مواقف الرفض والتشكيك تلاحق عطاءات استكشاف النفط والغاز في ليبيا

رئيس مجلس المنافسة ومنع الاحتكار يطالب بالإيقاف الفوري للعطاءات حتى تشكيل حكومة موحدة تحظى بالاعتراف الدولي.
الثلاثاء 2025/03/18
تحذير من التصرف في الثروات دون وجود حكومة موحدة

تواجه حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا معارضة رقابية شديدة لقرارها بطرح عطاءات عامة لاستكشاف النفط والغاز، حيث دعا رئيس مجلس المنافسة ومنع الاحتكار سلامة الغويل رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المكلف مسعود سليمان إلى وقف إجراءات طرح عطاءات عامة لاستكشاف النفط والغاز في ليبيا، محذرا من التداعيات القانونية والاقتصادية لهذه الخطوة في ظل الانقسام السياسي.

وطالب الغويل بالإيقاف الفوري للعطاءات حتى تشكيل حكومة موحدة تحظى بالاعتراف الدولي، تضمن بيئة قانونية واقتصادية مستقرة للشركات المستثمرة، وبإعلام الشركات الأجنبية بالمخاطر القانونية المترتبة على المشاركة في عمليات غير قانونية، مشددا على ضرورة إجراء دراسة شاملة لتقييم الآثار القانونية والاقتصادية والاجتماعية لطرح العطاءات في الظروف الحالية.

وأشار إلى قرار مجلس النواب رقم 15 لسنة 2023، الذي يحظر التصرف في الثروات السيادية، مثل النفط والغاز، دون وجود حكومة موحدة، محذرا من المخاطر القانونية التي قد تنشأ عن توقيع عقود استثمارية في ظل الانقسام، مما قد يؤدي إلى نزاعات قانونية مستقبلا، فضلا عن الإخلال بمبدأ المنافسة العادلة، حيث قد يؤدي الطرح الحالي للعطاءات إلى تفاهمات غير قانونية بين الشركات، مما يتنافى مع قانون منع الاحتكار.

ولفت المجلس إلى ضعف الرقابة والإشراف نتيجة عدم الاستقرار السياسي، مما قد يتيح تمرير صفقات غير شفافة تضر بمبدأ النزاهة والشفافية في إدارة الموارد، معتبرا أن توقيع عقود نفطية في ظل الوضع السياسي الراهن قد يؤدي إلى تأثيرات اقتصادية سلبية، أبرزها صعوبة تنفيذ العقود، مما يزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي ويؤثر على تدفق الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب احتمالية عدم الاعتراف الدولي بهذه العقود.

رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المكلف في ليبيا مسعود سليمان أعلن أن بلاده تعتزم إطلاق جولة عطاءات لاستكشاف النفط

وأكد المجلس على ضرورة إدارة موارد النفط والغاز ضمن إستراتيجية اقتصادية موحدة تحمي حقوق الأجيال القادمة، محذرا من أن القرارات الأحادية قد تؤدي إلى استنزاف غير مدروس للثروة الوطنية.

وحذر المجس من أنه، في حال استمرار مؤسسة النفط في إجراءات الطرح، سيتولى توثيق جميع المخالفات القانونية والجنائية، وسيحيل الملف بالكامل إلى النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المسؤولين عن هذه القرارات.

وجاء ذلك بعد أن كان مسعود سليمان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المكلف في ليبيا أعلن  في الثالث من مارس أن بلاده تعتزم إطلاق أول جولة عطاءات لاستكشاف النفط منذ أكثر من 17 عاما.

وبحسب مراقبين، فإن هذا الإعلان أثار جدلا حادا في البلاد نتيجة ضعف الرقابة وغياب الشفافية واتساع دائرة الفساد على مختلف الأصعدة وفي مختلف المجالات بما في ذلك مجال النفط والغاز.

واعتبر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة أن جولة العطاء العام لاستكشاف النفط والغاز “تمثل رسالة واضحة بأن ليبيا مستعدة للانفتاح على الشركات العالمية ضمن بيئة استثمارية حديثة وشفافة.”

وأكد أن حكومته عملت على إزالة العقبات التي واجهت قطاع النفط والغاز، مما أدى إلى تحقيق معدلات إنتاج متميزة، حيث بلغ إنتاج النفط الخام 1.4 مليون برميل يوميا، مع خطط لتعزيز موقع ليبيا كمورّد رئيسي للطاقة، مضيفا أن استدامة الإنتاج تتطلب استكشاف موارد جديدة لتعويض الاحتياطيات المنتجة، مع العمل على تعزيز مكانة ليبيا في أسواق الغاز العالمية عبر تطوير مشاريع البنية التحتية، مما يسهم في رفع القدرة التصديرية وتأمين إمدادات الطاقة للأسواق الأوروبية والعالمية.

70

في المئة من إجمالي مساحة الأراضي الليبية وأكثر من 65 في المئة من مياهها الإقليمية لم تُستكشفا بعد

وأثار الإعلان عن إطلاق جولة العطاءات، ردود فعل عدة على مختلف الأصعدة، وعبرت كتلة التوافق الوطني في المجلس الأعلى للدولة، عن قلقها البالغ إزاء إعلان المؤسسة الوطنية للنفط عن انطلاق جولة العطاء العام للاستكشاف وقالت في بيان إن “فتح العطاء العام للاستكشاف هو بمثابة إعلان هدر، وتفريط في مقدرات الدولة النفطية وتهديد خطير لأمن الطاقة الوطني”، مشيرة إلى أن “فتح العطاء في ظل حكومة منتهية الولاية، وغياب أدنى شروط الشفافية، مع تفشي الفساد الذي كشف عن جزء مفزع منه تقرير الخبراء سيدمر قطاع الطاقة، وسيسهم في ارتهانه لأطراف أجنبية”.

ورأت الكتلة أن “النهج المريب الذي تنتهجه الحكومة في فتح المطالعات، يؤكد سياسة النفط مقابل البقاء ويمثل جريمة متكاملة الأركان لمخالفته الصارخة لقرار مجلس النواب رقم 15 لسنة 2023 بشأن عدم المساس بالثروات السيادية”.

ورغم أن السلطة لم تعلن رسميا عن تقديم عطاءات خلال السنوات الماضية، إلا أن شركات النفط الكبرى “إيني” و”أو.أم.في” و”بي.بي” و”ريبسول” تمكنت العام الماضي من استئناف أنشطة التنقيب في ليبيا بالاتفاق مع حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها. وفي العام 2023 وقعت شركة إيني الإيطالية اتفاقا لإنتاج الغاز بقيمة ثمانية مليارات دولار مع المؤسسة الوطنية للنفط الليبية.

وفي يناير الماضي، قال وزير النفط والغاز الليبي الدكتور خليفة عبدالصادق إن الوزارة شهدت بالفعل اهتماما كبيرا من قبل المشغلين الأجانب في جولة التراخيص، كما تتفاوض وزارة النفط والغاز على خطط جديدة للاستكشاف والإنتاج مع شركات النفط الدولية، مما يعزز المشاركة الأجنبية ويشجع الاستثمار في جميع مراحل سلسلة القيمة في قطاع النفط والغاز.

وبحسب السلطات الليبية، فإن جولة العطاءات ستشمل ثلاثة أحواض ونحو 15 إلى 21 قطعة، وستغطي كل الأحواض الرسوبية في ليبيا، مثل حوض سرت، حوض مرزق، حوض غدامس، والمناطق البحرية.

وبحسب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط السابق فرحات بن قدارة، فإن 70 في المئة من إجمالي مساحة الأراضي الليبية وأكثر من 65 في المئة من مياهها الإقليمية لم تُستكشفا بعد.

4