نجاح إضراب "بي بي سي" بالقاهرة يشجع صحافيي "رويترز" على تكراره

شجع تحرك صحافيي هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في القاهرة لتحسين أوضاعهم المالية ونجاحهم في انتزاع مكاسب إيجابية بعد ثلاثة إضرابات نظراءهم في مكتب وكالة “رويترز” على الاحتجاج وتكرار التجربة أملاً في تحسين أوضاعهم أيضا، ولوحوا بالإضراب عن العمل في التاسع والعشرين من نوفمبر الجاري.
القاهرة - نظم صحافيون يعملون في مكتب “رويترز” بالقاهرة وقفة احتجاجية رمزية لمدة ساعة، السبت، داخل مقرهم اعتراضا على هيكل الأجور الذي قالوا إنه غير عادل ولا يوفر لهم الحماية من التقلبات الاقتصادية ولا يتماشى مع الأجور المطبقة في مكاتب أخرى في المنطقة وحددوا موعداً لإضراب أولي يبدأ بيوم واحد قابل للتصعيد.
وحسب بيان صادر عن نقابة الصحافيين المصرية، التي كانت حاضرة في التظاهرة، فإن الخطوة جاءت بعد جولات من المفاوضات بدأت منذ يونيو الماضي مع الإدارة المصرية لوكالة “رويترز” بالقاهرة، وتضمنت جلسة داخل مقر النقابة، وإرسال ثلاث مخاطبات من النقابة إلى إدارة الوكالة.
ونقل بيان النقابة عن الصحافيين “تقديرهم واعتزازهم بالعمل في الوكالة العريقة”، وأن تحركهم يأتي “حرصًا منهم على الوصول إلى معادلة عمل متوازنة تحفظ لهم حقهم في رواتب عادلة، تكافئ الجهد الكبير الذي يبذلونه لتقديم أفضل تغطية للأحداث في مصر والشرق الأوسط والأخبار العالمية في ظل الأحداث العصيبة التي تشهدها المنطقة”.
وقال عضو مجلس نقابة الصحافيين المصرية هشام يونس إن النقابة دخلت في مفاوضات مع إدارة مكتب وكالة “رويترز” للأنباء في القاهرة أحرزت بعض التقدم لكن سرعان ما حدث تراجع في مسار التفاوض، ما قاد الصحافيين إلى التظاهر، وإن الأزمة تتعلق بتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار ومن ثم انخفاض قيمة ما يحصل عليه الصحافيون من رواتب تساوي نصف قيمتها أو أقل.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الصحافيين يعترضون على التمييز بينهم وبين باقي مكاتب الوكالة في المنطقة العربية ويحصلون على عوائد أقل من زملائهم، لافتًا إلى أن الزملاء لم يطالبوا بتحويل رواتبهم بالعملة الأجنبية لكنهم يصرون على الحصول على زيادات معقولة بالعملة المحلية تقترب من تراجع قيمة الجنيه على أن يكون بنسب توازي متوسط ما يحصل عليه أقرانهم في مكاتب الوكالة الأخرى.
وأشار إلى أن نقابة الصحافيين سوف تقدم الدعم اللازم، فمهمّتها الرئيسية المحافظة على علاقات العمل والدخول في التفاوض نيابة عن أعضائها، وأن الخطوات الاحتجاجية للعاملين في “رويترز” ستكون تدريجياً مثلما كان الوضع في إضرابات “بي بي سي” وأن المظاهرة تعد خطوة احتجاجية أولى.
وشارك نقيب الصحافيين خالد البلشي في الوقفة الاحتجاجية، وأعلن عن تضامنه مع المطالب المشروعة ومساندة النقابة الكاملة لمطالبهم ووقوفها بجانبهم إلى حين تحقيقها.
وأعلنت نقابة الصحافيين في 19 سبتمبر الماضي حل أزمة “بي بي سي” بعد ثلاثة إضرابات عن العمل ومفاوضات امتدت لفترة طويلة عبر الاتفاق على زيادة رواتب الصحافيين والعاملين بمكتب القاهرة بنسب تراوحت بين 75 و142 في المئة للرواتب الدنيا، وإضافة بدل انتقال متساو لجميع العاملين.
واستمرت الخطوات الاحتجاجية ما يقرب من ثلاثة أشهر مع بدء أول إضراب منتصف يونيو الماضي، وفي ذلك الحين طالب الصحافيون بالحصول على رواتبهم بالدولار بدلاً من الجنيه، مع ما وصفوه بـ”تدني اﻷجور” مقارنة بزملائهم في المكاتب الأخرى بالمنطقة أو العاملين في قنوات أجنبية في القاهرة.
ويرى متابعون أن الدعم الذي تقدمه النقابة يشجع الصحافيين على المطالبة بحقوقهم، مع الارتكان إلى وجود ظهير نقابي يدعم تحركاتهم، وأن نجاح إضراب “بي بي سي” والذي مر بتعقيدات طويلة وإصرار الصحافيين على اتخاذ موقف واحد منح الثقة لآخرين نحو إمكانية تكرار التجربة والالتزام بموقف جماعي، إلى جانب الاعتماد على سياسة تفاوضية ناجحة تقودها نقابة الصحافيين نيابة عنهم.
ويسير صحافيو “رويترز” على نفس طرق التعامل مع أزمة نظرائهم في “بي بي سي”، ورفضوا التعليق على التطورات بشأن أزمتهم واعتبروا أن النقابة هي الجهة الوحيدة الممثلة عنهم وأن هناك قناعة بأن حصول آخرين على مكاسب مالية يدفع نحو استجابة إدارة الوكالة للمطالب أيضا، وإن كان العاملون في “رويترز” يحصلون على تقدير مادي وأدبي أفضل من نظرائهم في هيئة الإذاعة البريطانية، ما يجعل التفاوض أسهل، كما أن الصحافيين ليس من المتوقع أن تكون مطالبهم متشددة.
وقال عضو مجلس نقابة الصحافيين محمد خراجة إن خطوات الصحافيين المصريين في هيئة الإذاعة البريطانية أو وكالة “رويترز” إشارات رمزية تعبيراً عن رغبتهم في الحصول على حقوقهم بعد أن ضاقت بهم السبل نحو الحصول عليها بالطرق الرسمية داخل مؤسساتهم، وأن الاتجاه نحو خطوة التظاهر أو الإضراب هدفها تسليط الضوء على أزمتهم والحصول على دعم نقابي ودعم الرأي العام.
الدخول في إضرابات واعتصامات قد يؤدي إلى حالة من الارتباك ربما لا تتحملها المؤسسات الإعلامية، تحديداً الكبيرة منها مثل وكالة "رويترز"
وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن المشكلة تتمثل في شعور الصحافيين بالتفرقة لعدم رغبة بعض وكالات الأنباء الأجنبية في مساواتهم بزملائهم في المكاتب الأخرى والمفترض أن هناك أسسا موحدة للعمل تطبق على الجميع، بل أن الصحافيين في منطقة الشرق الأوسط ومصر على وجه التحديد يواجهون صعوبات عديدة في الحصول على المعلومات وبثها، ومن المفترض وضعها في الاعتبار.
ولفت إلى أن التقييم على أساس جودة العمل عملية مطلوبة، ويجب أن تكون أي مفاوضات لزيادة الرواتب مرتبطة بمؤشرات أداء العمل شريطة أن يكون ذلك معيارا لما يحصل عليه الصحافيون من أجور في جميع فروع ومكاتب المؤسسة الإعلامية، وتراجع قيمة الجنيه تتسبب في حالة اضطراب لدى وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في مصر، والوضع كذلك بالنسبة إلى جميع الشركات الدولية التي عليها أن تُقر زيادات تتماشى مع تراجع قيمة الجنيه أو تتجه لصرف الرواتب بالدولار.
وتتزايد شكاوى الصحافيين في مصر بوجه عام من عدم الحصول على رواتب تتناسب مع أوقات الدوام التي تتطلب العمل في نوبات ليلية مع تطورات الأوضاع الأمنية في المنطقة، وكان ذلك ضمن المطالب التي قدمها صحافيو “بي بي سي” وحصلوا بمقتضاها على زيادة وصلت نسبتها إلى 100 في المئة بالنسبة إلى العاملين في النوبات الليلية، إلى جانب بعض المكاسب التي تتعلق بإتاحة زيادة ترتبط بالتأمين الصحي على العاملين مع عدم توفر ذلك في أغلب الصحف الخاصة والمكاتب الأجنبية.
ويشير صحافيون إلى أن الدخول في إضرابات واعتصامات قد يؤدي إلى حالة من الارتباك ربما لا تتحملها المؤسسات الإعلامية، تحديداً الكبيرة منها مثل وكالة “رويترز” للأنباء، والتي تسعى لتكون حاضرة بقوة في تطورات المشهد العام في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يعول عليه الصحافيون الذين يبدو أنهم اختاروا التوقيت السليم لتصعيد مطالبهم.