موريتانيا تخفض ميزانية 2024 لتجنب العجز أو الاقتراض

فرضت دوافع تنمية الاقتصاد الموريتاني على الحكومة الدخول في معركة ترشيد الميزانية للتحكم أكثر في النفقات وتغيير خارطة المصاريف لتفادي الاقتراض وتوسع العجز وفي الوقت ذاته زيادة الإيرادات، بما يدعم تنفيذ المشاريع وتحسين معيشة الناس.
نواكشوط - أعلنت الحكومة الموريتانية عن تقليص ميزانيتها الأصلية لسنة 2024، بما يحول دون تورطها في العجز أو الاقتراض، لاسيما أن العام الحالي يبشر بنتائج إيجابية على أكثر من صعيد.
وجاء ذلك بعد إقرارها تعديلا في الميزانية، حيث قالت إنه تم تقليص حجمها إلى 107.7 مليار أوقية (2.72 مليار دولار) مقارنة مع 108.1 مليار أوقية في القانون الأصلي، مما يعكس تراجعا بنسبة 0.38 في المئة.
وبررت الحكومة التعديل، بأنه يأتي في “إطار الاستجابة للاحتياجات المستجدة بعد إعادة انتخاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لفترة رئاسية ثانية”.
وأوضحت أن الميزانية المعدلة تهدف إلى تسريع تنفيذ المشاريع الكبرى، وإزالة العقبات التي تحول دون انطلاقها، مشيرة إلى أنها تسعى من خلال ذلك إلى تحسين الظروف المعيشية للناس، وإطلاق دراسات ضرورية لتنفيذ الإصلاحات الإستراتيجية.
وأبرزت الحكومة أن التعديل المالي يأتي لضمان أن الوزارات والهيئات الحكومية لديها الوسائل الكافية لتنفيذ أولوياتها الجديدة، مع التأكيد على إدارة شفافة وصارمة للأموال العامة وتحديث التوقعات الاقتصادية لمواجهة التغيرات في السياق المحلي والدول.
كما شددت على التزامها بتعزيز القدرات الدفاعية للدولة، وتوظيف الموارد العامة بشكل فعّال يتماشى مع الهيكل التنظيمي الجديد للحكومة.
وقال وزير الاقتصاد والمالية سيد أحمد ولد أبوه إن “قانون المالية المعدل للعام 2024 تميز بخفض العجز المالي، دون اللجوء إلى الاقتراض أو السحب من صندوق المحروقات من خلال عمل تنظيمي دقيق على بنود الميزانية”.
وأضاف “لقد مكن ذلك من تحرير هوامش ميزانية مهمة ستوجه إلى مشاريع هيكلية تهدف إلى التغيير من حياة المواطنين في الأشهر الثلاثة القادمة”، مشيرا إلى أن هذه المشاريع تتعلق بالطاقة والمياه والصرف الصحي والزراعة.
ويصنف البنك الدولي موريتانيا، وهي أضعف اقتصادات بلدان المغرب العربي ضمن “الدول الأقل تطورا”، حيث تحتل المرتبة 160 من أصل 189 دولة، حسب الترتيب العام المعتمد على مؤشر النمو البشري.
ويعيش نحو 31 في المئة من سكان موريتانيا البالغ عددهم 4 ملايين نسمة تحت خط الفقر، وفق بيانات رسمية.
وشملت الهوامش التي تم تحريرها استحداث رصيد مالي لأول مرة بقيمة 629.2 ألف دولار، موجه للتكفل بجائزة الامتياز للمثابرين في قطاعي التربية والصحة وسيتم وضع آلية لهذه العلاوة قريبا.
وأكد ولد أبوه أن الميزانية المعدلة توازن ﻣن حيث الإيرادات والنفقات، وهي تأتي في سياق الثقة المتجددة التي منحت لولد الغزواني لولاية رئاسية ثانية.
وتظهر المؤشرات الاقتصادية أن الناتج المحلي الإجمالي سيبلغ 5.4 في المئة خلال العام الجاري، وتعتمد هذه النسبة المتفائلة نسبيا على ديناميكية القطاع الاستخراجية والأداء الجيد لمجالات أخرى مثل الزراعة.
وأدى انخفاض أسعار السلع الأساسية في السوق الدولية إلى تراجع الأسعار المحلية، حيث بلغ معدل التضخم على أساس سنوي 3 في المئة في يوليو 2024.
وكشفت الحكومة أن من بين الأهداف الرئيسية لتعديل الميزانية، تعبئة الموارد الضرورية لمواكبة المشاريع الواردة في البرنامج الانتخابي للرئيس ولد الغزواني، لاسيما في مجال الطاقة والمياه والصرف الصحي.
2.72
مليار دولار حجم ميزانية 2024 بعد تعديلها، أي بتراجع قدره 0.38 في المئة عن الأصلية
وسيترافق ذلك مع مواكبة الهيكلة المالية للقطاعات الحكومية التي عرفت إنشاء قطاعات جديدة ودمج أخرى في قطاعات وزارية.
كما أن من بين الأهداف الحفاظ على الالتزامات الموقعة مع البنك الدولي، وتحديث التوقعات المتعلقة بالإيرادات وتأكيد تلك المتعلقة بالنفقات، وتسريع تنفيذ المشاريع.
وتتضمن الميزانية دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث أوضح ولد أبوه أن من بين الأهداف إدخال تسهيلات للشروط المحددة لآلية إسناد العقود عبر التفاوض في حالات عدم التوصل لعروض مناسبة ضمن المنافسة المفتوحة.
أما في حالات المشاريع المصنفة ذات نفع عام أو مشاريع الخدمة العمومية، وإضافة المزيد من المرونة والشفافية والرقابة في الحصول على التراخيص والموافقة عليها، إذ يشترط موافقة مجلس الوزراء عليها مسبقا.
وكان مجلس الوزراء قد اجتمع أواخر سبتمبر الماضي، وقام بدراسة مشروع قانون يتضمن قانون المالية المعدل لسنة 2024 الذي يهدف إلى مواءمة سياسة الميزانية مع أولويات برنامج ولد الغزواني لما تبقى من عام 2024.
ومن ذلك الإسراع في تنفيذ المشاريع الكبرى الجاري تنفيذها كإزالة العوائق التي تمنع أو تبطئ إطلاق المشاريع الأخرى التي تمت تعبئة الموارد لها.
ويشمل المسار إعداد تصور وإطلاق برامج ذات أولوية لتحسين الظروف المعيشية للناس، والقيام بدراسات لتنفيذ الإصلاحات الإستراتيجية للسياسة العامة للحكومة، والتكفل بالاحتياجات المتعلقة بتعزيز القدرات الدفاعية.
وإلى جانب ذلك، اعتماد هيكلة الميزانية العامة للدولة وفق الهيكل التنظيمي الجديد للحكومة المشكلة حديثا، بما يضمن التوظيف الأمثل والفعال للموارد العامة.
ووفق بيان مجلس الوزراء، تهدف هذه المراجعة إلى التأكد من أن كل وزارة أو هيئة حكومية لديها الوسائل اللازمة لإنجاز مهامها وفقا للأولويات الجديدة المحددة، مع تعزيز التسيير الصارم والشفاف للأموال العمومية.
وكذلك تحديث توقعات الميزانية لتأخذ في الاعتبار التغيرات في السياق الاقتصادي والتدابير الجديدة المعتمدة، والحفاظ على تنفيذ الالتزامات الواردة بالبرنامج الاقتصادي بين 2023 و2026 بدعم من التسهيل الائتماني الموسع وخاصة من صندوق النقد الدولي.