موديز تحذّر من جبال الديون التركية

تؤكد آخر المؤشرات أن التحديات المختلفة، التي تواجه الاقتصاد التركي، ازدادت حدّة رغم مكابرة المسؤولين، بأن البلاد تجاوزت محنتها، خاصة بعد أن تلقت أنقرة ضربة جديدة من وكالة موديز للتصنيف الائتماني عمقت المخاوف بشأن مستقبل البلاد في ظل جبال الديون.
أنقرة - قوبل خفض وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للدين السيادي لتركيا للعام 2020 من مستقرة إلى سلبية، بموجة انتقاد معتادة من طرف السلطات في أنقرة.
وترجع الوكالة تلك النظرة المتشائمة بسبب دخول أنقرة في العديد من الأزمات وأيضا بسبب التقلبات الجيوسياسية العالمية، التي لا يمكن التنبؤ بها، ما سيبطئ النمو ويزيد من مخاطر صدمات اقتصادية أو مالية.
ومع عدم وجود أرقام رسمية دقيقة، تشير بيانات من مؤسسات مالية دولية إلى أن ديون تركيا تقترب من نصف تريليون دولار، قياسا بنحو 130 مليار دولار حينما وصل حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى السلطة قبل 17 عاما.
ووفق إحصائيات نشرتها تركيا، ارتفعت قيمة ديون تركيا الخارجية إلى قرابة 447 مليار دولار بنهاية النصف الأول من العام الجاري، مرتفعة بنحو 2.3 مليار دولار بمقارنة سنوية.
ولطالما اعتمدت تركيا على القروض والديون في انعاش اقتصادها خلال السنوات العشر الماضية، لكن حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد تسبب في تراجع في شهية المستثمرين للاقتراض.
وكانت الوكالة قد حذرت في تقارير سابقة من أن أهداف النمو الجديدة لتركيا ستزيد الاختلالات على مستوى الاقتصاد الكلي وتبدو غير متماشية مع بقية التقديرات التي وضعتها إسطنبول في إطار أهدافها الاقتصادية المقبلة.
500 مليار دولار، حجم ديون تركيا في الوقت الحالي، وفق تقديرات المؤسسات المالية الدولية
وتسعى أنقرة من خلال برنامجها الاقتصادي، المعلن مؤخرا إلى الخروج من شبح الأزمات المخيم على الاقتصاد.
ويشكك محللون في قدرتها على التعافي من ركود نجم عن أزمة العملة والتي شهدت فقدان الليرة حوالي 30 بالمئة من قيمتها وبلوغ التضخم أعلى معدلاته في 15 عاما.
وفي أعقاب الأزمة، أعلنت الحكومة توقعات بنمو أقل وتضخم أعلى، لكنها رفعت تقديرها للنمو العام المقبل إلى 5 بالمئة من 3.5 بالمئة، وخفضت توقعاتها للتضخم للعامين الجاري والمقبل.
وفي مراجعة أخرى، رفعت تركيا توقعاتها لنسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.9 بالمئة في العامين المقبلين.
وحددت توقعاتها لنسبة عجز ميزان المعاملات الجارية إلى الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 1.2 بالمئة للعام المقبل و0.8 بالمئة لعام 2021.
وقالت موديز في تقريرها الذي نشرته الاثنين الماضي، “تضع وثيقة السياسة الجديدة أهداف نمو طموحة للغاية عند خمسة بالمئة لكل عام من 2020 إلى 2021 وهو ما نعتقد أنه لن يمكن تحقيقه إلا على حساب تفاقم الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد التركي”.
وأوضحت أن الاختلالات في التوازنات المالية تتضمن اتساع عجز ميزان المعاملات الجارية وتجدد الضغط الصعودي على التضخم، الذي يتوقع البنك المركزي بلوغه لنحو 12.7 بالمئة بنهاية العام الحالي.
وتضاءل عجز ميزان المعاملات الجارية، المقلق للمستثمرين، بشكل كبير منذ تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار، وهو ما يعود بشكل رئيسي إلى تراجع الواردات بسبب زيادة الأسعار.
وتتوقع وكالة موديز استقرار نمو الاقتصاد التركي بنحو 0.25 بالمئة وارتفاع إلى ما لا يقل عن 3 بالمئة في العامين المقبلين.
وأكد خبراء موديز أنه إلى أن تطبق أنقرة مجموعة إصلاحات ذات موثوقية ستظل تركيا معرضة لأزمة في ميزان المدفوعات، وأن التحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية الرئيسية سيثبت على الأرجح أنه عابر.
وأشارت أيضا إلى أنه رغم امتلاك تركيا لاقتصاد كبير ومتنوع ودين منخفض، لكن تغلب على ذلك بشكل متزايد استمرار تآكل قوة المؤسسات وفعالية السياسات على ثقة المستثمرين.
ومع ذلك تصر وزارة الخزانة والمال التركية على أن توقعات موديز غير دقيقة و”لا تتوافق مع المؤشرات الأساسية للاقتصاد التركي”.
وحاولت الوزارة تبرير موقف أنقرة من ذلك بالقول في بيان إن ترجيحات موديز “تثير تساؤلات حول موضوعية وحيادية تحليلات هذه المؤسسة”.
ومنذ أن عين الرئيس رجب طيب أردوغان صديقه مراد أوسال محافظا للبنك المركزي في يوليو الماضي، تم خفض نسبة الفائدة ثلاث مرات.
ويقول أوسال إن البنك ملتزم باتباع توجه نقدي حذر وأنه سوف يستمر في استخدام جميع الأدوات المتاحة لتحقيق استقرار الأسعار وأهداف الاستقرار المالي.
ودخل الاقتصاد التركي فترة ركود للمرة الأولى منذ عقد، العام الماضي في أعقاب أزمة عملة في الصيف وسط توتر مع الولايات المتحدة.