موسكو تجدّد دعمها الحلّ السياسي في ليبيا

بددت حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، الأربعاء، الآمال في إحياء سريع لمفاوضات وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة بعد انسحاب فريقها من محادثات جنيف، فيما وجهت موسكو رسائل إلى رئيس حكومة الوفاق فائز السراج بأنه لا بديل للحل السياسي للأزمة الليبية، في رفض ضمني لتنصل الوفاق من مخرجات مؤتمر برلين والمفاوضات الأممية الشاقة التي يرعاها المجتمع الدولي بهدف إنهاء النزاع بالبلد.
موسكو – جددت روسيا دعمها للحل السياسي في ليبيا، في الوقت الذي تحاول فيه حكومة الوفاق الليبية إرباك مسار المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، بإعلانها تعليق المشاركة في محادثات جنيف الهادفة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين طرفي النزاع الليبي.
وأجرى قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، الأربعاء، محادثات مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو حول حلّ النزاع في ليبيا، كما أفادت وزارة الدفاع الروسية في بيان.
وناقش شويغو وحفتر “الوضع في ليبيا والدور المهم للمحادثات” التي عقدت في موسكو في يناير الماضي، فضلا عن “ضرورة تنفيذ” البنود التي اتفق عليها خلال قمة برلين الدولية حول ليبيا الشهر الماضي، بحسب البيان.
ويشير متابعون إلى أن موسكو عبر تجديدها دعم الحل السياسي في ليبيا، تسعى للتسويق لنجاح حققته داخل مؤتمر برلين حول ليبيا، والذي انعقد الشهر الماضي.
وسبق أن أوضحت مصادر دبلوماسية أن الضغط الروسي وراء تبني الأطراف الدولية المشاركة في مؤتمر برلين، الخيار السياسي كحل للأزمة الليبية، وأن موسكو هي التي دفعت باتجاه دعوة السراج وحفتر إلى برلين فيما كانت خطة المؤتمر تقصيهما عن الحضور.
ويريد الرئيس الروسي فلاديمر بوتين استثمار نجاح دوره في مؤتمر برلين، ليثبت للمجتمع الدولي نجاعة الدبلوماسية الروسية، وأن موسكو تحولت إلى رقم وازن في الملف الليبي لا يمكن استثناؤه أو إقصاؤه.
وتأتي التحركات الروسية في الملف الليبي ردا على دخول تركيا على خط الأزمة الليبية وتأجيجها للخلافات بين الفرقاء الليبيين لتكرار السيناريو السوري في البلد.
ويعكس إعلان حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة في وقت متأخر، الثلاثاء، تعليق مشاركتها في محادثات جنيف، ردا على استهداف الجيش الليبي مستودع أسلحة تركية في ميناء طرابلس، احتكام فائز السراج رئيس حكومة الوفاق إلى الأجندة التركية.
وتدعم تركيا حكومة السراج بالمرتزقة والذخيرة والسلاح في مواجهة مكاسب الجيش الليبي الميدانية، الأمر الذي عرقل المساعي الدولية لإيجاد تسوية سياسية.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في البيان أن حفتر وشويغو “أشارا مرة جديدة إلى غياب بديل عن السبل السياسية لحل الأزمة الليبية الداخلية”، وأعربا عن التزامها “باستقلال ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها”.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأربعاء، إن على الأطراف الخارجية أن تدفع طرفي النزاع في ليبيا إلى الجلوس لخوض محادثات سلام.
ووفق ما أفادت وكالة “ريا نوفوستي” الروسية للأنباء، قال لافروف خلال لقاء مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في موسكو “يجب على كل من لديهم تأثير بشكل أو بآخر على القوى السياسية أو غيرها في ليبيا أن يحثوها على الجلوس معا لخوض محادثات. اتخذت الخطوات الأولى بهذا الاتجاه لكن صعوبات إضافية تعاود الظهور من جديد”.
وشارك حفتر في يناير في مفاوضات رعتها موسكو لكنه غادر دون توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار.
ويأتي لقاء وزير الدفاع الروسي وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر بمثابة محاولة لترميم ما اعتبره المراقبون فشلا روسيا، حين رفض حفتر التوقيع في العاصمة الروسية، في يناير الماضي، على اتفاق الهدنة في ليبيا فيما وقّع الاتفاق رئيس حكومة الوفاق فائز السراج.
لكن حكومة الوفاق تناور سياسيا بعدما كشف الجيش الليبي خرق ميليشياتها للهدنة وقرار حظر الأسلحة، كما تعمل على تعطيل الحلول السياسية بالهروب من مفاوضات جنيف إضافة إلى مساعيها للتنصل من مخرجات برلين.
وأمام حالة الانسداد السياسي التي يغرق فيها المشهد الليبي تحاول الأمم المتحدة إنقاذ المفاوضات الليبية.
وسعت الأمم المتحدة لإنقاذ محادثات وقف إطلاق النار في ليبيا بعدما أعلنت حكومة الوفاق انسحابها من المحادثات بعد يوم واحد من انطلاقها، احتجاجا على قصف ميناء العاصمة.
وقال مصدر إن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليبيا حاول إقناع وفد طرابلس بالبقاء في جنيف واستئناف محادثات غير مباشرة.
وأوضح المصدر أن “المبعوث الأممي غسان سلامة يحاول إصلاح هذا، مضيفا أن رد فعل الحكومة يعتبر احتجاجا وليس بالضرورة انسحابا كاملا من المحادثات”.
لكن رئيس حكومة الوفاق فائز السراج بدد الآمال في إحياء سريع لمفاوضات وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة بعد انسحاب فريقه.
وأطلق المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا في وقت سابق، الثلاثاء، الجولة الثانية من اجتماعات “اللجنة العسكرية المشتركة 5+5” في جنيف، التي تضمّ عشرة ضباط يمثّلون طرفي النزاع.
وهذه اللجنة هي إحدى ثمار مؤتمر برلين الدولي. ومن مهام هذه اللجنة الاتّفاق على شروط وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب قوات الطرفين من بعض المواقع.
وانتهت جولة أولى من المحادثات دون نتيجة في وقت سابق هذا الشهر، لكن قال سلامة إن هناك “مزيدا من الأمل” هذه المرة لاسيما بسبب إصدار مجلس الأمن الدولي قرارا يدعو إلى “وقف دائم لإطلاق النار”.
وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان، الأربعاء، عن “أملها باستئناف الحوار”. ودعت “لوقف التصعيد والأعمال الاستفزازية وخاصة توسيع رقعة القتال. كما ترجو البعثة من الجميع العودة للحوار سبيلا وحيدا لإنهاء الأزمة”.
من جهته، حدد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ثوابت إنهاء الأزمة في بلاده.
وأكد عقيلة صالح على ضرورة مشاركة مجلس النواب في المسار السياسي الذي تعمل عليه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وشدد صالح، حسبما أفاد موقع مجلس النواب، الأربعاء، على المشاركة وفق الثوابت الوطنية لمجلس النواب والشعب الليبي والتي لا يمكن التنازل عنها للوصول إلى دولة المؤسسات والقانون ولعدم التفريط في المكتسبات السياسية والعسكرية التي تحققت في مشروع وطني ينهي الأزمة التي تمر بها البلاد. وأوضح صالح، خلال كلمة ألقاها الثلاثاء في افتتاح جلسة مجلس النواب، أن المُشكلة في ليبيا أمنية بالدرجة الأولى، محذرا من “خطورة تواجد الجماعات الإرهابية والمتطرفة والمرتزقة السوريين بالعاصمة طرابلس”.
وأكد صالح على “عدم إمكانية عمل حكومة الوحدة الوطنية في العاصمة طرابلس في ظل وقوعها تحت الميليشيات والمتطرفين والمرتزقة”.
وحدد صالح الثوابت الوطنية ومشروعه الوطني لإنهاء الأزمة في البلاد منها “تفكيك الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة والعصابات المسيطرة على العاصمة وللقيادة العامة صلاحية الضم والدمج وجمع السلاح”، وأن “القوات المسلحة الليبية هي وحدها الموكل إليها تطهير البلاد من الجماعات الإرهابية والميليشيات والعصابات المسلحة وحماية الحدود”.