موانئ دبي تتجاهل الأزمات بمد جسور الصفقات

تجاهلت مجموعة موانئ دبي العالمية شلل الحركة التجارية العالمية جراء جائحة كورونا بتركيزها على تحويل تداعيات الإغلاق إلى فرصة استثمارية للاستحواذ على صفقات جديدة لضخ الإيرادات، ما يعزز خطط المجموعة في التمركز إقليميا ضمن أكبر القنوات التجارية ودعم تنافسيتها وموقعها العالمي.
دبي - ركزت مجموعة موانئ دبي العالمية أنظارها على اقتناص فرص الاستثمار وضخ الإيرادات بالاستحواذ على صفقات جديدة تعزز ربحيتها رغم جسامة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا من خلال تراجع قياسي في حركة التجارة العالمية.
وتقرّ الشركة التي تعود ملكيتها إلى حكومة دبي بأنها مقبلة على الأسوأ حيث يقول رئيس مجلس إدارة موانئ دبي العالمية إن “المجموعة العملاقة تتحضر للأسوأ”، متوقّعا أن “تزداد عواقب تفشي فايروس كورونا المستجد في الأشهر المقبلة بينما تعاني التجارة العالمية من أكبر أزماتها منذ الحرب العالمية الثانية”.
وتجاهلت الشركة الأزمة بإقبالها على الاستحواذ على الفرص الاستثمارية لتنمية شراكاتها التي أصبحت تمتد إلى مختلف أنحاء العالم.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية للرئيس التنفيذي سلطان أحمد بن سليّم قوله إنّ “المجموعة التي تدير محطات بحرية وموانئ في 54 دولة، تسعى رغم ذلك إلى المزيد من عمليات الاستحواذ المدرة للإيرادات”.
وأقدمت المجموعة في السنوات الأخيرة على عمليات شراء واستحواذ أنفقت فيها مليارات الدولارات للحصول على أصول من عبّارات في بريطانيا وصولا إلى محطات نقل في تشيلي.
ولكن أزمة انتشار فايروس كورونا المستجد عرقلت حركة التجارة العالمية التي تعتمد بنسبة 80 في المئة على عمليات النقل البحري، ما أدى إلى شل سلاسل الإمداد وتخفيض الواردات والصادرات العالمية بما فيها سلاسل الصين أكبر مصدّر في العالم.
ويقول بن سليّم إن “جائحة كوفيد – 19 تسبّبت في خسائر كبيرة للتجارة العالمية، مشيرا إلى أنّ تأثيرها تجاوز الأزمة المالية العالمية في 2007 – 2008″، ومشبّها الوضع الحالي بالدمار الذي لحق بالعالم بعد الحرب العالمية الثانية.
وأوضح أنه “في ذلك الوقت كان الاقتصاد العالمي منهارا بسبب دمار المصانع والمدن والبنية التحتية الخاصة بقطاع النقل، بينما هرب الناس من المدن للنجاة بحياتهم”.
وأضاف “اليوم، المصانع سليمة ولكن لا أحد يستطيع العمل. والشوارع خالية وآمنة ولكن لا أحد يخرج. والأسواق مليئة بكافة أنواع البضائع ولكن لا أحد يشتري”.
وأشار إلى أن “التوقعات بالعودة إلى المستويات السابقة كانت مفرطة في التفاؤل، محذّرا في المقابل من أن العالم يواجه احتمال الوقوع في مرحلة من الركود الطويل ما لم يتم اعتماد إجراءات تحفيزية”.
وكانت منظمة التجارة العالمية أعلنت في أبريل الماضي توقعاتها بانخفاض التجارة العالمية بين 13 في المئة و32 في المئة في 2020، بينما يضر الوباء بالنشاط الاقتصادي التقليدي.
وأكد بن سليّم أنّ التجارة التي تقوم بها مجموعته عبر 82 من الموانئ التابعة لها والمحطات والمراكز اللوجيستية، تراجعت بنسبة 4 في المئة في الربع الأول.
وتابع “لكن هذا قد يكون مضللا”، موضحا أن الحرّكة التجارية في هذه الفترة تشمل الطلبات التي تم وضعها قبل الأزمة.
وتساءل “من الآن حتى الأشهر الأربعة القادمة، ستكون هذه القضية الرئيسية.. فماذا سيحدث؟ علينا أن نرى ولكننا نتحضر للأسوأ”.
ولكن على الرغم من هذه التوقعات القاتمة، أكد بن سليّم أنّ “موانئ دبي العالمية لم تطلب أي مساعدة مالية من حكومة دبي، وأنها ستقوم بجمع الديون من السوق لتمويل خطط توسّعها حال احتاجت إلى ذلك”.
وتعد المجموعة والشركات التابعة لها مصدرا هاما للنقد بالنسبة إلى اقتصاد الإمارة التي تملك أحد أكثر الاقتصادات تنوعا في منطقة الخليج.
وفي السنوات الأخيرة، قامت موانئ دبي العالمية بسلسلة من عمليات الاستحواذ في إطار استراتيجيتها لتصبح الشركة الرائدة عالميا في تقديم الخدمات اللوجيستية عبر شبكة تضم مناطق اقتصادية ومجمعات صناعية وعمليات نقل داخلي.
وأوضح “حتى خلال هذه الأزمة، إذا وجدت شيئا مدرا للدخل ونعتقد بأنه استثمار سيعزز إيراداتنا ويحقق الربح” فإنّ المجموعة ستقدم على خطوة ما في هذا الصدد.
وذكر “نبحث عن استثمارات جاهزة لدر الإيرادات.. نحن شركة أصبحت مصدرا للإيرادات للحكومة”، مؤكدا “في نهاية المطاف، علينا أن نجني المال بشكل فوري”.
ولم تعلن موانئ دبي العالمية عن أي تسريحات لموظفيها خلال الأزمة، واستبعد رئيسها التنفيذي القيام بخفض الرواتب على عكس الكثير من الشركات الكبرى في الخليج بما في ذلك طيران الإمارات التي أعلنت عن تسريح عدد من موظفيها وتخفيض الرواتب لعدة أشهر.
وفي فبراير الماضي، أعلنت المجموعة أنّها ستعود بالكامل إلى ملكية إمارة دبي وتلغي إدراجها في بورصة ناسداك دبي، مشيرة إلى أن الطلب في السوق على العوائد والقصير الأمد لا تتناسب مع استراتيجيتها الطويلة الأمد.
وتشغّل المجموعة شبكة دولية مؤلفة من 123 وحدة عمل فيها قوة عاملة قدرها 56500 شخص. وكانت حقّقت العام الماضي ارتفاعا في أرباحها الصافية نسبته 4.6 في المئة لتصبح 1.33 مليار دولار.
وتعاملت موانئ دبي العالمية العام الماضي مع 71.2 مليون حاوية، ما يجعلها من بين أكبر خمس شركات بهذا المجال في العالم. وتعامل ميناء جبل علي في دبي مع 14.1 مليون حاوية وذلك في تراجع قدره 5.6 في المئة إلا انه لا يزال من بين الموانئ العشرة الكبرى على مستوى العالم.
وبحسب بن سليّم، “لم تغادر بسبب الأزمة أي شركة من أصل 8 آلاف موجودة في المنطقة الحرة لجبل علي” التي ساهمت العام الماضي بـ23 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدبي.
وحققت مجموعة دبي العالمية قفزة في الإيرادات والأرباح خلال العام الماضي، بفضل استراتيجية التوسع التي اتبعتها لتعزيز محفظة أعمالها.
وأعلنت المجموعة أن عائداتها ارتفعت بنسبة 36.1 في المئة، كما نمت أرباحها قبل استقطاع الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك بنسبة تقدر بحوالي 17.7 في المئة.
وكشفت النتائج أن زيادة العائدات جاءت بدعم من عمليات الاستحواذ، ومن ضمنها شركتا بي أند أو فيريز البريطانية وتوباز للطاقة والملاحة الإماراتية ومحطتا بويرتو سنترال وبويرتو ليركين التشيلية.
وموانئ دبي العالمية، أكبر مشغلي الموانئ في العالم، وتضم محفظة أعمالها أكثر من 80 محطة برية وبحرية في 40 بلدا عبر قارات العالم الست.
وتتمثّل استراتيجية المجموعة الإماراتية في أن تغدو محفزا رائدا للتجارة ومزوّدا للحلول مستقبلا، في الوقت الذي تتطلّع فيه إلى المشاركة في جزء أكبر من سلسلة التوريد.
وخلال السنوات الأخيرة ضخّت موانئ دبي الكثير من الاستثمارات في وحدة أعمال الموانئ والخدمات اللوجستية والبحرية بهدف تحقيق التواصل المباشر مع الزبائن وتوفير حلول لوجستية، إضافة إلى التخلّص من أوجه عدم الكفاءة في سلسلة التوريد بغرض تسريع الأعمال التجارية.