مهرجان سينمائي في بيروت يحتفي بفنون العالم

بيروت - مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية، الذي ترأسه اللبنانية أليس مغبغب يستعرض صورة مميزة عن الجهد الذي يمكن أن يقدمه أشخاص في سبيل تكريس فكرة عالية المستوى والتأثير على شرائح هامة في المجتمع.
وانطلق المهرجان عام 2015، وعبر سنوات ثلاث قدم دوراته السابقة التي توجت مع بداية شهر نوفمبر الجاري بالدورة الرابعة التي ساهمت فيها العديد من الجهات المحلية في لبنان كالمدارس والجامعات، وكذلك المراكز الثقافية الدولية وبعض سفارات الدول الأجنبية منها الولايات المتحدة واليابان وسويسرا وإسبانيا.
في تميز فني واضح، يقدم مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية منهجا يضعه في حالة خاصة في التفاعل مع الفنون، من خلال جو سينمائي يحتفي بالفنون التي تصنع عنها الأفلام السينمائية، فبعيدا عن استقطاب نجوم الفن السابع والأضواء والضجيج الذي تعمل عليه وتحدثه، يرنو هذا المهرجان إلى أن يمضي في اتجاهات مغايرة، ترى في الوصول إلى شريحة الطلاب ومتابعي الفنون والسينما المصنوعة من أجلها هدفا متفردا تعمل عليه.
وفي هذه الدورة التي تستهدف ما يزيد عن مئة ألف شخص، سيتابعون مواضيع عديدة بمشاركة ستين فيلما عالميا ومحليا، تحضر فيها ثيمتا “الغد والماء” في لبنان، نظرا إلى الأهمية الكبرى التي يحظى بهما الموضوعان في حياة المواطن اللبناني العادي.
وفي حوار خاص مع “العرب” تحدثت مغبغب عن ملامح المهرجان وبعض تفاصيل الدورة الرابعة التي انطلقت في الأول من الشهر الجاري وتستمر حتى الثلاثين منه، فتقول رئيسة المهرجان “توجهنا أن يكون المهرجان، حدثا للفن والسينما، أكثر من أن يكون للمسابقات والجوائز وغير ذلك”.
وبدأت النسخة الأولى للمهرجان بخمسة وعشرين فيلما، لتصل في النسخة الرابعة لستين فيلما، وتسترسل مغبغب “جمهورنا يزداد نسخة بعد أخرى وضيوفنا يزدادون أيضا من المنطقة وأوروبا والعالم، المهرجان كبر إلى الحد الذي صار فيه جزءا من الخارطة الدولية لمهرجانات السينما المختصة بالفنون، فالمعرض الدولي للفنون في الولايات المتحدة الأميركية قدم لنا في هذه النسخة فيلما من إنتاجه سيكون العرض العالمي الأول له في مهرجاننا، وكذلك لدينا أفلام من اليابان شرقا وحتى أميركا اللاتينية غربا”.
وعن تفاصيل المهرجان والآلية التي سيتم عرض الأفلام فيها، بيّنت مغبغب “سيتم ذلك من خلال فعاليتين أساسيتين، الأولى باسم خارج الأسوار، وهي عروض في كل لبنان، الجامعات والمدارس والمراكز الثقافية، والثانية باسم داخل الأسوار وهي التي ستقدم في داخل قاعة الميتروبوليس في بيروت”.
وهو ما يعني أن جمهورا لبنانيا عريضا في جغرافيته سيتفاعل مع المهرجان، توضح أليس مغبغب “فهو رغم أن اسمه مرتبط ببيروت، لكنه يعني كل لبنان ويقدم أفلاما ذات نوعية متميزة، البداية كانت في الأول من الشهر الجاري مع فيلم عن كاتدرائية آيا صوفيا التركية التي تحولت في ما بعد إلى مسجد على يد محمد الفاتح ومن ثم إلى متحف ديني عام 1935، ثم انطلق المهرجان ليزور حوالي الخمسة عشر مركزا ثقافيا، على امتداد لبنان كله”.
والعروض تقدم مجانا كي يتم مشاهدتها من أكبر شريحة ممكنة من الناس، وهي الأفلام التي من النادر أن توجد في صالات السينما ولا حتى في التلفزيونات أو النت، حيث مكانها الطبيعي هو المهرجانات والمتاحف المعنية بالفنون كالرسم والكتابة والطرب والرقص والآثار، كما يعرض المهرجان أفلاما عن شخصيات فنية كبيرة أثرت في تاريخ الفن العالمي وغير ذلك من الفنون.
وتقول مغبغب “هناك أفلام عن أجمل اللوحات في العالم التي رسمت خلال العام الجاري، وهو جهد ساعدنا فيه الداعمون الثقافيون في المهرجان، كذلك توجه المهرجان لبعض الشخصيات التي تناضل من أجل البيئة وسلط الضوء على أهمية ما يقومون به من عمل، سابقا كنا نعاني من أجل استقطاب الأفلام المشاركة، لكننا بعد ثلاث دورات، وبمجرد الإعلان عن بدء قبول الأفلام باتت تأتي وحدها، وهي ثقة هامة اكتسبها المهرجان بعد عدة دورات”. وتسأل “العرب” عن ماهية العمل والهدف الذي يسعى إليه المهرجان، فتبيّن مغبغب “هو عمل اجتماعي ثقافي آمنّا به وبضرورته، وأننا نستطيع تحقيقه، عبر جهودنا المتواصلة من عام إلى آخر، رغم المشكلات التي تواجهنا في سبيل تحقيقه”.
وتسترسل “هو مهرجان نأمل أن يستمر، كونه مهرجانا فريدا من نوعه على مستوى العالم كله، لأنه يقدم خدمة ثقافية واجتماعية وتعليمية في الآن نفسه، وفي افتتاح الدورة الرابعة عرضنا لثلاثة آلاف مدرسة فيلمان وثائقيان، واحد عن تمثال الحرية، والثاني عن الماء في لبنان، فإضافة إلى موضوع الماء يهمنا طرح فكرة الغد لما لها من أهمية قصوى في حياة شبابنا الجامعي، حيث نأمل أن يتابع أفلامنا ما يزيد عن مئة ألف تلميذ، وفي هذا تفاعل فني واجتماعي كبير، كما حرصنا خلال شهر أبريل الماضي على طرح فكرة تصميم معلقة على طلاب الجامعات، وأخيرا فازت إحدى الطالبات بأن يكون ما رسمته معلقة لمهرجاننا، وهي المعتمدة حاليا”.
وعن الوجود اللبناني في فعاليات المهرجان، تبيّن “كل لبنان حاضر في المهرجان، إذ سنقدم فيلما من إخراج نقولا خوري وإنتاج المهرجان عن معرض رشيد كرامي في طرابلس، كذلك سيقدم فيلم لفراس حلاق وهو مخرج سينمائي لبناني، وتكريم خاص للمخرج اللبناني جورج نصر، كما سنعرض فيلما عن حالة المياه في لبنان، إضافة إلى سهرة خاصة عن الاحتفال بمرور مئة وخمسين عاما على نشأة متحف بيروت، وعدة أفلام عن رسامي الغرافيك في بيروت وعدة مدن لبنانية أخرى”.
وعن ختام المهرجان بعد شهر كامل من العروض المتنوعة في الجامعات، تقول أليس مغبغب “ختام المهرجان سيكون بمشاركة المعهد الفرنسي في بيروت، بفيلمين عن الأوبرا، وهما يتعلقان بأول أوبرا ناطقة بالعربية تنتج في فرنسا، الأول بعنوان “عيون الكلام” ويتحدث عن تحضيرات الأوبرا التي جمعت العديد من الفنانين من بلدان متنوعة، أما الثاني فيحمل عنوان “كليلة ودمنة” عن نص للشاعر السوري فادي جومر، وموسيقى منعم عدوان، وغناء مجموعة أصوات من لبنان وحوض المتوسط”.