نتنياهو يخوض الانتخابات متسلحا بهدايا ترامب وبوتين

يستعد الإسرائيليون للإدلاء بأصواتهم الاثنين القادم في انتخابات برلمانية ثالثة في أقل من عام بعد الفشل المتكرر في تشكيل أغلبية تمثل الائتلاف الحاكم. وتتباين الترجيحات بشأن من سيفوز بهذه الانتخابات بين بنيامين نتنياهو ومنافسه بيني غانتس، لكن جل المتابعين يؤكّدون أن نتنياهو سيكون الأقرب كونه يراهن على دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكذلك على هدية قدّمها له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمتمثلة في إصدار الأخير عفوا عن مواطنة إسرائيلية كانت تقبع في السجون الروسية طالما وعد نتنياهو بالعمل على الإفراج عنها.
لندن - سيتوجه الإسرائيليون الاثنين القادم للتصويت في الانتخابات البرلمانية للمرة الثالثة في أقل من عام وسط أجواء يخيم عليها التنافس المحتدم بين حزب “الليكود” بزعامة اليميني رئيس حكومة تصريف الأعمال بنيامين نتنياهو، وحزب “أبيض أزرق” بزعامة رئيس أركان الجيش السابق بيني غانتس.
ويتساءل المراقبون قبيل أيام قليلة من الانتخابات عما إذا كانت حركة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ حضوره حفل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة السلام المسماة “صفقة القرن” قد عزّزت حظوظ حسم احتفاظه بمنصبه على رأس الحكومة بعد الانتخابات.
وظفر نتنياهو مباشرة بعد “حفل واشنطن”، في موسكو، بعفو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مواطنة إسرائيلية كان نتنياهو قد وعد بالعمل لدى روسيا على إطلاق سراحها. وحصل رئيس حكومة تصريف الأعمال لاحقا على لقاء مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان على نحو أراده دعائيا لتحسين صورته الانتخابية في إسرائيل.
واعتبر رئيس الوزراء السابق إيهود باراك في هذا الصدد، في مقابلات أجراها مع وسائل إعلام إسرائيلية مؤخرا، أنه إذا فاز نتنياهو في الانتخابات المقبلة، فستكون هذه نهاية الديمقراطية الإسرائيلية.
في السياق نفسه عبّرت تغريدة لعضو حزب أبيض أزرق تويت يائير لابيد في 25 فبراير، عن القلق ذاته، بقوله “إذا كنت تخطط للتصويت لحزب العمل – ميرتس ، فاطرح على نفسك سؤالا واحدا: ما الذي سيبقى من الديمقراطية الإسرائيلية إذا فاز نتنياهو من جديد؟”.
وكان لافتا ما قاله رئيس حزب شاس أرييه ديري من أن حزبه سيمكن نتنياهو من الاستمرار في شغل منصب رئيس الوزراء حتى لو كانت المحكمة العليا تحظره. ويُنظر إلى هذا التصريح على أنه تأكيد للمخاوف العميقة التي تنتشر في جميع أنحاء يسار الوسط والقلاع الليبرالية القليلة التي لا تزال قائمة في إسرائيل جراء الاحتمال الكبير أن يتمكن نتنياهو من الحصول على الـ61 مقعدا تؤمن له استمراره في منصبه.
وتتحدث أوساط إسرائيلية عن “كابوس تركيا”. وتقول بعض التوقعات في هذا الصدد إن نتنياهو سيعمل على إخضاع البلاد لتغييرات قانونية تتيح توسيع صلاحيات رئيس الوزراء، على النهج الذي انتهجه رجب طيب أردوغان لمنح رئاسة الجمهورية صلاحيات كبرى.
ويذهب رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك إلى ما هو أبعد من ذلك ويحذر من خطط لتكميم الإعلام والسيطرة على حرياته؛ حيث كتب في صحيفة هآرتس “إذا لم نتمكن من إيقافه (نتناهو) بأصواتنا، فمن المحتمل أن نتجه سريعا نحو الخيار التركي”.
وعزز نتنياهو نفسه هذه المخاوف بسبب زلة لسان هذا الأسبوع، حين سئل عما إذا كان سيعمل بعد الانتخابات على سن قانون مماثل لذلك الفرنسي من أجل حماية رئيس الدولة من أي اتهام، حيث لم يستبعد هذا الاحتمال. وأدرك خطأه لاحقا عبر مسارعته إلى إنكار هذا الاحتمال بشدة في جميع المقابلات التي أجراها.
ويرى محللون أن نتنياهو بات يدرك أن النظرة إليه باعتباره يود تحقيق نصر لتجنب الملاحقة القانونية باتت مضرة له ولاحتمالات فوزه حتى لدى الكتلة اليمينية الناخبة.
وعشية انتخابات أبريل 2019، سُئل نتنياهو عما إذا كان سيطلب الحصانة من الكنيست بعد توجيه الاتهام إليه، فأنكر حينها وقال إن هذا الأمر غير وارد. وفي يناير، وبعد أن وجهت له لائحة اتهام، سارع إلى طلب الحصانة، قبل أن يضطر إلى التراجع عندما أدرك أن ليس لديه أغلبية في الكنيست.
ولم تسقط هذه الثغرات مكانة نتنياهو في صناديق الاقتراع، حيث نجح في التغلب على التقدم الذي كان يتمتع به حزب أبيض أزرق في استطلاعات الرأي ، كما أن الكتلة اليمينية التي يرأسها تتعافى أيضا. ومع ذلك، لا يزال نتنياهو بعيدا (4 إلى 6 مقاعد) عن الـ61 مقعدًا التي يحتاج إليها، خصوصا أن خصومه يركزون على وصف احتمال فوزه بأنه تدمير للديمقراطية الإسرائيلية التي يتغنون بأنها قاعدة الدولة منذ تأسيسها.
وبحسب المتابعين، يبدو أن تراجع رئيس حكومة تصريف الأعمال في استطلاعات الرأي قد دفع حزب أبيض أزرق إلى شن حملات عدائية شديدة ضد نتنياهو.
ويقول مراقبون إن زعيم الحزب بيني غانتس الذي كان يقود حملة وصفت بالنظيفة والمحايدة، أدرك أنه فيما كان يحترم قواعد ومعايير معينة، كان ناخبوه يندفعون نحو نتنياهو الذي لا يحترم أي قواعد لقنص كل صوت محتمل.
وبدأت استراتيجية حزب أبيض أزرق بالتوجه يسارا ساعيا إلى النهل من قاعدة أحزاب اليسار الناخبة وهو يأمل الاستيلاء على المقاعد العشرة لتحالف حزبي “العمل – غيشر” و“ميرتس”.
غير أن هذه الاستراتيجية لم تثمر على النحو الذي قلب حملة حزب أبيض أزرق وباتت تخوض معارك لكسب الأصوات من اليمين واليسار والوسط على حد السواء.
غير أن قراءة الاستطلاعات بالسياق التاريخي قد تحمل أخبارا مطمئنة لحزب أبيض أزرق؛ ذلك أنه، واستنادا إلى التجارب السابقة، فإن نتنياهو حين كانت ترجحه الاستطلاعات في المرتبة الأولى في يوم الانتخابات كانت تأتي نتائجه أقل من المتوقع والعكس صحيح.
وبالتالي فإن محللين يرون أن الساعات المتبقية قبل الانتخابات قد تغير مزاج الناخبين بشكل كبير على نحو قد يبعد الناخبين عن نتنياهو لصالح خصومه. وأن القلق الذي يحاول هؤلاء الخصوم تعميمه واعتباره مهددا للديمقراطية في إسرائيل قد يعزز موقع اللوائح الانتخابية المعتمدة على النظام النسبي لدى أحزاب اليسار وأبيض أزرق والقائمة العربية.