ميليشيات إيران تهدد الصدر: إما المشاركة أو التمرد

كتائب حزب الله العراق تهدد بالعنف للحفاظ على نفوذها.
الخميس 2021/10/14
سوابق في الانقلاب على التعهدات

تقود الميليشيات الإيرانية في العراق، والتي خسرت واجهاتها السياسية الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد، ضغوطا على التيار الصدري من أجل إشراكها في السلطة ما يسمح لها بالمحافظة على نفوذها. ويتوقع مراقبون أن يستجيب مقتدى الصدر لهذه الضغوط تحت مسوغات “وحدة البيت الشيعي” و”المصلحة الوطنية”.

بغداد - وجهت الفصائل الموالية لإيران تهديدات صريحة لمقتدى الصدر، الذي تقدمت كتلته في انتخابات الأحد الماضي، بأنها إما أن تشارك في السلطة، أو تمضي في بناء كتلة أكبر من كتلته، أو أن تشن حركة تمرد ضده.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن تحالف دولة القانون، الذي يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وفاز بـ37 مقعدا، وتحالف الفتح الذي يقوده هادي العامري وفاز بـ14 مقعدا، يريدان الانضمام إلى تحالف مع التيار الصدري الذي فاز بـ73 مقعدا وذلك لتشكيل كتلة شيعية تقود التفاوض مع أطراف أخرى لتشكيل الحكومة المقبلة.

إلا أن هذه الأطراف تقول إنها مستعدة لأن تجري مشاورات لتشكيل “كتلة أكبر” لمواجهة الصدر وسحب الأغلبية البرلمانية منه، إذا ما تمسك بالابتعاد عنها.

وقال القيادي في التيار الصدري عصام حسين إن “حراك بعض القوى السياسية لتشكيل الكتلة الأكبر لمواجهة الكتلة الصدرية، هي محاولات للضغط على التيار باعتباره حصل على الأغلبية البرلمانية لينصاع لمشروع يشابه المشروع الذي بنى حكومة 2010”.

عصام حسين: حراك بعض القوى لمجرد الضغط على التيار الصدري صاحب الأغلبية

وقال محمد الصيهود القيادي في ائتلاف دولة القانون إن “الكتلة الأكبر هي التي سوف تشكل في جلسة البرلمان الأولى، وهي عبارة عن قوى سياسية متحالفة مع بعضها”، موضحا أن “هذا ما أكده الدستور العراقي وفسرته بشكل واضح المحكمة الاتحادية العليا”.

وتستطيع كتلة الخاسرين (دولة القانون والفتح والنصر) بين الأحزاب الموالية لإيران أن تجمع في ما بينها 55 مقعدا، ويمكنها أن تصبح الكتلة الأوسع إذا ضمت الطرفين الآخرين، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي فاز بـ32، أو تحالف “تقدم” الذي يقوده محمد الحلبوسي رئيس البرلمان الحالي الذي فاز بـ41 مقعدا. ولن يعود صعبا من بعد ذلك أن يتم جمع 165 مقعدا لتشكيل الحكومة.

ورجحت المصادر أن يرضخ الصدر لمطالب هذه الفصائل تحت شعار “وحدة البيت الشيعي” أو “الوحدة الوطنية”، لاسيما وأن هذا هو ما يطالب به إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس الذي قام بزيارة سرية للعراق لترتيب الأوضاع قبل الإعلان عن النتائج.

وقال أبوعلي العسكري المتحدث باسم كتائب حزب الله إن جماعته مستعدة للجوء إلى العنف إذا لزم الأمر لضمان عدم فقدان نفوذها، مضيفا أنه في خططهم النزول إلى الشوارع، أو حرق المباني التابعة للتيار الصدري.

وعلى سبيل الزيادة في الضغوط، أصدرت الفصائل التابعة لإيران بيانا شكك في نزاهة الانتخابات وهددت بالتصعيد دفاعا عن “العملية السياسية”.

وعلى الفور، أعلنت مفوضية الانتخابات أن عمليات الفرز الجديدة منحت “دولة القانون” وتحالف الفتح مقاعد إضافية، مؤكدة أن النتائج المعلنة حتى الآن غير نهائية. وهو ما يوحي بأن ترتيبات أخرى باتت قيد الإعداد.

وقال المتحدث باسم تحالف الفتح أحمد الأسدي “اعتراضنا على النتائج المعلنة ورفضنا لها ليس موجها لأي كتلة سياسية فائزة”، وأضاف أن “المحطات التي تم عدها يدويا لم تضف أصواتها أي ما يقارب المليون صوت”.

وأشار إلى أن “تحالف الفتح ليست لديه عقدة مع التيار الصدري أو غيره”، مؤكدا أن “النتائج النهائية ستحسم المسار”.

وقال رئيس تحالف الفتح هادي العامري “لا نقبل بهذه النتائج المفبركة مهما كان الثمن وسندافع عن أصوات مرشحينا وناخبينا بكل قوة”.

أما “الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية” التي تضم كتائب حزب الله العراقي، وعصائب أهل الحق، وكتائب سيد الشهداء، وحركة النجباء، وفيلق بدر فقالت في بيان إنه “على ضوء ما حصل من تطورات خطيرة تمثلت بالتلاعب في نتائج الانتخابات، وظهور الأدلة المتضافرة بفبركتها، يوضح بجلاء فشل وعدم أهلية عمل مفوضية الانتخابات الحالية، وبطلان ما تم إصداره من نتائج”.

وأضاف البيان أن “المقاومة التي نذرت نفسها للعراق وسيادته، لا يمكن أن تتهاون مع المشاريع الخبيثة التي تسعى لدمج أو إلغاء الحشد الشعبي”.

محمد الصيهود: الكتلة الأكبر هي التي سوف تشكل في جلسة البرلمان الأولى

وقال إطار تنسيقي آخر يضم تحالف الفتح وائتلاف رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، في بيان إنه يطعن بالنتائج وسيتخذ “جميع الإجراءات المتاحة لمنع التلاعب بأصوات الناخبين”.

ودعا الصدر في أول رد منه على هذه المواقف “إلى ضبط النفس والالتزام بالطرق القانونية بشأن الاعتراض والتحلي بالروح الوطنية وعدم اللجوء إلى ما لا تحمد عقباه”. وقال في تغريدة “إنه ليس المهم من يكون الفائز، بل المهم هو مساعدة الشعب العراقي من الناحية الخدمية والأمنية”.

وتوفر هذه الإشارة دلالة أولى على أن الصدر يمكن أن ينقلب على شعاراته، لاسيما وأنه دأب على قول شيء وفعل آخر.

وقال دبلوماسي غربي يتابع زيارة قاآني للعراق “إن قاآني يبحث عن طريقة لإبقاء حلفاء طهران في السلطة”.

ونفت إيران وجود قاآني في العراق. وكتب السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي في تغريدة “إن “العميد قاآني لم تكن له زيارة إلى بغداد والعراق أخيرا وأن القضية المطروحة من قبل بعض وسائل الأعلام وفي الفضاء الافتراضي لا صحة لها وهي كاذبة”.

إلا أن مصادر متطابقة قالت إن قاآني ما يزال موجودا في العراق يدير اتصالاته من المنطقة الخضراء، وإن ترتيبات سرية تجري لعقد لقاء بينه وبين الصدر لإقناعه ببناء تحالف يضم الجماعات الموالية لإيران، ويتخلى عن شعاراته المتعلقة بإخضاع السلاح لسلطة الدولة، وإنهاء الميليشيات، وهو ما يمثل تهديدا لوجود الحشد الشعبي.

وحذر الحزب الديمقراطي الكردستاني من التهديد بالنزول للشارع، قائلا “إن ذلك سيؤدي إلى نتائجَ كارثية في العراق، وأن الانتخابات العراقية كانت نزيهة، وأن رفضَها بالمجمل سيخلق فوضى”.

وفي أجواء مشحونة بالتوترات، رفعت الحكومة العراقية حالة التأهب في “المنطقة الخضراء”، ومبنى مفوضية الانتخابات داخل المنطقة الخضراء تحسبا لأي طوارئ.

3