موسم رمضان يحسم صراع الدراما بين القصة وهيمنة البطل

الدعاية تهيمن على توجه المسلسلات وجذب الجمهور لأعمال معينة.
السبت 2025/02/22
أعمال مصممة على قياس نجم واحد

هيمنت المسلسلات المكتوبة للبطل الواحد على مواسم رمضانية عديدة، وهي نوع درامي حاضر في السباق الرمضاني لهذا العام أيضا لكنها تقف وجها لوجه أمام مسلسلات اجتماعية تراهن على البطولات الجماعية، وتنبئ بمواجهة قوية قد تحسم لصالح القصص الممتعة وتكشف عجز البطولات المطلقة عن جذب الجمهور، خاصة وأن أبطالها يكررون ثيمات محددة أغلبيتها تنحصر في الفتوة واستعراض الشهامة.

القاهرة - ساهمت تطورات تقنية وإنتاجية في مجال صناعة الدراما في إحداث تحولات على مستوى بنية العمل الفني، وبعد أن كان النجوم يتحكمون في قدر كبير من توجيه قصص المسلسلات التي يقدمونها بما يخدم صورتهم أمام الجمهور باتت هناك تطورات مهمة لاستعادة القصة مكانتها لتكون في صدارة المشهد الدرامي، ما انعكس على نوعية الأعمال التي تعرضها المنصات الرقمية، غير أن الوضع لم يتغيّر بالنسبة إلى دراما رمضان التي ما زالت خاضعة لتوجهات الدعاية والإعلان.

ويشير بدء موسم رمضان بعد أيام إلى أنه سيكون حاسما للتفرقة بين الاستغراق في الاهتمام بصورة البطل أو توجيه دفة الأعمال الدرامية نحو الاهتمام بالقصة والبناء الدرامي، مع وجود عدد من الأعمال التي ترسخ صورة البطل ويظهر ذلك من أسمائها، مقابل مسلسلات أخرى لا تعتمد على نجوم الصف الأول وتتصدر القضايا التي تناقشها مشهد الدعاية التي قامت بها فضائيات ومنصات خلال الأيام الماضية.

ومن الأعمال التي تدور فيها الأحداث حول البطل مسلسل “فهد البطل”، بطولة أحمد العوضي وميرنا نورالدين وكارولين عزمي، وتدور أحداثه في إحدى قرى

الصعيد حيث يعيش فهد ويعمل في مصنع رخام، بعد هروبه من عائلته في الصعيد بسبب تعرضه للظلم، يقع في حب زميلته (كناريا) التي تؤدي دورها الفنانة ميرنا نورالدين، لكن المنافسة بينه وبين والدها في سوق الرخام تضع عوائق كبيرة أمام علاقتهما.

موسم سيكون حاسما للتفرقة بين الاهتمام بصورة البطل أو توجيه دفة الأعمال نحو الاهتمام بالقصة والبناء الدرامي
موسم سيكون حاسما للتفرقة بين الاهتمام بصورة البطل أو توجيه دفة الأعمال نحو الاهتمام بالقصة والبناء الدرامي

ومسلسل “سيد الناس”، بطولة عمر سعد وإلهام شاهين وريم مصطفى، وتدور أحداثه في إطار شعبي مشوق حول شخصية جارحي التي يؤديها عمرو سعد الذي يجد نفسه في مواجهة تحديات كبيرة بعد وفاة والده العامل في التنقيب عن الذهب بشكل غير قانوني، وورث عنه مفتاحا غامضا وثروة ضخمة وماضيا مظلما وخصوما لا يرحمون فتنقلب حياته رأسًا على عقب.

وتشارك الفنانة مي عمر في بطولة مسلسل “إش إش” ومعها ماجد المصري وهالة صدقي، وهو من تأليف وإخراج محمد سامي؛ حيث ورثت إش إش، التي تعمل راقصة رغما عنها، جمال والدتها وفقرها، ثم تدخل صدفة إلى عالم عائلة آل الجريتلي وهي عائلة تسعى للانتقام، لتكتشف أن حاضرها المأساوي ما هو إلا امتداد لأسرار عائلية مدفونة.

وبعدما تخلص الفنان أحمد مكي من ثيمة “الكبير أوي” اتجه نحو تقديم الدراما الشعبية حيث اختار أن يؤدي دور البطل ابن الحارة الذي يجذب الجميع حوله عبر مسلسل “الغاوي”، بطولة الفنانة التونسية عائشة بن أحمد. ويجسد مكي شخصية تدعى شمس ناصر العدوي، يهوى تربية الحمام ويتمتع بمهارة كبيرة في تدريبه، حيث تربى وسط أهل الحارة داخل حي الجمالية بوسط القاهرة، وترك دراسته ليتعلم صنعة، وتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة في حياته بتورطه في صراع لا ينتهي يفقد فيه أحد أصدقائه.

وتعود الفنانة المصرية ياسمين صبري إلى موسم رمضان بمسلسل “الأميرة – ضل حيطة”، بطولة نيقولا معوض وهالة فاخر، وتؤدي دور زينب وهي فتاة في العشرينات من عمرها من طبقة متوسطة تعمل في أحد توكيلات الملابس، استطاعت في وقت قصير أن تتولى مناصب كبيرة داخل الشركة المالكة لتوكيل الملابس.

قالت الناقدة الفنية ماجدة موريس إن طريقة تقديم هذه الأعمال تحدد ما إذا كانت مصممة لتتماشى مع نجم بعينه أم تجسد واقعا اجتماعيا يجذب الجمهور، غير أن طبيعة أسماء هذه الأعمال تشي بإظهار شخصية البطل على حساب القصة.

وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن المبالغة في الدعاية للأعمال التي يتصدرها البطل الأوحد تبرهن على أن الجوانب الاقتصادية والدعائية هي الحاكمة بالنسبة إلى صناعة عدد ليس بالقليل من المسلسلات على حساب القيمة الفنية، وما يحدث حاليا على الفضائيات وعبر إعلانات الشوارع يفوق حدود الدعاية الطبيعية ويؤكد وجود مخاوف من عزوف الجمهور.

وأشارت إلى أن هذه الأعمال تخاطب فئة من الجمهور تعمل على التجهيز المسبق لمشاهدة الأعمال الدرامية، ولديها نجوم مفضلون تنتظر متابعة ما سيقدمونه، ما يختصر خطوات كثيرة على مستوى التسويق وجذب الجمهور منذ الحلقات الأولى وإن كان ذلك لا يضمن استمرار الجمهور في مشاهدة العمل حتى نهايته، في حال لم يكن على المستوى الفني المطلوب.

وتنافس أعمال البطل الواحد أعمالا أخرى تركز على جوانب مختلفة، في مقدمتها كتابة العمل الدرامي وشكله النهائي أمام الجمهور، من بينها مسلسل “نص الشعب اسمه محمد”، بطولة عصام عمر ورانيا يوسف، ويسلط الضوء على مشكلات وقوع الأزواج في حب آخر بعد الزواج، وهل تنجح هذه القصص أم تواجه مشكلات أكبر مع دخول الأهل على خط المشكلات التي تقع مع الزوجة.

أعمال البطل الواحد تنافس أعمالا تركز على جوانب مختلفة في مقدمتها كتابة العمل وشكله النهائي أمام الجمهور
أعمال البطل الواحد تنافس أعمالا تركز على جوانب مختلفة في مقدمتها كتابة العمل وشكله النهائي أمام الجمهور

وهناك مسلسل “منتهي الصلاحية”، بطولة محمد فراج وياسمين رئيس وهبة مجدي، وتدور قصته حول واحدة من القضايا الاجتماعية البارزة خلال الفترة الأخيرة، حيث يتناول تطبيقات المراهنات وكسب المال بشكل سريع والمخاطر الناجمة عن استخدامها، وتركز على انجذاب الشباب لها وتأثير المراهنات على حياتهم.

واختار صناع مسلسل “80 باكو” الفنانة هدى المفتي لبطولة العمل إلى جانب الفنانة انتصار ورحمة أحمد، ويدور في إطار اجتماعي حول أشخاص يشكلون عصابة صغيرة، ويحاولون بكل الطرق جمع مبلغ مالي معين، وتتخلل محاولاتهم الكثير من المواقف المضحكة وغير المتوقعة.

واختارت المخرجة مريم نعوم الاعتماد على البطولة الجماعية لمسلسل “لام شمسية”، بطولة أمينة خليل ويسرا اللوزي ومحمد شاهين، ويسلط المسلسل الضوء على الأذى النفسي الذي يعاني منه الأطفال في المدارس الدولية نتيجة التعرض للتنمر والتحرش والعنف، ومواجهة الأذى من خلال دعم وتفهم الأهل وتأثير ذلك على المجتمع.

وتدور أحداث مسلسل “قهوة المحطة”، بطولة أحمد غزي وهالة صدقي وانتصار ومن تأليف عبدالرحيم كمال، في مقهى محطة مجاورة لمحطة قطارات رمسيس الشهيرة بوسط القاهرة، والتي يقصدها المسافرون من جنوب وشمال مصر إلى العاصمة القاهرة ومعهم أحلامهم ومصالحهم وأسبابهم، في إطار اجتماعي، فعلى المقهى يستريح العابر والموظف والفقير والغني والعاطل عن العمل والمجنون أيضًا، حيث الجميع على المحطة كأنها بيت صغير للمغتربين.

وقد أوضحت الناقدة الفنية ماجدة موريس أن فكرة إبراز البطل وصورته وشكله قد تجذب الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي وليس في الأعمال الدرامية، وهناك وعي لدى المشاهدين بأنهم يبحثون عن القصة والرسالة التي تجذبهم إلى العمل، وأصبح بناء الشخصيات والتفاعل معها جماهيريا سائديْن الآن مع التقدم على مستوى الأفكار مؤخرا، وإذا لم تكن هذه العناصر متوفرة فلن يقتنع الجمهور بأنه شاهد محتوى فنيا حقيقيا.

ولفتت في حديثها لـ”العرب” إلى أن بعض المنتجين أدركوا خطورة صرف أموال طائلة لخدمة فنان بعينه، ويعرفون أنه في حال نجح عمل فذلك لن يستمر طويلا وسيواجه عثرات، كما أن مسألة الخضوع لتوجهات النجوم التي كانت سائدة في سنوات ما قبل المنصات الرقمية تراجعت، ورحل بعض النجوم الكبار أو لم يعد بمقدور الجدد التواجد كل عام لأسباب تتعلق بتراجع نسب المشاهدة وضعف الأعمال.

14