ميليشيات غرب ليبيا تختبر حزم الحكومة وجدية المجتمع الدولي

اختطاف مسؤول حكومي من بنغازي في طرابلس.
الخميس 2021/08/05
الميليشيات دأبت على استعراض عضلاتها غرب ليبيا

تونس - بدأت ميليشيات غرب ليبيا في اختبار قوة حكومة الوحدة الوطنية كخطوة أولى نحو التمرد، ليس عليها فقط، وإنما على خارطة الطريق للحل السياسي والاتفاق العسكري المبرم بغطاء دولي في الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي.

وبعد الاشتباكات المسلحة التي شهدتها مناطق طرابلس والعجيلات وورشفانة خلال يوليو الماضي، بين ميليشيات تحظى بالحاضنة الحكومية، وأدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، أغلبهم من المدنيين، أُعلن عن اختطاف رئيس ديوان النائب الأول لرئيس مجلس وزراء حكومة الوحدة، رضا رجب فريطيس، أثناء وجوده في العاصمة طرابلس.

وفيما أكدت مصادر من مجلس رئاسة الوزراء الليبي في بنغازي، أنها فقدت الاتصال مع فريطيس منذ مساء الإثنين عقب خروجه من مقر نائب رئيس الحكومة عن إقليم برقة حسين عطية القطراني، القريب من مقر مجلس رئاسة الوزراء بطريق السكة بالعاصمة، قال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية، إن “فريطيس اختفى أثناء عودته من العمل برفقة زميله محمد المغربي وقبل وصولهما مكان أقامتهما في فندق المهاري وسط طرابلس”.

وأوضح المصدر، أن “فريطيس كان قد وصل السبت إلى طرابلس قادمًا من بنغازي رفقة نائب رئيس الحكومة حسين القطراني وأقاما بفندق المهاري”.

وعبرت مؤسسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، عن قلقها البالغ تجاه اختطاف فريطيس في منطقة الظهرة بطرابلس من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية.

وقالت إن فريطيس كان في زيارة عمل إلى طرابلس صحبة نائب رئيس الحكومة عن المنطقة الشرقية حسين القطراني، قبل أن يتم اختطافه من قبل مسلحين رجح مراقبون أن يكونوا نشطين ضمن ميليشيات إخوانية تعمل على توتير الأجواء بين شرق وغرب البلاد.

الميليشيات المتمركزة غرب ليبيا تتحرك بمرجعياتها الأيديولوجية والجهوية لعرقلة المصالحة الوطنية والانتخابات

وأدانت اللجنة هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، واعتبرتها انتهاكا جسيما وخطيرا لحقوق الإنسان تتصاعد مؤشراته بشكل ملحوظ وكبير خلال هذه الفترة. وحملت مسؤولية سلامة فريطيس وحياته للخاطفين، وكذلك لوزارة الداخلية جراء الفشل في ضمان تحقيق الأمن والاستقرار وحماية المواطنين من مثل هكذا جرائم.

وفي أبريل الماضي، أصدر نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية حسين القطراني قرارا بتكليف رضا فريطيس رئيسا لديوان الحكومة في بنغازي.

وأرجع مراقبون اختطاف فريطيس إلى مواقفه الداعمة للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، معتبرين أن الجماعات المسلحة المنتشرة في غرب ليبيا تتحرك بمرجعياتها الإيديولوجية والجهوية والمصلحية لقطع الطريق أمام المصالحة.

وتضم ميليشيات طرابلس عددا كبيرا من الإرهابيين الفارين من المنطقة الشرقية بعد هزيمتهم في معاركهم مع الجيش الليبي الذي كان يستهدفهم من خلال عملية “الكرامة” التي أطلقها في مايو 2014.

وفي الأثناء، أدانت اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” ما جرى على الطريق الساحلي الأحد الماضي في إشارة إلى إجبار الميليشيات المواطنين بقيادة سياراتهم فوق صورة حفتر، وحذرت من وصفتهم بـ“الغوغائيين وأصحاب الأفكار المتطرفة والأجندات والأفكار الهدامة التي تعمل على إفشال نهوض الوطن من كبوته وعرقلة ما يقوم به أبناؤه المخلصون في سبيل وحدة ترابه ورفع المعاناة عن أبنائه في كل ربوع البلاد”.

كما حذرت اللجنة من عواقب مثل هذه الأفعال من نشر للفوضى وإشعال لنار الفتنة وتمزيق للنسيج الاجتماعي، مستنكرة ما حدث، داعية إلى نبذ الخطاب الذي تتبناه الجماعات المعادية لوحدة ليبيا واستقرارها.

وقالت في بيان الأربعاء إن ما حدث الأحد الماضي بالطريق الساحلي يؤكد ما سبق ذكره، مؤكدة أنها ستتعامل معه بكل حزم وسيجدون عناصرها أنفسهم ملاحقين أمام القضاء المحلي والدولي وسيتعرضون لأشد العقوبات.

وترى أوساط في طرابلس، أن الميليشيات تعمل منذ فترة على اختبار حزم الحكومة والمجتمع الدولي، وتتجه للعودة بقوة إلى السيطرة على المشهد العام في غرب البلاد، مستفيدة من حالة الإبقاء على مظاهر الانقسام التي تعمل على ترسيخها منصات الإعلام والتواصل الاجتماعي النشطة داخل البلاد وخارجها والتي تحركها أصابع الإسلام السياسي وجلّ حلفائه الإقليميين.

وتضيف هذه الأوساط أن الميليشيات استطاعت إلى حد الآن، ضمان تردد الحكومة في فتح حوار جدي مع الجيش ورموز النظام السابق، وتأكد لها أن السلطات المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، لا تختلف كثيرا عن سلطات الوفاق برئاسة فايز السراج، في توجهها للبحث عن منافذ للتمديد في الحكم، واستعدادها للخضوع للجماعات المسلحة بما يخدم مصالح الطرفين في تقاسم النفوذ بغطاء جهوي وإخواني تدعمه تركيا التي تعمل بدورها على توفير المبررات الواقعية للإبقاء على قواتها ومرتزقتها في البلاد.

ولا تكف الميليشيات عن محاولات توتير الأجواء ميدانيا، مستفيدة من عجز الحكومة على ملاحقة عناصرها المنفلتة والمتورطة في جرائم موثقة ضد المدنيين ممن سقط عدد منهم ضحايا لرصاص المسلحين خلال يوليو الماضي.

وكانت منطقة الماية وكوبري 27 غرب طرابلس، شهدت الخميس الماضي، اشتباكات بين ميليشيا الإسناد الأولى بالزاوية التي يقودها محمد بحرون وميليشيا دعم الاستقرار بورشفانة بقيادة معمّر الضاوي، استعملت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.

04