مواجهة أميركية ألمانية للفوز بتطوير شبكة الكهرباء العراقية

اتسعت المواجهة بين شركتي جنرال اليكترك الأميركية وسيمنز الألمانية للفوز بعقد شامل لتحديث شبكة الكهرباء العراقية. وعادت سيمنز لتؤكد تمسكها بالصفقة بعد أن رجّحت تقارير عالمية كفة جنرال اليكترك مشيرة إلى ضغوط سياسية من قبل الإدارة الأميركية.
بغداد - كشفت تقارير صحافية الخميس أن الحكومة العراقية تدرس عرض شركة سيمنز الألمانية لإجراء تطوير شامل لشبكة الكهرباء العراقية المترهلة تتضمن زيادة طاقة توليد الكهرباء وتحديث شبكات النقل والتوزيع.
وتعيد تلك التقارير خلط أوراق مصير الصفقة، بعد أن رجّحت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية يوم الأربعاء فوز شركة جنرال اليكترك بالصفقة بعد ضغوط سياسية من الإدارة الأميركية.
ونسبت صحيفة الصباح العراقية إلى مصعب المدرس المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية قوله إن “العقد الذي ندرس توقيعه مع شركة سيمنز الألمانية سيضيف 9500 ميغاواط من الطاقة الكهربائية إلى القدرات العراقية خلال 3 سنوات عبر خطط قصيرة ومتوسطة وبعيدة الأجل”.
وأوضح أن “العقد يتضمن تحويل محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الثقيل إلى محطات تعمل بالغاز وتأهيل المتضرر مع نصب محطات جديدة، إضافة إلى نصب أكثر من 14 محطة تحويلية.
وذكر أن سيمنز ستقوم خلال الخطة القصيرة التي تمتد لنحو 3 إلى 6 أشهر بإضافة 805 ميغاواط، في حين تضيف خلال الخطة المتوسطة التي تمتـد بين 10 إلى 20 شهرا نحو 2400 ميغـاواط وتتضمن تأهيل 6 وحدات في محطتي بيجي الغازية.
وقال إن الخطة طويلة المدى، التي تمتد بين عامين إلى 3 أعوام تتضمن إضافة 6800 ميغاواط وتحديث شامل لشبكات النقل والتوزيع. وتشير تفاصيل الخطة إلى أنها ستتمكن من إنهاء انقطاع الكهرباء المزمن في العراق منذ عام 2003 رغم إنفاق عشرات المليارات من الدولارات على عقود شابها الفساد وسوء الإدارة. وكان انقطاع الكهرباء محور الكثير من الاحتجاجات خلال تلك الفترة.
وقالت فايننشال تايمز يوم الأربعاء إن جنرال اليكترك ضمنت الصفقة التي تصل قيمتها إلى 15 مليار دولار. ونسبت إلى مصادر مطلعة تأكيدها أن إدارة الرئيس دونـالد ترامـب مـارست ضغـوطا على الحكومة العراقية وذكرتها بمقتل سبعة آلاف جندي أميركي منذ بدء التدخل في العراق عام 2003.
لكن التصريحات العراقية تؤكد أن كفة شركة سيمنز لا تزال هي المرجحة، خاصة بعد نجاحها في تجربة مماثلة في مصر أدت إلى إنهاء نقص الكهرباء وتحقيق فائض في طاقة التوليد.
ويرى محللون أن الإدارة الأميركية تضغط لمساعدة جنرال اليكترك، التي تواجه صعوبات كبرى، أدت إلى تأجيل إعلان نتائجها للربع الثالث وتبديل رئيس مجلس إدارتها.
وكانت الشركة الأميركية قد كشفت الشهر الماضي أنها قدمت للحكومة العراقية خطة استراتيجية لتطوير قطاع الطاقة الكهربائية تساهـم في رفـع قــدرة منظـومة تـوليد وتـوزيع الكهرباء وتشغيل المزيد من الأيدي العاملة.
وسرعان ما جددت شركة سيمنز الألمانية عروضها التي تعود لسنوات والتي تقدّم رؤية أكثر شمولية لسد حاجة العراق إلى الكهرباء وتطوير شبكة التوزيع، إضافة إلى برامج واسعة والتعليم والمساعدة في مكافحة الفساد وإيقاف حرق الغاز المصاحب.
وتأتي الخطة على خلفية نجاح الشركة في بناء 3 محطات عملاقة تعمل بالغاز، جرى افتتاحها في مصر في يوليو الماضي، وبلغت تكلفة المحطات التي تصل طاقتها إلى 14.4 ميغاواط نحو 9.4 مليار دولار.
ويرى محللون أن الضغط الأميركي لا يزال قائما وقد يعيد خلط الأوراق مرة أخرى لصالح شركة جنرال اليكترك، رغم أن عرض سيمنز يتضمن المساعدة في التمويل بدعم من الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي.
ويعاني العراق منذ سنوات من فجوة كبيرة بين استهلاك الكهرباء وإمداداتها.
ويقول الخبراء إن ذروة الطلب في الصيف، حين يقبل الناس على تشغيل أجهزة تكييف الهواء بسبب ارتفاع درجات الحرارة، تبلغ نحو 21 غيغاواط بما يتجاوز كثيرا قدرة الشبكة الحالية.
وتصل طاقة توليد الكهرباء في أعلى التقديرات الحكومية إلى 16 غيغاواط وهي تعاني من التجاوزات وضياع نسب كبيرة من الطاقة بسبب فوضى وتردي البنية التحتية لشبكة الكهرباء.
وفي بداية الشهر الحالي كشف وكيل وزارة الطاقة والصناعة الإماراتية مطر النيادي أمس إن دول مجلس التعاون الخليجي بدأت محادثات مع العراق لتنفيذ ربط شبكة الكهرباء الخليجية بالشبكة العراقية لتصدير فائض إنتاج الكهرباء.
وقال إن “هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي تدرس تصدير فائض الكهرباء إلى العراق. وأوضح أن دول الخليج تنتج أكثر من 100 غيغاواط، ولا تستهلك منها سوى 30 بالمئة في فصل الشتاء.
ودفعت ضغوط الاحتجاجات لتكثيف جهود بغداد لمعالجة أزمة الكهرباء، لكن تحركات سيمنز وجنرال اليكتريك تكشف أيضا عن وجود دعم دولي لإخراج العراق من أزماته المزمنة.
ويرى محللون أن تكامل الربط الخليجي مع أحد مشروعي سيمنز وجنرال اليكتريك يمكن أن يحدث نقلة نوعية كبيرة تنهي أزمات انقطاع الكهرباء بعد تبديد عشرات المليارات من الدولارات في مشاريع يشوبها الفساد.