نتفليكس تنقب في مصر عن كوادر نسائية تدعم رؤيتها الدرامية

المنصة تراقب نجاحات "شاهد" لتقديم المزيد من الأعمال العربية.
السبت 2022/08/20
المواضيع الجديدة تستقطب منتجي الدراما

تراقب نتفليكس التوجه العالمي نحو تمكين المرأة أكثر في المجال الثقافي ونجاح عدد من المنصات في جذب الجمهور العربي، لتوجيه اهتماماتها الإنتاجية نحو البحث عن كوادر نسائية تدعم رؤيتها الدرامية.

القاهرة – تتجه منصة نتفليكس العالمية للبحث عن كوادر إبداعية نسائية مدفونة في بعض الدول العربية، ودشنت على مدار سنوات مبادرات عدة هدفت منها للوصول إلى مواهب جديدة ودعم تقديم أعمال مختلفة عما تنتجه جهات فنية عربية، في خطوة سوف يترتب عليها المزيد من الانفتاح على السوق العربي وجذب مشتركين جدد عبر تقديم أعمال تحاكي البيئة العربية وعدم الاكتفاء بالمحتوى الأجنبي لتعويض خسائرها.

وعقدت نتفليكس شراكة مع مؤسسة “سرد” المهتمة بدعم كُتّاب السيناريو في العالم العربي أخيرا، لتدريب النساء على الكتابة وتطوير مهاراتهن في فن السرد القصصي والتعبير الإبداعي، ضمن برنامج يسمى “لأنها أبدعت” الخاص بالكتابة الدرامية، وأطلقته المنصة منذ حوالي 18 شهرا.

ويُعدّ برنامج “لأنها أبدعت” الخاص بالكتابة الدرامية جزءا من صندوق نتفليكس لدعم المواهب الإبداعية لخلق فرص جديدة أمام الفتيات في المجتمعات التي لا تحظى بالاهتمام الكافي في مجال الترفيه من خلال مبادرات تدريب وارتقاء بالمهارات.

أندرو محسن: التوجه العالمي يمنح المرأة فرصا لتترأس مشروعات فنية

وفتحت مؤسسة “سرد” التي ترأسها المؤلفة المصرية مريم نعوم الخميس باب التقديم للانضمام إلى معسكر التدريب ويستمر لمدة خمسة أيام خلال الفترة من الحادي عشر إلى الخامس عشر من سبتمبر المقبل، بمشاركة 25 فتاة من محافظات جنوب مصر (الصعيد) تتراوح أعمارهن بين 20 و30 عاما، بهدف تقديم التوجيه السريع للفرص المستقبلية، مع اختيار اثنين من المتميزات للمشاركة في ورش “سرد” للمشاريع الفنية.

وقالت نعوم إن البرنامج يعمل على تدريب الفتيات من مناطق خارج القاهرة بهدف تعريف المواهب غير المُستغلة بالأدوات الإبداعية وتوجّهات القطاع اللازمة لتعزيز تطورهنّ على المستويين الإبداعي والمهني، ومهمتها الأولى تتمثل في “اكتشاف مواهب فذّة نعتقد بأنه سيكون لها مستقبل مشرق في مجال كتابة النصوص”.

البحث عن كوادر فنية

وأشار الناقد الفني أحمد سعدالدين إلى أن المنصات اعتادت البحث عن كوادر فنية تخدم الخط الدرامي الذي تقدمه وتتوسع في البحث عن مواهب تملك قدرة على مجاراة الذوق الفني لجمهورها، ودفعتها الأعمال الدرامية الفنية التي نفذتها بالمشاركة مع نساء مثل المؤلفة نعوم والمخرجة هالة خليل لتكرار التجربة مع مواهب أخرى.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن نتفليكس لديها توجهات نحو الاهتمام بقضايا المرأة العربية ومشكلاتها، وتعمل على تقديم فتيات من دول عربية مختلفة بشكل مكثف في الأعمال الدرامية القليلة التي قدمتها، وظهر ذلك في المسلسل الأردني “الروابي للبنات” وتستعد المنصة لتقديم جزء ثان منه، بجانب المسلسل السعودي “وسواس”.

وأوضح أن البحث عن مواهب في مناطق نائية بعيدة عن القاهرة يبرهن على أن نتفليكس تسعى للمزيد من الاهتمام بالسوق المصري وتقديم أعمال تغوص في تفاصيل الحياة اليومية بعيدا عن التكدس الدرامي الذي يولي اهتماما بقضايا مجتمع معظمها يدور في العاصمة والمدن الكبرى، على أن يكون ذلك من خلال أشكال متطورة من الكتابة تتماشى مع نوعية جمهورها.

أحمد سعدالدين: نتفليكس تهتم بقضايا المرأة العربية ومشكلاتها

ويقول نقاد في مصر إن نتفليكس تراقب عن كثب نجاحات حققتها المنصة السعودية “شاهد” الفترة الماضية، حيث بدت مهيمنة بشكل كبير على جمهور المنصات العربية، واستطاعت تقديم أعمال تحمل صبغة المنصات العالمية، وأن المنافسة سوف تكون قائمة مستقبلا على مدى قدرة كل منصة على جذب المشاريع الفنية الجيدة لاستقطاب الملايين من المشاهدين العرب ممن لديهم شغف بمشاهدة أعمال تناقش واقعهم المحلي.

تسير نتفليكس وفقا لخطة تقوم على التعامل مع شركائها من صناع الدراما حول العالم لاكتشاف المواهب وتقديم أعمال درامية ووثائقية تعكس الواقع العربي، واختارت تقديم أعمال تعزف على وتر إثارة الجدل المجتمعي حول ما تقدمه، كما ظهر في مسلسل “ما وراء الطبيعة” بطولة المصري أحمد أمين، وفيلم “أصحاب ولا أعز” بطولة منى زكي وإياد نصار، في إشارة إلى أن المحتوى يحمل أبعادا تسويقية جذابة في المنطقة العربية.

وأكد الكاتب أندرو محسن، وهو مدير المكتب الفني لمهرجان القاهرة السينمائي، أن حجم التعاون بين نتفليكس والعديد من صناع الدراما حول العالم يساعدها على اكتشاف مواهب جديدة، تطبيقا لسياسة عامة تنتهجها المنصة لتقديم أسماء غير معروفة ولا تملك تاريخا فنيا، ويعد ذلك واحدة من أبرز سياسات هوليوود في الوقت الحالي.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن خطة المنصة الدولية تحاول تطبيقها في الأعمال العربية، واختيارها لورشة “سرد” ينبع من نجاحات حققتها الأخيرة في أعمال درامية قدمتها على منصات عربية، أبرزها مسلسل “وش وضهر” و”ليه لأ” و”خللي بالك من زيزي”، وأسهمت الورشة في تقديم أسماء جديدة على مدار ثلاث سنوات.

وشدد أندرو على أن التوجه العالمي يمنح المزيد من الفرص للمرأة لتكون على رأس مشروعات فنية، وهو حراك لم يصل بعد إلى الفن المصري، والأعمال الفنية العربية بوجه عام، وأن التجارب الناجحة التي حققتها نتفليكس بمشاركة مخرجات ومؤلفات من دول عربية يجعلها أكثر حماسا لتكرارها، انطلاقا من المجتمع المصري المليء بالقصص والحكايات ويمثل نبعا رئيسيا لكثير من المواهب الفنية.

وأوضح رئيس المسلسلات العربية في نتفليكس أحمد الشرقاوي أن التعاون مع “سرد” يسعى لتقديم “محتوى متنوّع يضمن منح النساء فرص تمثيل منصفة أمام الكاميرا وخلفها، ونؤمن بأنّ شراكات كهذه تمنحنا الفرصة لتجهيزهنّ بالمهارات اللازمة لسرد أفضل نسخة من قصصهنّ”.

قضايا المرأة

شركة نتفليكس تعمل على مراجعة أخطاء سابقة بعد أن تأخرت في اقتحام السوق العربي لفترة امتدت أكثر من ثلاث سنوات

برز اهتمام المنصة الأميركية بقضايا المرأة العربية عندما خصصت شهر يوليو الماضي للاحتفاء بصانعات أفلام قالت “إنهن يحملن في جعبتهن قصصا مؤثرة تُلامس قلوب الجماهير في العالم العربي وخارجه”.

وأطلقت نتفليكس باقة تضمّ 21 فيلما من إبداع صانعات أفلام عربيات تتناول قضايا مختلفة، بينها وثائقيات وأعمال درامية ورومانسية في باقة عنوانها “لأنها أبدعت”.

واستضافت نتفليكس من قبل الجلسة الأولى من هذه المبادرة بمشاركة صانعات أفلام عربيات ناقشن تطور دور المرأة في قطاع الأفلام، وأعقب ذلك جلسة حوارية مع الممثلة التونسية هند صبري، على هامش مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

وذكر أندرو محسن لـ”العرب” أن المنصات العربية والعالمية تحاول تجاوز أزمات تراجع مستوى الأفكار الدرامية والفنية وتنبش في المواهب الجديدة التي تستطيع أن تخلق إبداعات بما يدعم المنافسة المشتعلة حاليا حول جذب الجمهور إلى المنصات، ما ينعكس على اتساع حجم السوق الدرامي مع كثرة الأعمال المقدمة على مدار العام.

وتعمل نتفليكس على مراجعة أخطاء سابقة بعد أن تأخرت في اقتحام السوق العربي لفترة امتدت أكثر من ثلاث سنوات منذ انفتاحها على السوق العربي لتقدم أولى أعمالها العربية عام 2018 عبر مسلسل “جن”، ولم تنجح في تقديم سوى أعمال قليلة، ما يجعلها بعيدة عن اهتمامات قطاع كبير من الجمهور العربي تبحث عن الوصول إليه.

وأعلنت المنصة الأميركية مؤخرا أنها خسرت 970 ألف مشترك في الفترة من أبريل إلى يونيو الماضيين، وتجاول أن تتجنب سيناريو سيئا توقعته من قبل.

وتخطط نتفليكس، وهي منصة عالمية للبث عبر الإنترنت، لإطلاق فئة جديدة من الاشتراكات مدعومة بالإعلانات خلال العام المقبل، وتخشى أن يؤثر ارتفاع سعر الدولار في بلد مثل مصر على الإيرادات من المشتركين داخلها.

وقالت الشركة في رسالة إلى المساهمين إنها درست التباطؤ الذي نسبته إلى مجموعة متنوعة من العوامل بينها مشاركة كلمات المرور والمنافسة والركود الاقتصادي وتبحث عن وسائل مناسبة للتغلب على كل ذلك.

واحتلت شركة الإنتاج السينمائي الأميركية (والت ديزني) الصدارة في تفوقها على نتفليكس في العالم بإجمالي مشتركين بلغ 221 مليون مشترك نجحت في جذبهم على مدار سنوات طويلة، يمكن أن تتخطى نتفليكس هذا الرقم بما تتبناه من خطط فنية. .

14