ميليشيا حزب الله العراقي في قلب دائرة الاستهداف بسوريا

دمشق - توالت في الأسابيع الأخيرة غارات جوية على مواقع تابعة للميليشيات الإيرانية في سوريا، حيث لا يكاد يمر يومان دون تسجيل عمليات قصف لطيران “مجهول”، امتدت من جنوب البلاد إلى شمالها ومن غربها إلى شرقها، في ظل صمت إيراني لافت.
ولئن يربط المتابعون للمشهد السوري الغارات بإسرائيل بيد أن ذلك لا ينفي فرضية أن يكون التحالف الدولي ضد داعش الذي تتزعمه الولايات المتحدة خلفها لاسيما وأن جل المستهدفين من العمليات الأخيرة هم مسلحون تابعون لميليشيا حزب الله العراقي التي تتهم بالوقوف خلف عمليات تستهدف التحالف في العراق.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان الاثنين عن مقتل مسلحين موالين لإيران غالبيتهم من العراق في ضربات شنتها طائرات يرجح، المرصد، أنها إسرائيلية.
وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن أن الضربات وقعت جنوب مدينة البوكمال الحدودية مع العراق في أقصى محافظة دير الزور. وتسببت بمقتل “عشرة مقاتلين موالين لإيران، هم ثمانية عراقيين وسوريان”، إضافة إلى “تدمير مستودعات ذخيرة وآليات” تابعة لهم.
وتخضع المنطقة الممتدة بين مدينة البوكمال والميادين لنفوذ إيراني، عبر مجموعات موالية لها على غرار ميليشيا حزب الله العراقي التي تملك حضورا مكثفا في شرق سوريا.
واستوحى قادة التنظيم اسم الميليشيا من حزب الله اللبناني الذي كان قد تولى عملية تشكيلها وتدريبها، وهذا ما يفسر تقارب أسلوب الجانبين.
وتشكلت كتائب حزب الله في أبريل 2007، في مدينة العمارة جنوبي العراق، باندماج عدد من التشكيلات الشيعية المسلحة نشأ بعضها بعد الغزو الأميركي عام 2003، ومن هذه التشكيلات لواء أبوالفضل العباس، وكتائب زيد بن علي، وعلي الأكبر، والسجاد، وكربلاء.
وتدين كتائب حزب الله بالولاء التام للنظام الإيراني. وبحسب موقعها الرسمي تعتبر الكتائب أن ولاية الفقيه هي الطريق الأمثل “لتحقيق حاكمية الإسلام في زمن الغيْبة” أي غيْبة المهدي، الإمام الثاني عشر وفقا لمذهب الاثني عشرية الشيعي.
ويرى التنظيم في تأسيس الجمهورية الإسلامية بإيران “إنجازا عظيما” واعتبرها مرحلة أساسية تمهيدا لإقامة “دولة العدل الإلهي وصورة من صور حاكمية الإسلام وولاية الفقيه”.
الاستهداف المتواتر لكتائب حزب الله في سوريا، قد لا ينفصل عن تهديدات هذا التنظيم للقوات الأميركية في العراق
وكان عناصر كتائب حزب الله العراقي أول الوافدين المسلحين إلى سوريا للقتال إلى جانب القوات الحكومية وذلك بطلب من إيران.
وتشن هذه الكتائب من حين لآخر هجمات صاروخية على مواقع للتحالف الدولي في العراق، الأمر الذي جعلها في دائرة الاستهداف الأميركية، وسبق أن شنت طائرات أميركية في 23 ديسمبر 2019 غارات واسعة على مواقع تابعة لهذا التنظيم في منطقة الأنبار شرق العراق ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من عناصره.
ومع تواتر استهدافها لمقرات التحالف والقواعد الأميركية في العراق غيرت كتائب حزب الله في الفترة الأخيرة من أسلوبها وذلك بالتخفي تحت أسماء مستعارة “المقاومة الإسلامية” فيما بدا أن الهدف من ذلك هو تجنب ردود الفعل الأميركية.
وتتهم الكتائب بالوقوف خلف الهجمات الصاروخية الأخيرة في العراق والتي تزايدت بنسق ملفت وطالت حتى قوافل أممية، في محاولة لإحراج حكومة مصطفى الكاظمي التي تخطو وإن ببطء لاستعادة الدولة من هيمنة الأحزاب وميليشيات الطائفية.
ويقول مراقبون إن استهداف كتائب حزب الله العراقي في سوريا الذي شهد وتيرة مرتفعة، قد لا ينفصل في جانب منه عن تهديدات هذا التنظيم للتحالف والقوات الأميركية في العراق، وبالتالي من غير المستبعد أن تكون الولايات المتحدة خلف الهجمات المجهولة، أو حدوثها بتنسيق تام مع إسرائيل، التي تحاول هي الأخرى إضعاف الحضور الإيراني في سوريا لما يمثله من خطر مستقبلي على أمنها.
وليست المرة الأولى التي تُستهدف فيها مناطق في محافظة دير الزور في الفترة الأخيرة، وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان في 3 سبتمبر الجاري مقتل 16 مسلحا عراقيا يعتقد أنهم تابعون لكتائب حزب الله جراء ضربات رجّح المرصد أنها إسرائيلية. كما قتل ستّة مقاتلين موالين لإيران، جرّاء غارات مماثلة في ريف البوكمال في 28 يونيو.
وكثّفت إسرائيل في الأعوام الأخيرة وتيرة قصفها في سوريا، مستهدفة بشكل أساسي مواقع للجيش السوري وأهدافا إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني. ونادرا ما تؤكد إسرائيل تنفيذ هذه الضربات، إلا أنها تكرّر أنها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطورة إلى حزب الله اللبناني.
وتشهد سوريا نزاعا داميا منذ العام 2011 تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.