موريتانيا تختبر دورها الإقليمي من خلال حفل تنصيب الرئيس
تنصّب موريتانيا اليوم رئيسها محمد ولد الشيخ الغزاوني الفائز بولاية ثانية بإقامة حفل تشارك فيه وجوه سياسية قارية وإقليمية معروفة، وهو ما يمثل حسب المراقبين، فرصة لنواكشوط حتى تختبر وزنها الجيوسياسي في ظلّ التطورات التي تشهدها المنطقة.
نواكشوط - ينتظم اليوم الخميس حفل تنصيب الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني لولاية ثانية بعد فوزه منذ الشوط الأول للسباق الرئاسي في التاسع والعشرين من يونيو الماضي بحصوله على 56,12 في المئة من الأصوات.
وقال وزير البترول والطاقة والمعادن، الناطق باسم الحكومة، الناني ولد اشروقه، إن “حفل التنصيب سيحضره العديد من رؤساء الدول والحكومات في أفريقيا والدول العربية، تثمينا لمكانة الرئيس ولد الشيخ الغزواني الدولية”، وفق تعبيره، مشيرا إلى أن “جميع الشخصيات الاعتبارية في البلد ستقدم لها دعوى لحضور حفل التنصيب”.
ووصل ولد الشيخ الغزواني إلى السلطة عام 2019، في أول انتقال للسلطة بين رئيسين منتخبين منذ استقلال موريتانيا عن فرنسا عام 1960 وسلسلة انقلابات من العام 1978 حتى 2008.
ويتضمن برنامج الحفل وصول الوفود إلى المركز الدولي للمؤتمرات بنواكشوط عند الساعة الثامنة و30 دقيقة صباحا، يليه وصول الوزير الأول ورئيس وأعضاء المجلس الدستوري، ثم وصول رؤساء الدول والحكومات، حيث سيستقبلهم الوزير الأول محمد ولد بلال، وتبدأ الوفود في أخذ أماكنها في القاعة على الساعة العاشرة صباحا، لتنطلق بعد 30 دقيقة فعاليات التنصيب بوصول الرئيس المنتخب.
وأكدت مصادر حكومية أن وفودا من 40 دولة ستشارك في حفل تنصيب ولد الشيخ الغزواني لولاية ثانية، وهو ما يؤكد الحظوة التي باتت تتميز بها موريتانيا في محيطيها الإقليمي والدولي، ومن بين المشاركين في الحفل الرئيس السينغالي باسيرو ديوماي فاي، ورئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، والوزير الأول نذير العرباوي، والرئيس التشادي محمد إدريس ديبي.
نواكشوط تسعى إلى تطوير علاقاتها الخارجية مع الحفاظ على التوازنات الأساسية المرتبطة بتاريخ دبلوماسيتها
وينتظر أن يشارك في الحفل ضيوف من عدد من الدول الأفريقية والأوروبية، بالإضافة إلى الدول العربية ومنها دول الخليج العربي التي ترتبط بعلاقات جيدة مع نواكشوط.
وستنطلق فعاليات الحفل بقراءة نص مداولة المجلس الدستوري المتعلقة بعقد الجلسة العلنية لتأدية القسم خارج مقره، والمداولة المتعلقة بنتائج الانتخابات الرئاسية 29 يونيو 2024.
ويلقي رئيس المجلس الدستوري خطابه الخاص بحفل التنصيب ثم يدعو الرئيس ولد الشيخ الغزواني لتأدية القسم، ويؤديه، قبل أن يتولى توشيحه بالوسام الأكبر في نظام الاستحقاق الوطني، ومن هناك، يتم عزف النشيد الوطني، إطلاق 21 طلقة نارية، ثم يلقي الرئيس الموريتاني خطابه بمناسبة حفل التنصيب، ليتم الإعلان بعد ذلك عن اختتام الجلسة العلنية للمجلس الدستوري واختتم حفل التنصيب.
وبعد انسحاب رئيس وأعضاء المجلس الدستوري، يبدأ النداء بأسماء وصفات رؤساء الدول والحكومات ورؤساء الوفود المشاركة حسب التراتبية المعتمدة لتهنئة الرئيس ولد الشيخ الغزواني، وأخذ صورة تذكارية معه، ثم يتجه الرؤساء ورؤساء الوفود إلى قاعة حفل غداء يقيمه الرئيس الموريتاني على شرفهم، لتنطلق لاحقا ترتيبات مغادرة الضيوف، ويتولى الوزير الأول محمد ولد بلال توديعهم في مطار نواكشوط الدولي – أم التونسي.
وفود من 40 دولة ستشارك في حفل تنصيب ولد الشيخ الغزواني لولاية ثانية
وينتظر أن تشارك فرنسا بوفد مهم في حفل تنصيب ولد الشيخ الغزواني الذي اختتم جدول نشاطاته الخارجية بزيارة باريس الأسبوع الماضي حيث التقى بالرئيس إيمانويل ماكرون وحضر افتتاح دورة الألعاب الأولمبية.
وتراهن باريس على تأمين وتطوير علاقاتها مع موريتانيا بعد تقلص نفوذها في غرب أفريقيا وخاصة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مقابل تمدد روسي ما انفك يتسع في مناطق مهمة من القارة السمراء.
وقام الرئيس الأميركي جو بايدن بتعيين أعضاء الوفد المكلف بحضور تنصيب الرئيس ولد الشيخ الغزواني، والذي تقوده الرئيسة التنفيذية لمؤسسة تحدي الألفية، آليس باترسون أولبرايت.
ويضم الوفد القائم بالأعمال، في سفارة الولايات المتحدة بنواكشوط ديفيد رايمر، ومساعد وزير الخارجية لمكتب موارد الطاقة من وزارة الخارجية الأميركية، جيفري آر بيات، ورئيس مؤسسة التنمية الأفريقية الأميركية كارول موزلي براون، والمساعدة الخاصة للرئيس والمديرة الأولى للاقتصاد الدولي والعمل، مجلس الأمن القومي من البيت الأبيض نورا تود.
ويعد حفل تنصيب الرئيس ولد الشيخ الغزواني فرصة ملائمة لاختبار أهمية موقع نواكشوط الإقليمي والدولي في ظل التحولات الجيوسياسية الكبرى التي تعرفها المنطقة، لاسيما أن موريتانيا نجحت في الحفاظ على استقرارها الأمني والسياسي وفي أن تنأى بنفسها عن صراعات النفوذ القائمة بين القوى الكبرى في منطقة الساحل والصحراء.
باريس تراهن على تأمين وتطوير علاقاتها مع موريتانيا بعد تقلص نفوذها في غرب أفريقيا
كما أن موريتانيا نجحت في تحصين نفسها من الجماعات المتشددة النشطة في غرب أفريقيا، حيث لم تتعرض لأي هجوم ارهابي منذ العام 2011.
وتسعى نواكشوط إلى تطوير علاقاتها الخارجية مع الحفاظ على التوازنات الأساسية المرتبطة بتاريخ دبلوماسيتها التي تأسست مع قيام الدولة الوطنية المستقلة في العام 1960، حيث تؤكد على عمق روابطها السياسية والاقتصادية والثقافية مع فرنسا، وعلى التنسيق الأمني والعسكري والسياسي مع الولايات المتحدة، كما ترتبط بعلاقات وطيدة مع العواصم الأوروبية، وبعلاقات تعاون جدي بدأت تتشكل خلال السنوات الماضية مع روسيا والصين، بالإضافة إلى تركيز على العمق الأفريقي وعلى علاقات متميزة مع الدول العربية.
وودع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، الثلاثاء، أعضاء الحكومة الثالثة للوزير الأول محمد ولد بلال، وذلك خلال آخر اجتماع لها قبيل تنصيبه لولاية ثانية، وتقديم الحكومة استقالتها.
وخاطب ولد الشيخ الغزواني أعضاء الحكومة بالقول إنه لا يمكن أن يتهمهم في نياتهم، أو يقول إن بعضهم قصد فعلا ألا ينجز في المهام التي أوكلت إليه، ولكنه يؤكد لهم أن بعضهم لم يوفق في ذلك.
وتحدث خلال الاجتماع عن معالم عمل الحكومة وأدائها خلال الفترة الماضية، فيما ترجح مصادر مطلعة أن يعلن غدا الجمعة عن تشكيل حكومة جديدة لإدارة المرحلة القادمة.
وتعد الحكومة التي انتهت مهامها بنهاية الأربعاء، رابع حكومة يشكلها ولد الشيخ الغزواني خلال مأموريتها الأولى، حيث أنه كان قد شكّل أول حكوماته في أغسطس 2019، بعيد تنصيبه، وعين ثاني حكوماته في أغسطس 2020، وجاء تعيين ثالث الحكومات في مارس 2022، فيما عين حكومته الأخيرة خلال المأمورية الأولى في يوليو 2023.
