليس لديهم فكرة عن مدى ثرائهم”. وعبر هذا المسار يجني نجوم موسيقى البوب والروك المتميزون الأموال بسهولة منذ فترة طويلة، على الرغم من اتهامهم بالجشع والخيانة من قبل معجبين مثاليين.

وعلى سبيل المثال، تحدث شاعر الأغاني الأميركي والحائز على جائزة نوبل، بوب ديلان (79 عاما)، في ديسمبر الماضي عن 300 مليون دولار تلقاها من مجموعة “يونيفرسال” الموسيقية الرائدة عالميا عن كامل أعماله، والتي تضم 600 تسجيل، بما في ذلك كلاسيكيات مثل “بلوين إن ذا ويند” و”كنوكينج أون هيفنز دور”. وكان النجم الشعبي قد سيطر في السابق على حقوق نشر موسيقاه، لكن يُقال إنه كان يتفاوض بشأن البيع منذ فترة طويلة.

ولا يقرّ ديلان وأقرانه صراحة بأن إعطاء حقوق أغانيهم لمشتر جاد في سن متقدّمة أمر مريح بالنسبة إليهم، لكنه من المفترض أنه كذلك، حيث يرغب نجوم الروك القدامى أيضا في الاطمئنان على إرثهم، ونقل موسيقاهم إلى أجيال جديدة من المستمعين.

ومن هذا المنطلق باع عازف الدرامز ومؤسّس فرقة “فليتوود ماك” مايك فليتوود (73 عاما) حصصه في الفرقة التي ذاع صيتها في سبعينات القرن الماضي لشركة “بي أم جي”، حيث أعلنت الشركة مؤخرا عن اتفاقها مع فليتوود ماك، دون الكشف عن سعر الشراء. ومن ثمة غزت أغنية فليتوود ماك الكلاسيكية “دريم” منصة تيك توك، وتمكّنت بالتالي من الوصول إلى الملايين من المعجبين الجدد على مستوى العالم.

وباع المغني وكاتب الأغاني الكندي نيل يونج (75 عاما)، الذي لا يزال نجما نشطا للغاية في مجال موسيقى الروك، 50 في المئة من حقوق 1180 أغنية له لشركة “هيبنوسيس سونج فاند” البريطانية.

وعن هذه الصفقة قال رئيس الشركة ميرك ميركورياديس “لن يكون هناك مطلقا برغر من ذهب”، واعدا بتعامل حساس مع ممتلكاته الجديدة، في إشارة إلى أغنية يونج الشهيرة “قلب من ذهب”.

حصول بوب ديلان على جائزة نوبل لم يمنعه من بيع حقوق أغانيه في ظل سوق مضطربة أملتها الجائحة
حصول بوب ديلان على جائزة نوبل لم يمنعه من بيع حقوق أغانيه في ظل سوق مضطربة أملتها الجائحة

وأضاف رئيس الشركة بنبرة لا تخلو من الشفقة أنهم يتعاونون “للتأكّد من أن الجميع سيسمعون الأغاني بشروط نيل”، مؤكّدا أن الأمر يتعلق “بالنزاهة المشتركة والأخلاقيات والشغف الناشئ عن الإيمان بالموسيقى”.

ويتمتّع ميركورياديس بسمعة متعصب البوب الذي يريد أن يفعل كل شيء لصالح زبائنه، ويعزّز هذه الصورة بمثل هذه التصريحات الرنانة.

ويعمل ميركورياديس في هذا المجال منذ 40 عاما، وهو أيضا مدير أعمال العديد من الأسماء اللامعة على غرار بيونسيه وإلتون جون وبيت شوب بويز.

واحتفل الرجل البالغ من العمر 57 عاما أيضا بضربته الموفقة الأخيرة عبر تحية على تويتر، قائلا “مرحبا بك في عائلة هيبنوسيس، شاكيرا”.

وتعدّ الفنانة الكولومبية (43 عاما) -التي حصلت شركته منها على حقوق كافة أغانيها حتى الآن بإجمالي 145 أغنية، من بينها أغان ذات شهرة عالمية مثل “هيبس دونت لاي”- “واحدة من أكثر مؤلفي الأغاني جدية ونجاحا خلال الـ25 عاما الماضية”.

مبيعات التسجيلات وعائدات الحفلات الموسيقية في زمن كورونا تشهد تراجعا، بينما أصبحت الإيرادات من منصات البث الصوتي والمسلسلات التلفزيونية أكثر قيمة للقطاع

وأعلنت هيبنوسيس مؤخرا عن شراء حقوق النشر من عازف القيثارة السابق في فرقة “فليتوود ماك”، لينزي باكينجهام. ويشير تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إلى أن صندوق الموسيقى الاستثماري في لندن أنفق مليار جنيه إسترليني (نحو 1.1 مليار يورو) مقابل شراء حقوق أغاني مارك رونسون وتشيك وباري مانيلو وبلوندي.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن ميركورياديس قوله إن الاستثمار في مثل هذه الأغاني “له نفس قيمة الاستثمار في الذهب أو النفط”.

ومن المفترض أن هيبنوسيس تمتلك حاليا أكثر من 57 ألف أغنية عبر عمليات استحواذ جديدة ومتنوعة مثل أغان لنيكي سيكس وكريسي هيند وإل. أي. ريد وروبرت فيتزجيرالد ديجز.

وكتب الموقع الإلكتروني “ميوزيك بيزنيس وورلدوايد” في ديسمبر الماضي “بلغت قيمة الصندوق المليارات عقب جولة الاستحواذات السريعة التي قام بها العام الماضي”.

ومن المفترض أن تكون هذه الاستثمارات مجدية، حيث تعد أغاني البوب الخالدة بمثابة مرساة للاستقرار في عصر منصات البث الصوتي مثل “سبوتيفاي” و”أبل” و”ديزير” النامية بشكل كبير، وخاصة في ظل سوق الموسيقى المضطربة بسبب أزمة كورونا. بالإضافة إلى ذلك، هناك إعلانات ومسلسلات ومنصات بثّ تعتمد على الموسيقى الأصلية كخلفيات لعروضها، ويخصّص صانعوها الأموال للحصول على حقوق الأغاني.

لكن هناك أيضا فنانين يشكون من هذا النموذج من الأعمال، فقد تم بيع كتالوغ أغاني تايلور سويفت (31 عاما) -التي تعد من بين أكبر نجوم البوب في العالم في الوقت الحالي- بأكثر من 300 مليون دولار.

واشتكت المغنية الأميركية مؤخرا في بيان احتجاجي قائلة “هذه هي المرة الثانية التي تُباع فيها موسيقاي دون علمي”، معلنة أنها تقوم حاليا بتسجيل أغانيها القديمة من جديد، وأضافت “هذا مثير ومرض إبداعيا”.

نيل يونغ باع نصف حقوق أغانيه
نيل يونغ باع نصف حقوق أغانيه

 

17