نجاح حوار القاهرة رهين تنازلات فتح وحماس

حماس تطالب بمحكمة خاصة بالانتخابات بعيدا عن سلطة عباس.
الثلاثاء 2021/02/09
العبرة بالخواتيم

تنطوي المحادثات الجارية في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية على أهمية خاصة لجهة أنها ستحدد عمليا مصير الانتخابات العامة المرجح انطلاقة محطتها الأولى في مايو. ويرى مراقبون أن الفصائل، ولاسيما فتح وحماس، ستكون تحت ضغط كبير وأي تشدد قد يكون مكلفا.

القاهرة - دخلت المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة يومها الثاني، وسط حديث عن أجواء إيجابية، وإن كان البعض لا يخفي قلقه من إمكانية حصول انتكاسة في ظل وجود عدة ملفات عالقة حول الاستحقاقات الانتخابية، فضلا عن تراكمات سنوات من عمر الانقسام.

ويهدف اجتماع القاهرة إلى التوافق حول جملة من الترتيبات بشأن الانتخابات العامة التي ستجري على ثلاث مراحل وفق مرسوم أصدره الرئيس محمود عباس في يناير الماضي. ومن بين المسائل التي يجري بحثها كيفية مراقبة مراكز التصويت والمحاكم التي ستتولى النظر في النزاعات المتعلقة بالاقتراع.

وذكرت مصادر مطلعة شاركت في اجتماع، الاثنين، لـ“العرب”، أن المباحثات في يومها الأول كانت استطلاعية واستمعت خلالها جميع الأطراف إلى الرؤى المختلفة بشأن الطريقة المثلى لإجراء الانتخابات بما يضمن نزاهتها، وهناك رغبة في أن يجري تحصين عملية الاقتراع من أي تدخلات سياسية من رأس السلطة الفلسطينية، بما قد تدفع أي طرف للتشكيك في نزاهتها.

ويرى متابعون أنّ حركتي حماس وفتح تواجهان اختبارا كبيرا، مقارنة بباقي الفصائل وعددها حوالي 12 فصيلا، وأن الضغط سيكون بالأساس على الحركتين فإما الانتصار للوحدة أو ترسيخ الانقسام.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، إن نجاح مفاوضات القاهرة يعد أمرا إلزاميا للجميع، غير أن فرص فشلها تبقى واردة، لأن هناك جملة من الملفات العالقة تتطلب تنازلات من حركتي فتح وحماس.

وأضاف في تصريح لـ“العرب”، أن حركة حماس تطالب بتشكيل محكمة خاصة بالانتخابات على أن تكون مستقلة وبعيدة عن المراسيم القانونية والقضائية الأخيرة التي أصدرها الرئيس محمود عباس، بما يعني إبعاد المحكمة الدستورية التي ترى حماس أنها خاضعة لسلطة عباس عن الانتخابات.

ياسر طنطاوي: مصر تعوّل على الظروف الإقليمية المواتية لإنجاح المباحثات
ياسر طنطاوي: مصر تعوّل على الظروف الإقليمية المواتية لإنجاح المباحثات

وأوضح أن حركة فتح لديها شكوك بشأن إشراف الأجهزة الأمنية التابعة لحماس على انتخابات قطاع غزة، الأمر نفسه بالنسبة إلى حماس تجاه أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية. ومن المقرر أن تناقش الاجتماعات إمكانية التوقيع على اتفاق ملزم بين الحركتين ينص على القبول بنتيجة الانتخابات أيا كانت، وسد أي منافذ من شأنها الانقلاب على العملية الديمقراطية.

وأكد أن المشكلة الثالثة التي تواجه المباحثات تتمثل في مطالبة حماس بمرجعية سياسية جديدة بخلاف مرجعية اتفاق أوسلو، مع أنه سبق وشاركت في انتخابات العام 2006، وفقاً لتلك المرجعية، وهو أمر تعترض عليه حركة فتح التي ترى أنه لا يمكن الحديث عن مرجعية جديدة في حين أنّ هناك انفتاحا دوليا على حل القضية الفلسطينية وقد يكون هناك تفكير في الأمر لأن بعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية لم يعد لها أي حضور في الوقت الحالي، غير أن ذلك سيكون في أعقاب الانتخابات وليس قبلها.

يذكر أن هناك خلافات أخرى بشأن طريقة إجراء الانتخابات في القدس، سواء أكان ذلك من خلال المشاركة الإلكترونية أو إمكانية إتمامها على الأرض، لكنها لا تعد قضية خلافية رئيسية، إضافة إلى ملف موظفي حركة فتح في قطاع غزة، وأصدرت حركة حماس قرارات بتقاعدهم تحديداً في جهاز الشرطة، حيث تطالب فتح بعودتهم إلى عملهم والمشاركة في تأمين الانتخابات، لكن حماس قد لا توافق على هذا الطلب في الوقت الحالي.

وأوضح الباحث المصري في الشأن الفلسطيني، ياسر طنطاوي، أن مصر تعول على الظروف الإقليمية المواتية لإمكانية نجاح المباحثات الجارية، في ظل الخسائر الفادحة التي تعرضت لها جميع الفصائل جراء الانقسام. وفي حال استمراره فلا مجال للحديث عن أي مكتسبات سياسية في المستقبل، وهو ما يضمن إمكانية تقديم جميع الأطراف تنازلات سياسية تضمن تمرير عملية الانتخابات.

وتزامن لقاء الفصائل مع اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، أكدوا في نهايته على أهمية إعادة الزخم للقضية الفلسطينية، والتمسك بالأسس التقليدية للسلام وفي مقدمتها دولة فلسطينية على حدود 1967.

وأعرب طنطاوي في تصريح لـ“العرب”، عن أمله في أن تحدث مفاوضات القاهرة اختراقا في النقاط العالقة، مؤكدا أن الخبرات المصرية الطويلة في ملف المصالحة تدعم نجاح المباحثات حتى وإن استمرت لبضعة أيام أخرى بخلاف ما هو مقرر على جدول الأعمال.

ولفت إلى أنه ثمة رغبة مصرية وعربية في الاستفادة من توجه الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن نحو التعامل بدبلوماسية أكبر تجاه القضية الفلسطينية في المنطقة، بما يتيح إمكانية اقتناص بعض المكاسب للفلسطينيين، وهذا لن يتحقق دون توحيد صف الفصائل.

ووفق المرسوم الرئاسي، ستجرى الانتخابات، على 3 مراحل خلال العام الجاري: تشريعية في 22 مايو، ورئاسية في 31 يوليو، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس. وهناك 2.8 مليون فلسطيني يحق لهم الانتخاب في غزة والضفة الغربية، وسُجل أكثر من 80 في المئة منهم لدى لجنة الانتخابات المركزية. ويُسمح للفلسطينيين بالإدلاء بأصواتهم من سن 18 عاما.

وكانت آخر انتخابات فلسطينية جرت في العام 2006، وانتهت بصراع على السلطة بين فتح وحماس التي سيطرت بقوة السلاح على قطاع غزة.

2