نتنياهو يسعى لتطوير العلاقة مع القاهرة تماشيا مع روح "اتفاقات أبراهام"

تحريك مصر لملف الأسرى يصطدم بممانعات من حركة حماس وإسرائيل.
السبت 2020/12/12
مزيد توطيد العلاقة مع مصر

القاهرة – جددت وسائل إعلام إسرائيلية تأكيدها بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عازم على القيام بزيارة رسمية إلى القاهرة خلال الأيام المقبلة، يناقش فيها مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عددا من القضايا المهمة.
ومن أبرز القضايا المطروحة تطوير ملف التطبيع مع مصر ليتماشى مع حرارة المسار العربي الحالي، وإمكانية تزامن جريانه مع تحريك عملية التسوية مع الفلسطينيين، والتفاهم بشأن التوصل إلى خطوة جديدة في ملف الأسرى مع حركة حماس.
وأبدت القاهرة ترحيبها بالإعلان عن التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمغرب، الخميس، بعد أن أيدت الخطوات الإيجابية التي أعلن عنها في هذا الفضاء بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان مؤخرا.

طارق فهمي: مصر توصلت إلى صيغة نهائية بشأن ملف الأسرى
طارق فهمي: مصر توصلت إلى صيغة نهائية بشأن ملف الأسرى

ويبدو موقف مصر حذرا ومتحفظا بعض الشيء في ملف التطبيع العربي، خوفا من تداعياته الإقليمية على مكانتها المركزية في القضية الفلسطينية، وظهور مستجدات يمكن أن تؤثر بقوة على مصالحها في المنطقة، لذلك تحاول أن تسلك طريقا وسطا يضمن لها دورا مهما ويحول دون التخلي عن ثوابتها.

وتعمل القاهرة على ثلاثة مسارات في وقت واحد، الأول البحث في مسألة تطوير العلاقات مع إسرائيل باستفاضة، والثاني مخاطبة المجتمع الدولي لإعادة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والثالث تثبيت دورها في قلب القضية الفلسطينية ودروبها المتشعبة قبل أن تتطور تدخلات قوى أخرى وتجور على دورها التاريخي.
ووجدت في تسليط الضوء على ملف الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس في الوقت الراهن، إعلانا مبدئيا لتحريك المياه الراكدة والخروج من مرحلة الجمود على أكثر من مستوى.
وأكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الجمعة، أن إسرائيل نقلت لحماس عبر الوفد الأمني المصري الذي زار قطاع غزة، الأربعاء، مقترحا جديدا لصفقة تبادل أسرى.
وذكرت تقارير إعلامية أن أعضاء الوفد المصري اجتمعوا مع قيادات أمنية إسرائيلية قبل دخولهم غزة، وحملوا مقترحا لقيادة حماس يشمل الموافقة على بناء مشاريع اقتصادية، وزيادة المساعدات الطبية لمواجهة كورونا، والإفراج عن أسرى أمنيين أحياء، وليس فقط جثامين لشهداء، فيما رفضت القيادات الأمنية الإفراج عن أسرى قتلوا إسرائيليين.
ولفت الصحيفة العبرية إلى أن إسرائيل أوضحت لحركة حماس، من خلال الوسيط المصري، أنه لا يمكن عقد صفقة ضخمة مثل صفقة الجندي جلعاد شاليط، ومن الصعوبة تكرارها في ظل أجواء عامة لن تسمح بالإفراج الجماعي عن الأسرى.
وتفهم إسرائيل ومصر وحماس أن أي تصعيد عسكري يقضي على فرص إحراز تقدم في ملف الأسرى، ويؤثر سلبا على مسار التطبيع، وقد تضطر إسرائيل إلى تليين موقفها الأيام المقبلة لتتجنب إحراج بعض الدول العربية المنخرطة في التطبيع وتتمنى تحريك المفاوضات، وهو ما تدركه الحركة التي تريد تحقيق أقصى استفادة ممكنة.
وإسرائيل لا تريد فتح جبهة مع حماس حاليا، وذلك بالتزامن مع حديث متزايد حول تسخين الجبهة مع إيران، وتعمل بالتنسيق مع مصر على ضمان الهدوء على جبهة غزة.
وعقد قادة جهاز المخابرات الإسرائيلي الداخلي (الشاباك) بالتنسيق مع مسؤول شؤون الأسرى والمفقودين في ديوان رئيس الوزراء يارون بلوم، سلسلة اجتماعات مع عدد من قيادات الأسرى في سجون إسرائيل، لدفع هذه المفاوضات إلى الأمام.
وتريد حماس الإفراج عن مئات الأسرى مقابل جثتين لجنديين إسرائيليين ومواطنين آخرين تسللا إلى غزة، أحدهما من فلسطينيي 48، والآخر من أصل إثيوبي.
وتؤكد الحركة أن الصفقة يجب أن تشمل إطلاق سراح أسرى بارزين، مثل حسن سلامة، الذي حكم عليه بالسجن المؤبد 48 مرة لدوره في قتل 48 إسرائيليا، وجمال أبوالهيجا، وهو محكوم عليه تسع مرات بالمؤبد.
وقال الخبير في الشؤون الفلسطينية طارق فهمي، إن القاهرة تحاول في الوقت الحالي تحريك ملف تبادل الأسرى، بعد أن توصلت إلى صيغة نهائية رحبت بها حركة حماس والحكومة الإسرائيلية، لكن ما يعرقل تنفيذها عدم توافر الإرادة السياسية من قبل الطرفين حتى الآن، ما يستوجب بذل المزيد من الجهود.

القاهرة تكثف اتصالاتها على نطاق أوسع، بهدف الوصول إلى عقد اتفاق شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين

وأوضح في تصريح لـ”العرب”، أن حماس تفضل ترحيل ملف الصفقة انتظاراً لإمكانية تشكيل حكومة إسرائيلية، حال إجراء انتخابات رابعة قريبا، وتعوّل على إحداث تغييرات في تركيبة الحكومة قد تمكنها من إبرام صفقة شبيهة بصفقة شاليط.
ولدى حكومة نتنياهو مخاوف من أن تحدث الصفقة ردود فعل غاضبة في الداخل، في ظل الرفض الواسع لتمريرها من قبل عائلات الجنود الذين قُتلوا في مواجهات سابقة، غير أنها لا تريد إغلاق الملف لعدم إحراج القاهرة.
وعلمت “العرب” أن القاهرة تكثف اتصالاتها على نطاق أوسع، بهدف الوصول إلى عقد اتفاق شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن زيارة الوفد الأمني إلى قطاع غزة جاءت أيضا للتأكيد على ضرورة عدم إطلاق صواريخ تجاه المستوطنات، وضمان عدم خرق التهدئة الحالية، وتهيئة الأجواء للتخلص من الجمود عموما.
وتحاول القاهرة غض الطرف قليلا عن ألاعيب حماس الخاصة بانحيازاتها إلى كل من تركيا وقطر، على حساب الدور المصري في القضية الفلسطينية، كي يتسنى لها ضبط الدفة في الكثير من الملفات في مرحلة بالغة الحساسية بالنسبة إلى المنطقة.
وهناك تحركات مماثلة على مستوى الضفة الغربية، بدأت بلقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن) بالرئيس السيسي في القاهرة مؤخرا، لبحث كيفية استئناف المفاوضات مع إسرائيل ووضع الأطر الرئيسية لها.

2