موسيماني يعيد الأهلي المصري إلى العالمية

انضم اتحاد جنوب أفريقيا لكرة القدم إلى باقي القارة والعالم في الإشادة بما حققه بيتسو موسيماني مع العملاق الأهلي المصري. أبطال أفريقيا حققوا المركز الثالث بعد التفوق على بالميراس البرازيلي. الميدالية البرونزية هي وسام آخر لموسيماني الذي حقق الثلاثية المحلية مع صنداونز الموسم الماضي. تبع ذلك بالفوز بثلاثية في مصر والآن البرونزية في بطولة عالمية ستزيد من سرعة نمو سمعته.
القاهرة- تمكن الأهلي المصري من معانقة المجد خلال مشاركته المميزة ببطولة كأس العالم للأندية، والتي شهدت حصوله على المركز الثالث في البطولة. وحقق الأهلي، العديد من الأرقام خلال حضوره المشرف في البطولة، حيث استهل مسيرته في المسابقة بالفوز 1-0 على الدحيل القطري، بالدور الثاني للمسابقة. وفي الدور قبل النهائي، خسر الأهلي 0-2 أمام المارد الألماني بايرن ميونخ، والذي شق طريقه للفوز بالنسخة الحالية لمونديال الأندية للمرة الثانية في تاريخه، بعدما توج بها عام 2013 بالمغرب.
وأصبح الفريق المصري على موعد مع التتويج بالميدالية البرونزية، إثر فوزه 3-2 بركلات الترجيح على بالميراس البرازيلي، في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع. وكرر الأهلي إنجازه التاريخي بالحصول على الميدالية البرونزية، التي حققها عام 2006، تحت قيادة مدربه البرتغالي السابق مانويل جوزيه.
وانتظر الأهلي 15 عاما، حتى كرر الإنجاز ذاته تحت قيادة مدربه الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني، الذي واصل نجاحاته مع نادي القرن في أفريقيا، منذ توليه المسؤولية في أكتوبر الماضي، خلفا للسويسري رينيه فايلر. وبعد تتويجه مع الأهلي بدوري أبطال أفريقيا بالفوز 2-1 على الغريم التقليدي الزمالك في المباراة النهائية للمسابقة القارية، حصل موسيماني مع الأحمر على لقب كأس مصر في ديسمبر الماضي، قبل أن يذهب بالأهلي نحو منصات التتويج العالمية من خلال الفوز ببرونزية مونديال الأندية.
ألقاب أخرى
لا زال المارد الأحمر يحلم بالتتويج بلقبين آخرين مع موسيماني، عندما يواجه نهضة بركان المغربي، حامل لقب الكنفيدرالية، ببطولة كأس السوبر الأفريقي، وكذلك حينما يلاقي طلائع الجيش في كأس السوبر المصري. وأصبح الأهلي، الفريق العربي والأفريقي الوحيد، الذي نال ميداليتين في تاريخ مشاركاته بكأس العالم للأندية، فعلى الصعيد القاري، حصل مازيمبي الكونغولي على فضية عام 2010، والرجاء البيضاوي المغربي على نفس الميدالية عام 2013. وعلى المستوى العربي، نال السد القطري الميدالية البرونزية عام 2011، قبل أن يحصد العين الإماراتي فضية نسخة البطولة عام 2018. ومنح الأهلي، الميدالية الثالثة التي تحصل عليها الكرة المصرية في تاريخ مشاركاتها بالبطولات التي تقام تحت رعاية الفيفا، وذلك عقب حصول منتخب الشباب المصري على الميدالية البرونزية أيضًا في كأس العالم تحت 19 عامًا بالأرجنتين عام 2001، وفوز الأهلي ببرونزية مونديال الأندية في 2006.
وبانتصاره على بالميراس، ثأر الأهلي من كرة القدم البرازيلية، التي حرمته من المشاركة في نهائي المونديال مرتين، عقب خسارته 1-2 أمام إنترناسيونال بورتو أليغري في قبل نهائي البطولة عام 2006، و0-1 أمام كورينثيانز في الدور ذاته لعام 2012. وألحق الأهلي رقما سلبيا لبالميراس، الذي سجل ظهوره الأول في كأس العالم للأندية عقب تتويجه بكوبا ليبرتادوريس، حيث سجل الفريق البرازيلي المشاركة الأسوأ في التاريخ لبطل أميركا الجنوبية، بعد حصوله على المركز الرابع، عقب خسارته أمام تيغريس أونال المكسيكي في قبل النهائي، ثم هزيمته أمام الفريق الأحمر.
الأهلي يطمح لمواصلة نجاحاته في المسابقة الأهم والأقوى على مستوى الأندية في القارة السمراء، من خلال المضي قدما في البطولة التي يحمل الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بها
وخلال مشاركته في تلك النسخة، حقق الأهلي رقما تاريخيا بالنسبة إليه، بعدما حافظ على نظافة شباكه خلال مباراتي الدحيل وبالميراس، وهي المرة الأولى التي لا يتلقى خلالها أي هدف في لقائين بنفس النسخة في البطولة، ويرجع الفضل في ذلك إلى تألق حارس مرماه الدولي محمد الشناوي، وخط دفاع الفريق. ويدين الأهلي بفضل كبير أيضا في تحقيق هذا الإنجاز إلى الشناوي، الذي تصدى لركلتين حاسمتين أمام بالميراس في مباراة الفريقين التي شهدت حصوله على جائزة رجل المباراة، بالإضافة إلى تصدياته العديدة التي قام بها خلال مشوار الفريق في البطولة.
كما عادل الأهلي، رقم الرجاء البيضاوي كأكثر الأندية العربية والأفريقية تسجيلا للأهداف في كأس العالم للأندية برصيد 12 هدفا، فيما تساوى مع أوكلاند سيتي النيوزيلندي، صاحب الرقم القياسي كأكثر الفرق خوضا للمباريات في تاريخ البطولة برصيد 15 لقاء. وبعد تلك المشاركة التي لن تمحى من ذاكرة جماهير الأهلي، فإن الفريق الأحمر سيبدأ الاستعداد من جديد للدفاع عن لقب دوري الأبطال، حينما يواجه ضيفه المريخ السوداني في مستهل مباريات الفريقين بالمجموعة الأولى ضمن مرحلة المجموعات للمسابقة القارية، الثلاثاء القادم.
ويطمح الأهلي لمواصلة نجاحاته في المسابقة الأهم والأقوى على مستوى الأندية في القارة السمراء، من خلال المضي قدما في البطولة التي يحمل الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بها (9 ألقاب) والمشاركة للمرة السابعة في تاريخه بمونديال الأندية، أملا في تحقيق إنجاز آخر بالبطولة العالمية التي ستجرى نسختها المقبلة في اليابان.
العودة إلى العالمية
لم يكن طريق “الأسطورة” محمود الخطيب ممهدا نحو ولاية هادئة في رئاسة الأهلي المصري، رغم الشعبية الجارفة التي يتمتع بها “بيبو” كما تلقبه الجماهير الحمراء، والتي ساهمت في توليه رئاسة الأحمر، بعد انتخابات قوية مع منافسه محمود طاهر الرئيس السابق في نوفمبر 2017.
المطلب الأساسي في وجه الخطيب حين تولى رئاسة الأهلي بالانتخاب، كان عودة الفريق الأحمر لزعامة القارة الأفريقية، بعدما أعاد المجلس السابق، تجديد دماء الفريق وحقق لقب الكونفيدرالية وصعد إلى نهائي دوري الأبطال، لكنه لم يظفر باللقب بعد الخسارة أمام الوداد. ورغم النجومية الكبيرة والخبرة الطويلة للخطيب في عمله الإداري كنائب لرئيس الأهلي الأسبق حسن حمدي وعضوية لجنة الكرة، إلا أن أسطورة الكرة المصرية عانى في رحلته من أجل إعادة الأهلي للعالمية مجددا، وتكرار الإنجاز التاريخي الذي حققه الأهلي عام 2006 بالحصول على المركز الثالث ببطولة العالم للأندية.
الرهان الأصعب في طريق الخطيب، كان اختيار المدير الفني، فالخطيب رغم الانتماء للمدرسة الكلاسيكية في إدارة كرة القدم داخل القلعة الحمراء، إلا أنه كان متنوعًا في اختيار أنماط تدريبية مختلفة للفريق. الفرنسي باتريس كارتيرون بطل القارة مع مازيمبي الكونغولي كان خيارا للخطيب في بداية المهمة، بعد رحيل حسام البدري، للاستفادة من خبراته وكادت أن تنجح المعادلة لولا الخسارة في النهائي أمام الترجي.
المدرسة اللاتينية كان لها نصيب مع الأهلي لأول مرة، بتعيين الأوروغوياني مارتن لاسارتي، لكن الفشل الأفريقي أبعد الأخير عن البقاء، ثم عاد الأهلي إلى المدرسة الأوروبية المنظمة، وكان الاختيار من نصيب السويسري رينيه فايلر الذي أضفى نظاما تكتيكيا صارما. وجاء رحيل فايلر بمثابة اختبار صعب، لكن الخطيب فاجأ الجميع بخطوة جريئة بالاعتماد على الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني بطل القارة عام 2016 مع صن داونز لقيادة الأحمر. الخطيب كسب الرهان على موسيماني، بعد أن قاد الفريق لاعتلاء عرش القارة في دوري الأبطال، بل وحقق المركز الثالث ببطولة العالم للأندية.
وتولى الخطيب رئاسة الأهلي والفريق بالفعل وصيفًا لأفريقيا، فكيف يتحول هذا الجيل إلى بطل للقارة؟ هذا ما كان يشغل بال بيبو منذ اللحظة الأولى ولكن رئيس الأهلي حاول في البداية إعادة النسق الإداري في كرة القدم، مثلما كان في عهده كنائب لحسن حمدي، وأعلن عودة إلى جنة الكرة والتي ضمت عبدالعزيز عبدالشافي وعلاء عبدالصادق وترأسها الخطيب نفسه.
رحلة إعادة الأهلي كبطل للقارة اصطدمت في البداية بتراجع مستوى بعض عناصر الفريق، فبدأ الخطيب الذهاب بالأهلي إلى سوق الانتقالات في يناير 2018 مدعوما بوجود تركي آل الشيخ الرئيس الشرفي السابق للأهلي. وانضم للفريق الأحمر، مهاجمه الصاعد صلاح محسن مع الحارس علي لطفي ثنائي إنبي، والتعاقد مع محمد شريف جناح وادي دجلة، وعودة حسام غالي التكريمية لإنهاء مسيرته مع الفريق الأحمر.
حلم البطولة
الخطيب منح الفرصة لهذه التوليفة لتحقيق حلم البطولة القارية واكتفى بصفقتين فقط في ميركاتو صيف 2018، بضم المالي ساليف كوليبالي وأحمد علاء، وصعد الأهلي بالفعل إلى نهائي دوري الأبطال، لكنه خسر أمام الترجي التونسي. صدمة رادس والخسارة بثلاثية نظيفة كانت نقطة البناء في مشروع عودة الأهلي زعيمًا لأفريقيا، فالخطيب اختار التغيير الشامل وفتح خزائن القلعة الحمراء لتكوين فريق جديد. وبالفعل دعم الأهلي، صفوفه في أغلى ميركاتو في تاريخه خلال شتاء 2019، والذي كلف الأهلي ما يقارب ربع مليار جنيه مصري، بضم رمضان صبحي وحسين الشحات وياسر إبراهيم وحمدي فتحي ومحمود وحيد ومحمد محمود والأنغولي جيرالدو.
صدمة أخرى تلقاها الخطيب في رحلته لإعادة الأهلي إلى طريق التتويج، وهي الخسارة بخماسية نظيفة في ضيافة صن داونز الجنوب أفريقي، فكان التغيير المستمر في طريق تجديد الدماء بضم 3 صفقات لتدعيم العمود الفقري للفريق، وهي قلب الدفاع بضم محمود متولي وصانع الألعاب بضم محمد مجدي أفشة ولاعب الارتكاز بضم المالي أليو ديانغ. مسلسل إعادة البناء ظل مستمرا رغم بعض الاختيارات الهزيلة مثل السنغالي أليو بادجي وجيرالدو، لكن أصبح الأهلي يملك في كل مركز، لاعبا أو اثنين على نفس المستوى، وارتفعت قيمته التسويقية ليصبح الأغلى في القارة السمراء.
إداريا كانت هناك مواقف فارقة مع الخطيب في رئاسته للأهلي، على رأسها فرض مبدأ البقاء للفريق، وهو ما واجه به الخطيب مسألة رحيل بعض النجوم مع ظهور قوة مالية جديدة بالدوري المصري بقيمة بيراميدز. ولم يهتز الخطيب برحيل عبدالله السعيد أو رمضان صبحي أو أحمد فتحي أو شريف إكرامي، وهو ما أعطى رسالة مهمة للجميع بأن الأهلي لن يقف على أي لاعب، خاصة أن مشروع الخطيب في بناء فريق قوي للأهلي ظهر بوضوح وبعد تخطيط 3 أعوام تقريبا.
الصدمات تصنع الإنجازات
“الضربة التي لا تقصم ظهرك فهي تقويك”.. هكذا تقول الحكمة الخالدة، وعليها سار النجم محمد الشناوي حارس الأهلي المصري، وقطع مشواره في عالم الساحرة المستديرة، فبداية الحارس العملاق صاحب الـ32 عاما كانت كفيلة بمسار مختلف تماما لقائد القلعة الحمراء. كان مونديال 2018 نقطة تحول مهمة في مشوار الشناوي، وهي البطولة التي اكتسب خلالها الحارس العملاق ثقة الجماهير المصرية بعدما اختار الأرجنتيني هيكتور كوبر مدرب الفراعنة، إشراكه أساسيا على حساب المخضرم عصام الحضري.
وقدم الشناوي مباراة تاريخية أمام أوروغواي، ودافع عن مرماه ببراعة وتألق كبيرين أمام هجمات رفاق كافاني، وثبت أقدامه في حماية عرين المنتخب المصري دون منازع، وكسب احترام الجماهير في أمم أفريقيا 2019 بمستواه المميز رغم الخروج المبكر والصادم للفراعنة. وكما كان المونديال نقطة انطلاق رائعة للشناوي، فإن مونديال الأندية كان علامة مميزة في تاريخ حارس الأهلي، بعدما أعاد إلى الأذهان ذكريات الحراس الكبار في تاريخ القلعة الحمراء والذين ساهموا في حصد البطولات وترجيح كفة الأهلي.
الشناوي كان أول حارس عربي يحافظ على نظافة شباكه في لقاءين بكأس العالم للأندية بنسخة واحدة، كما أنه أصبح أكثر الحراس مشاركة في تاريخ ظهور الأهلي بالمونديال برصيد 3 لقاءات بالتساوي مع الحضري. وقاد الشناوي، الأهلي للميدالية البرونزية بتألقه في ركلات الترجيح، كما أن كلماته كانت ملهمة للاعبي الفريق لتحفيزهم لتكرار الإنجاز الذي تحقق مرة وحيدة عام 2006، ليصبح الرجل المونديالي في الكرة المصرية.