موجة استهداف لأبراج الكهرباء تضاعف الضغوط على حكومة الكاظمي

استهداف 3 أبراج لنقل الطاقة بعبوات ناسفة في محافظة الأنبار غربي البلاد.
الجمعة 2021/08/06
مثل الوضع العراقي.. يصلح من جهة فينخرم من أخرى

الرمادي (العراق) - تحوّل الاستهداف الممنهج لمنشآت نقل الطاقة الكهربائية في العراق إلى معضلة تواجه حكومة مصطفى الكاظمي في منعطف حاسم من المرحلة الانتقالية الصعبة التي يقودها على بُعد حوالي شهرين من موعد الانتخابات البرلمانية المبكّرة، حيث يتضاءل أمامه الهامش المسموح به للخطأ مخافة انسياق البلد الذي يعاني من انفلات السلاح ومن توترات سياسية وعرقية وطائفية، في فوضى أمنية من شأنها أن تنسف الاستحقاق الانتخابي المهمّ وتعيد البلد المرهق اقتصاديا وماليا إلى مربّع العنف الذي عاش خلال العقدين الماضيين حلقات متتالية منه.

وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية الخميس عن استهداف ثلاثة أبراج لنقل الطاقة بعبوات ناسفة في محافظة الأنبار غربي البلاد.

وبغض النظر عن ظاهرة الاستهداف المتصاعد للبنية التحتية للطاقة الكهربائية، يعاني العراق أصلا نقصا مزمنا في إنتاج الكهرباء وتزويد السكان بها، الأمر الذي جعل هذا الملف مثار غضب شعبي كثيرا ما يتصاعد بشكل لافت في فصل الصيف من كلّ سنة.

ولم يكن الكاظمي قبل توليه رئاسة الحكومة العراقية في مايو 2020 اسما لامعا في السياسة العراقية حيث كان مجال عمله أمنيا كرئيس لجهاز المخابرات، ومع ذلك فقد وجد قدرا من القبول لدى الشارع الغاضب الذي أسقطت انتفاضته العارمة سَلَفه عادل عبدالمهدي.

وعمل الكاظمي على التقّرب من الشارع بوعود محاربة الفساد وتحسين الأوضاع الاجتماعية ومعالجة المستوى المتردي للخدمات العامّة، وخصوصا محاسبة قتلة المتظاهرين والمتورّطين في عمليات اغتيال النشطاء المعارضين، دون أن يتمكّن فعلا من تحقيق غالبية ما قطعه من وعود بسبب الأوضاع المالية والأمنية والسياسية الضاغطة التي واجهها.

وعلى هذا الأساس فإنّ استهداف أبراج نقل الكهرباء لا يعدّ تهديدا أمنيا، بل يمثّل نسفا لجهود حكومة الكاظمي في تحسين الخدمات سعيا لتهدئة الشارع واستمالته.

استهداف أبراج نقل الكهرباء تهديد للأمن ونسف لجهود حكومة الكاظمي في تحسين الخدمات سعيا لتهدئة غضب الشارع

وقالت الوزارة في بيان “تعرض خط نقل كهرباء في منطقة حديثة بمحافظة الأنبار إلى عمل إرهابي تخريبي بتفجير ثلاثة أبراج لنقل الطاقة ضمن الخط على الأقل بواسطة عبوات ناسفة”. وأضافت أنّ “التفجير تسبب بانقطاع التيار الكهربائي عن مناطق في الأنبار، وأن فرق الصيانة برفقة قوات الأمن مازالت تجري مسحا في المنطقة تمهيدا لإصلاح الأبراج المتضررة وإعادة الخط إلى الخدمة”.

واعتبرت أنّ “هذا التطور يدخل في إطار الهجمات الممنهجة لفصل المنظومة الوطنية ما بين المحافظات وإيقاف مشاريع وزارة الكهرباء واستنزاف قدراتها وإمكانياتها”.

وفي الأثناء قالت السلطات العراقية الخميس، إن تفجيرات ممنهجة استهدفت خلال يومين أربعة عشر برجا لنقل الطاقة الكهربائية ما أدى إلى انقطاع التيار عن مناطق في شمالي البلاد.

وذكرت وزارة الكهرباء في بيان أن “تفجيرات ممنهجة بواسطة عبوات ناسفة استهدفت خلال الثماني والأربعين ساعة خط كركوك ـ القيارة 400 ك.ف بعد تفجير خمسة أبراج للنقل حيث تسبب ذلك بخروج الخط عن العمل في محافظة نينوى”.

وأضاف البيان أنّ تفجيرات بعبوات ناسفة استهدفت أيضا الخط الناقل الشهيد عبدالله ـ الدور ـ شمال سامراء 132 ك.ف عبر تفجيرات عبوات ناسفة استهدفت أربعة أبراج ما أدى إلى خروجها عن الخدمة في محافظة صلاح الدين”.

وتابع “التفجيرات استهدفت أيضا الخط الناقل الشهيد عبدالله ـ شرق تكريت والشهيد عبدالله ـ الدور 132 ك.ف بعبوات ناسفة، حيث استهدفت خمسة أبراج للنقل، مما أدى إلى خروج الخط عن الخدمة في محافظة صلاح الدين”.

ويشهد العراق هجمات متصاعدة في الأسابيع القليلة الماضية تستهدف أبراج نقل الكهرباء ومحطات التوليد في مناطق متفرقة من البلاد.

Thumbnail

وتسببت الهجمات بانقطاع تام للشبكة الوطنية باستثناء إقليم كردستان العراق في الثاني من يوليو الماضي قبل أن تعود تدريجيا بعد عدة ساعات، وهو الأمر الذي زاد من نقمة السكان على الحكومة ومسؤولي البلاد.

وتتهم السلطات مسلحي داعش بالوقوف وراء معظم الهجمات التي تأتي بالتزامن مع تزايد الطلب على الطاقة بفعل ارتفاع الحرارة ووصولها إلى خمسين درجة مئوية في بعض المناطق.

لكن البعض لا يتردّد في إثارة الشكوك بشأن وجود جهات أخرى مستفيدة من استهداف منشآت الكهرباء، من بينها ميليشيات شيعية غير راضية عن سياسة الكاظمي وتعتبره منحازا للولايات المتحدة على حساب إيران الحليفة لتلك الميليشيات وهي من ثم معنية بتعقيد مهمّته وإفشاله، ومنها أيضا جهات مستفيدة ماليا من ورشات صيانة منشآت الكهرباء وإصلاح ما يتضرّر منها بسبب التفجيرات وعوامل أخرى.

وتجلّى عدم رضا الميليشيات على الكاظمي من خلال تجدّد استهدافها بالصواريخ والعبوات الناسفة للمصالح والقوات الأميركية في العراق ولقوافل إمداد التحالف الدولي ضدّ داعش، بمجرّد عودة رئيس الوزراء من الولايات المتحدة باتّفاق مع إدارة جو بايدن على سحب القوات القتالية الأميركية من العراق والاقتصار على قوات تتولى تدريب القوات العراقية وإسنادها معلوماتيا واستخباراتيا، وهو ما رفضته تلك الميليشيات بشدّة واعتبرته التفافا على مطلب إخراج جميع القوات الأجنبية من البلاد.

ويعاني العراق أزمة نقص الكهرباء منذ عقود جراء الحروب المتعاقبة وعدم استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد فضلا عن استشراء الفساد. وتنتج البلاد ما بين 19 و21 ألف ميغاوات من الطاقة الكهربائية بينما الاحتياج الفعلي يتجاوز 30 ألفا، وفق مسؤولين في القطاع.

3