موسكو تناور بدعوة واشنطن إلى الحوار بدل سحب فاغنر من ليبيا

روسيا تدرك جيدا أن الملف الليبي هو ملف أوروبي بامتياز وأن الاهتمام الأميركي به تغير بشكل كبير منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى الحكم.
السبت 2021/07/10
صراع محموم على النفوذ

موسكو- قللت أوساط سياسية من جدية الدعوة التي وجهها نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي فيرشينين إلى الولايات المتحدة للتفاوض بشأن ليبيا واعتبرت الدعوة بمثابة مناورة سياسية ليس أكثر لتخفيف الضغوط الدولية التي تطالبها بسحب مرتزقة فاغنر من البلاد.

وقال فيرشينين الجمعة “نحن منفتحون للحوار حول الملف الليبي مع كل الأطراف المعنية، بما فيها الولايات المتحدة. وبهذا الصدد أريد أن أشير إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اقترح على واشنطن خلال محادثاته مع نظيره الأميركي مايك بومبيو في ديسمبر عام 2019 إطلاق آلية للمشاورات الروسية – الأميركية حول كل مسائل المساعدة في التسوية السياسية الليبية.

سيرجي فيرشينين: سيكون مفيدا التحرك نحو تسوية طويلة الأجل في ليبيا
سيرجي فيرشينين: سيكون مفيدا التحرك نحو تسوية طويلة الأجل في ليبيا

ولسوء الحظ لم نتلق أيّ رد فعل على مبادرتنا هذه حتى الآن”. وأكد فيرشينين في الوقت ذاته أن ذلك لا يعني أن روسيا لا تتعاون مع الولايات المتحدة في الملف الليبي.

وأضاف “أجرينا في نوفمبر الماضي في موسكو مشاورات تفصيلية مع المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السفير لدى طرابلس (ريتشارد) نورلاند. وأجريت محادثات مفيدة معه على هامش مؤتمر برلين. وأكرر مرة أخرى: نحن جاهزون لتنسيق الخطوات حول الملف الليبي مع واشنطن واللاعبين الرئيسيين الآخرين. وأعتقد أنه سيكون مفيدا للتحرك في اتجاه التسوية طويلة الأجل في ليبيا بقيادة الأمم المتحدة”.

وتنكر روسيا أيّ دور عسكري مباشر لها في ليبيا وعلاقتها بمرتزقة فاغنر المتمركزين بحسب تقارير أممية وأميركية وسط ليبيا وجنوبها وشرقها، إلا أنها تنظر إلى الأمر كإطلالة استراتيجية تستكمل من خلالها وجودها في البحر المتوسط من خلال قاعدة حميميم في سوريا.

وتدرك روسيا أن الملف الليبي هو ملف أوروبي بامتياز وأن الاهتمام الأميركي به تغير بشكل كبير منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى الحكم، الذي ترى إدارته أن الاهتمام الأميركي يجب أن ينصب الآن على التحدي الاستراتيجي القادم من الصين.

واتفق المشاركون في مؤتمر برلين2، الذي عُقد في الـ23 من يونيو الماضي حول ليبيا، على بدء سحب المرتزقة الأجانب من البلاد خلال الأيام القليلة المقبلة، بشكل متوازٍ بين المرتزقة التابعين لتركيا وأولئك التابعين لروسيا.

لكنّ مراقبين قللوا من أهمية مخرجات مؤتمر برلين وما تم التوصل إليه في ظل غياب آلية تلزم تركيا وروسيا بسحب المرتزقة وفي ظل الرفض التركي المعلن للخروج من البلاد وهو الأمر الذي يمنح روسيا دافعا أقوى للبقاء وتجاهل الدعوات الدولية، فإذا كانت تركيا لا ترد على الدول الأوروبية والولايات المتحدة بشأن الانسحاب، لماذا ينتظر من روسيا أن تفعل ذلك؟

وتبرر تركيا وجودها العسكري في ليبيا بأنه شرعي وجاء بناء على اتفاقية تعاون عسكري مع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.

Thumbnail

ويقطع التجاهل الأميركي للدعوات الروسية إلى الحوار الطريق على موسكو للمماطلة وربح الوقت حيث ترفض منذ سنوات الدخول في مفاوضات معها بشأن الملف الليبي، في حين يرى مراقبون أن التجاهل الأميركي يعني رفضا أميركيا مطلقا لأي دور روسي في ليبيا وأن الدخول معها في حوار بشأن هذا الملف يحمل اعترافا بسياسة الأمر الواقع التي فرضها الروس على الغرب في البلاد.

وسارع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان لتصحيح زلة لسان للرئيس بايدن عندما قال قبل لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جنيف الشهر الماضي إن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع روسيا في عدة ملفات من بينها ليبيا. وقال سوليفان إن بايدن كان يقصد سوريا حينما تحدث عن الأوضاع في ليبيا في سياق التوسيع المحتمل للتعاون مع روسيا.

1