نتنياهو يكرّس القطيعة مع الملك عبدالله بتجاهل طلب تزويد الأردن بالمياه

تشهد العلاقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني فصلا جديدا من التوتر، بعد رفض نتنياهو الاستجابة لطلب عمان تزويدها بالمياه، فضلا عن امتناعه عن دعم المملكة في الحرب التي تخوضها ضد كورونا.
عمان – كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض الاستجابة إلى طلب أردني بالحصول على “كميات من المياه” من إسرائيل، في خطوة من شأنها أن تعقد العلاقات المتوترة أصلا بين الطرفين.
وذكرت صحيفة “هآرتس” الجمعة أن “نتنياهو لم يرد بشكل إيجابي، على الرغم من أن المتخصصين في شؤون المياه ومسؤولي مؤسسة الدفاع أوصوا بالموافقة على الطلب”.
وأضافت الصحيفة “يعكس نهج نتنياهو عمق الأزمة بين إسرائيل والأردن، والتي يبدو أن جزءا منها مرتبط بالاحتكاك الشخصي بين رئيس الوزراء والملك عبدالله الثاني”.
وتفجرت في الأسابيع الأخيرة أزمة بين الطرفين بعد محاولة إسرائيل فرض ترتيبات أمنية على زيارة لولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله إلى المسجد الأقصى في القدس الشرقية لإحياء ذكرى الإسراء والمعراج، وهو ما دفع ولي العهد الأردني إلى إلغاء تلك الزيارة.
وعلى إثر ذلك، لم يوافق الأردن في اليوم التالي على منح نتنياهو إذنا لاستخدام المجال الجوي الأردني، في رحلة كان يخطط لها إلى الإمارات.
وردا على ذلك، قرر نتنياهو إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي أمام الرحلات الجوية القادمة من الأردن، بما يخالف اتفاق السلام بين البلدين، وقد تباطأت سلطات الطيران الإسرائيلية في تنفيذ توجيه نتنياهو، حتى أقنعته بالتراجع عنه.
الأردن يريد أن تساعده إسرائيل عن طريق اللقاحات، على الأقل عدة عشرات الآلاف من الجرعات لتطعيم الطاقم الطبي
ووفق مصادر في المؤسستين الأمنيتين في إسرائيل والأردن، لم تكن الخطوة الوحيدة التي اتخذها رئيس الوزراء نتنياهو.
ووفقا لاتفاق السلام الموقع بين الطرفين في العام 1994، تنقل إسرائيل بانتظام المياه التي تضخها من نهر الأردن إلى الأردن، وغالبا ما تطلب عمان كميات إضافية عندما تعاني المملكة من نوبات جفاف، وغالبا ما تقبل إسرائيل هذه الطلبات دون أي مشكلة.
وقالت صحيفة “هآرتس” “كان آخر طلب قدم هذا الشهر وناقشته لجنة مشتركة من البلدين كانت اجتمعت الأسبوع الماضي، لكن على الرغم من توصيات المختصين، أخر نتنياهو ومجلس الأمن القومي إجابتهما بشكل يدل على نيته رفض الطلب”.
ويعد الأردن من أفقر دول العالم مائيا، ويحصل على نحو 40 في المئة من موارده المائية من المياه المشتركة، ومنها المياه المشتركة مع إسرائيل في نهري الأردن واليرموك.
وكشفت “هآرتس” أن “مسؤولين إسرائيليين على اتصال وثيق بالأردنيين أعربوا عن قلقهم من تحركات نتنياهو والتوتر المتزايد بين البلدين، وقالوا إن نتنياهو يهدد عمدا استقرار اتفاقيات السلام بسبب العداء الشخصي بينه وبين الملك، والوفد المرافق له، متجاهلا القيمة الاستراتيجية الكبيرة لعلاقات الأردن مع إسرائيل”.

وسبق أن انتقد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس التعاطي الفوقي لنتنياهو مع الأردن، وحاول غانتس في الأشهر الماضية تخفيف التوتر وكان آخرها لقائه بالملك عبدالله الثاني لتبريد الأجواء، والتأكيد على حرص بلاده على الحفاظ على علاقات استراتيجية مع المملكة.
وقالت “هآرتس” إن “الأردنيين غاضبون من إسرائيل أيضا لسبب آخر، فقد ابتليت المملكة مؤخرا بهجمة قاسية من فايروس كورونا، ويود الأردن أن تساعده إسرائيل عن طريق نقل اللقاحات، على الأقل عدة عشرات الآلاف من الجرعات لتطعيم الطاقم الطبي”.
وسبق أن أطلق نتنياهو ما سمي بـ”دبلوماسية التطعيم”، ومكافأة الدول الصديقة، من سان مارينو إلى غواتيمالا، ولكن الأردن ليس على قائمة المتلقين بأمر من نتنياهو.
ويرى مراقبون أن العلاقات الإسرائيلية الأردنية لن تشهد أي تحسن طالما استمر نتنياهو في الحكم، وعلى ذلك تأمل عمان في أن يتغير هذا الواقع قريبا.
وشهدت إسرائيل الثلاثاء رابع انتخابات تشريعية في غضون عامين، ولم يستطع حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو وباقي الشركاء في اليمين الحصول على عدد مقاعد يؤهلهم لتشكيل حكومة، الأمر الذي يجعل من قدرة نتنياهو على البقاء رهينة عقد تحالفات تبدو صعبة، وبالتالي بات مهددا أكثر من أي وقت مضى بالخروج من المعادلة، ولكن رغم ذلك تبقى فرصه قائمة إذا ما نجح في اختراق المعسكر المقابل وهي اللعبة التي لطالما أتقنها.