ناصر بوريطة: العلاقات المغربية - الإيفوارية مرجعية للتعاون في أفريقيا

القيم والمبادئ الدبلوماسية التي تؤطر علاقات الرباط مع محيطها الأفريقي، تتمثل في مبدأي احترام السيادة الترابية للدول، ورفض التدخلات الأجنبية.
الجمعة 2024/07/26
شراكة إستراتيجية

الرباط - يرتبط المغرب وكوت ديفوار بعلاقات تعاون متينة تعود إلى أكثر من ستة عقود، وقد تعززت بشراكة متعددة الأبعاد تقوم على الاحترام ومبدأ المنفعة المتبادلة.

وأكد  ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، الأربعاء، أن “العلاقات المغربية – الإيفوارية تعتبر من العلاقات المرجعية في التعاون بين الدول الأفريقية، وذلك بالنظر إلى عمقها التاريخي وبعدها الإنساني المهم”.

واعتبر ناصر بوريطة في لقاء صحفي عقب مباحثات مع نظيره الإيفواري كاكو هوادجا ليون أدوم أن “العلاقات بين المغرب وكوت ديفوار، التي شهدت تطورا كبيرا بقيادة الملك محمد السادس وأخيه الرئيس الحسن واتارا، متكاملة من حيث الجوانب الاقتصادية والإستراتيجية والأمنية والتنسيق الدبلوماسي”، معتبرا أن “البلدين الشقيقين هما شريكان، بل حليفان”.

وبعدما شدد على الأهمية التي يوليها العاهل المغربي الملك محمد السادس للعلاقة مع كوت ديفوار، حيث قام بست زيارات إلى هذا البلد، أبرز بوريطة أن كوت ديفوار تشكل نموذجا للاستقرار بفضل رؤية تنموية واضحة، كما أن البرنامج الوطني للتنمية 2021 – 2025 يبين طموح الرئيس الإيفواري لتعزيز مكانة بلاده على مستوى القارة كقطب للاستقرار والتنمية في غرب أفريقيا.

هشام معتضد: هناك شراكات بين البلدين في مجالات الاقتصاد والأمن
هشام معتضد: هناك شراكات بين البلدين في مجالات الاقتصاد والأمن

وتطرق الجانبان إلى كيفية خلق تكامل بين أدوات العمل في منطقة الساحل للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وحتى لا يمس وضع المنطقة استقرار دول أخرى، حيث أكد المسؤول الدبلوماسي أنه “بالنسبة إلى المغرب فأمن واستقرار كوت ديفوار أولوية مهمة من منطلق الأولوية التي يوليها الملك محمد السادس لهذه العلاقة، ولا تخضع لأيّ مساومات ولا يمكن للمملكة أن تتساهل معه”.

وتعتبر كوت ديفوار فاعلا أساسيا في مجموعة من المبادرات التي أطلق الملك محمد السادس، فهي عضو في المبادرة الأفريقية الأطلسية، بالنظر إلى دورها الحيوي على المستويات الأمنية والاقتصادية والبيئية، لافتا إلى أنه بفضل هذه المبادرة ستهيكل الدول الأفريقية نفسها دون انتظار الآخرين وستخلق منها فضاء للتعاون الأساسي بين الدول الـ23 المطلة على المحيط الأطلسي.

وقال هشام معتضد الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية، إن “تصريحات بوريطة تمثل موقف المغرب المبدئي تجاه الأهمية الإستراتيجية لهذا البلد الأفريقي بالنسبة إلى المغرب نظرا لعمق العلاقات الذي يمر عبر شراكات إستراتيجية تتجاوز البعد السياسي والدبلوماسي إلى مجالات الاقتصاد والتجارة والخدمات والأمن، إلى جانب الموروث الديني والتاريخي المشترك والتوافق حول قضايا حيوية”.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “القيم والمبادئ الدبلوماسية التي تؤطر علاقات الرباط مع كوت ديفوار ومع محيطها الأفريقي، تتمثل في مبدأي احترام السيادة الترابية للدول، ورفض التدخلات الأجنبية، وهو ما تحققه عمليا مبادرة الأطلسي لتنفيذ الأجندة القارية للتنمية ببناء قنوات التواصل السياسي وتحقيق الاستقرار السياسي والتنمية المشتركة المستدامة والشاملة، وتجاوز هشاشة السياق الأمني”.

وبخصوص الوضع في الساحل، أكد الوزير أن “منطلقات المغرب واضحة في ما يتعلق بهذا الموضوع، ويؤكد على الاستقرار، أولا، في هذه المنطقة وفي غرب وشمال أفريقيا، مشددا على ضرورة تفادي أو رفض التدخل الأجنبي في قضايا الساحل؛ فمشاكل الساحل يجب أن تحل من طرف دول الساحل، والتدخلات الخارجية لا يمكن إلا أن تكون سلبية على هذه المنطقة، ولا يمكنها سوى أن تسهم في عدم الاستقرار”.

كما اعتبر ناصر بوريطة أن المغرب تجمعه بكوت ديفوار آليات التنسيق السياسي والاقتصادي الأهم على مستوى القارة، مبرزا أن الحضور الاقتصادي للمغرب بكوت ديفوار ليس له مثيل على المستوى الأفريقي، حيث يؤطر هذه العلاقات أكثر من 84 اتفاقية بين المغرب وكوت ديفوار تشمل مجالات التعاون كافة.

بدوره، أكد سفير المغرب بكوت ديفوار عبدالمالك الكتاني أن العلاقة بين كوت ديفوار والمغرب تعتبر نموذجا للتعاون جنوب – جنوب، الذي يعود بالمنفعة المتبادلة، وهي ثمرة للتعاون واسع النطاق في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والبيئية والتقنية.

ويحضر القطاع الخاص المغربي بقوة في الكوت ديفوار، اذ يساهم بشكل فعال في ديناميكية التنمية التي يعرفها، كما يوجد العديد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي أطلقها الملك محمد السادس في كوت ديفوار، وأنجز معظمها في السنوات الأخيرة.

وأفاد وزير الخارجية الإيفواري أن “أبيدجان العاصمة الاقتصادية للكوت ديفوار ستصبح لها صورة أجمل بمساعدة المغرب لإعادة تدبير الساحل، وتطوير مشاريع مختلفة في المنطقة رغم التحديات التي تفرض زيارة أخرى لتسريع وتيرة العمل، ما يعكس رؤيتنا المشتركة والأدوات التي نستعملها لحل المشاكل ولمواجهة التحديات تنزيلا لخطة التنمية الاقتصادية 2021 – 2025”.

وبخصوص ملف الصحراء المغربية، أكد بوريطة أنه بتعليمات من الرئيس واتارا لطالما كانت كوت ديفوار من الأصوات المدافعة بقوة عن المطالب المشروعة للمغرب للوحدة الترابية والسيادة الوطنية على هذا الجزء من ترابه، مؤكدا أن “كوت ديفوار كانت دائما صوتا داعما للوحدة الترابية للمملكة وسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية”.

وأورد وزير الخارجية الإيفواري كاكو هوادجا ليون أدوم “نحن مع المغرب قلبا وقالبا، لأننا نتحدث عن علاقات تاريخية، ونتحدث عن رجال عظماء أسسوا لهذه العلاقات التي تفوق الفهم العادي، ودعمنا للمغرب في قضيته الوطنية لا نقاش فيه ولن نتنازل أو نتفاوض فيه كما هو الوضع الأمني واستقرار المملكة وسيادتها على أراضيها”.

وسبق أن أعلن المغرب وكوت ديفوار عزمهما عقد اجتماع رفيع المستوى للجنة المشتركة المغربية – الإيفوارية نهاية 2024، مع خلق قنوات جديدة للاتصال بين هيئات القطاع الخاص بغرض إحياء فريق التنمية الاقتصادية، والتي تندرج في الرؤية المشتركة والاحترام المتبادل ضمن مبدأ المنفعة المتبادلة.

4