مهرجان المسرح العربي يكرّم خمسة وعشرين مسرحيا

قامات مسرحية كبرى في مجالات التمثيل والإخراج والسينوغرافيا، كانت على موعد مع التكريم والحفاوة، في احتفالية خاصة جدا سبقت انطلاق فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح العربي، والتي تحتضنها القاهرة بداية من اليوم 10 يناير إلى غاية 16 من نفس الشهر.
كان الكاتب إسماعيل عبدالله والمسرحي غنام غنام، وأسرة المهرجان والهيئة العربية للمسرح المنظمة للمهرجان في استقبال كبار نجوم وقامات المسرح المصري في احتفالية التكريم، التي أقيمت بأحد الفنادق على نيل القاهرة قبل يوم من افتتاح المهرجان الذي يستمر من 10 إلى 16 يناير الجاري. حيث كرّم المهرجان 25 فنانا وكاتبا مصريا من رموز المسرح المصري في هذه الدورة، كدأبه كل عام، على تكريم عدد من صناع المسرح الذين ينتمون إلى البلد المضيف.
وضمّت قائمة المكرّمين من الممثلين سميحة أيوب وأشرف عبدالغفور وسميرة عبدالعزيز وعزت العلايلي ورشوان توفيق وجلال الشرقاوي ومحمود الحديني وسهير المرشدي وسناء شافع والمخرج سمير العصفوري والمخرج فهمي الخولي والناقدة هدى وصفي ومصممة الأزياء نعيمة عجمي وأستاذة الإلقاء نجاة علي والأكاديمي كمال عيد والأكاديمي نبيل منيب.
وتغيّب عن الحفل سمير غانم وعبدالرحمن أبوزهرة ونبيل الحلفاوي ومحمود ياسين والصحافية آمال بكير والمؤلف يسري الجندي والكاتب لينين الرملي والمخرج سمير أحمد.
المسرح والوحدة العربية
تحدث المكرّمون عن علاقتهم بالمسرح وأبرز التجارب التي قدموها فوق خشبته. فقد أكد المخرج جلال الشرقاوي في كلمته أن المسرح هو الوحيد القادر على “توحيد الأمة العربية”. وبارك لزملائه الذين شرّفوا بالتكريم من الهيئة العربية للمسرح ومهرجانها العربي. وأشار الشرقاوي إلى أن الأمة العربية برمتها وعلى مدى سنوات لم تنجح في إقامة وحدة عربية، وإلى أنه طالما نادى بإقامة هذه الوحدة من خلال الفن والمسرح الذي يعتبره الوحيد القادر على تحقيق هذه الوحدة.
وطالب الشرقاوي المسؤولين العرب بالاهتمام بالفن والثقافة باعتبارهما الطريق الوحيد لعمل وحدة عربية مع الاقتصاد، وأنهما السلاح القادر على محاربة الفكر المتطرف والإرهاب. مؤكدا على قيمة الفن في مواجهة الإرهاب.
المسرحيون المكرمون أكدوا على أهمية ودور المسرح في إذكاء الوعي الثقافي وخلق التنوير لمجابهة القوى الظلامية
وطالب الفنان محمود الحديني بضرورة تدريس المسرح في كافة مراحل التعليم بوطننا العربي. وقال إنه مهموم بقضية تجذير المسرح العربي غير المجذّر في الثقافة العربية. منوّها بأهمية أن تكون هناك ندوة في نهاية هذه الدورة لفناني الأمة العربية المشاركين فيها للبحث عن حلول لكيفية تجذير المسرح العربي في البنية الثقافية. واقترح أن تكون مادة المسرح مادة أساسية في كافة مراحل التعليم الأساسية.
وقدمت سيدة المسرح العربي النجمة سميحة أيوب الشكر للهيئة العربية للمسرح. وقالت أشكرهم على مجهودهم المتميّز من أجل نشر الثقافة والحضارة والجمال والرقي، حيث تجتمع نخبة المسرحيين كل عام في بلد عربي مختلف لإحداث تناغم ورقي بين بلداننا.
وقال المخرج سمير العصفوري إن المسرح شجرة وارفة، لا تتوقف أغصانها عن الإزهار. وأضاف “بعض شباب ينكرون على جيلي استمرارهم وقدرتهم على العطاء ويتعاملون معنا باعتبارنا آثارا من الماضي رغم أننا سهرنا وتعبنا، وأنفقنا الكثير من أوقاتنا وضحينا بها من أجل الفن والمسرح. ولذلك تأتي مثل هذه التكريمات كتطييب للجروح واعترافا من المسرحيين بدورنا الفعال”.
وأكدت الفنانة سميرة عبدالعزيز أن الهيئة تصنع تجميعا رائعا للمسرحيين العرب بهدف التعارف ومشاهدة العروض التي تعمل على ازدهار المسرح العربي. وتابعت “من خلال المسرح صافحت الرئيس جمال عبدالناصر وبالمسرح تم تكريمي كثيرا وإلى الآن أشبع حياتي بالمسرح ولا أفضل عليه أي فن آخر، وأتمنى أن تظل الأمة العربية موحدة على يد فناني المسرح”.
مجابهة الواقع
من جانبها أعربت أستاذ الإلقاء في عدد من المعاهد والجامعات المصرية نجاة علي أن التكريم يعدّ شرفا كبيرا لها، معتبرة أنه تكريم على مجمل مشوارها الكبير الحافل بأعمال كثيرة في التدريس في عدد من المعاهد والكليات التعليمية المصرية.
وأهدت فنانة الديكور والأزياء نعيمة عجمي تكريمها لزملائها السينوغرافيين، متمنية أن يحصلوا على حقوقهم من الاهتمام والتكريم بشكل دائم. وقالت إنها متأثرة أشد التأثر لما يحمله التكريم لها من قيمة عظيمة.
ونوّهت عجمي إلى أنها حصلت على جوائز كثيرة من أماكن مختلفة، ولكنها تشعر هذه المرة بمذاق مختلف لأنه جاء من هيئة هامة ومؤسسة ترعى بشكل حقيقي الثقافة والفن وخاصة المسرح.
الثقافة والفن من علامات نهضة الشعوب وهما العنصر الأهم لتأسيس حضارة مع الاقتصاد والوعي السياسي والاجتماعي
وحكى الفنان عزت العلايلي عن ثلاثة مسرحيين حلموا بتقديم مسرح مجاني للجماهير يقدم المتعة والتسلية والثقافة، وهم الفنان رشوان توفيق والمخرج الراحل أحمد توفيق وهُو. وأضاف أنه تكفل بتصعيد تلك الرغبة، والحلم الذي كان يؤرقهم إلى وزير الثقافة ساعتها وهو عبدالقادر حاتم، الذي وصفه بأنه أفضل وزير تولى الثقافة في مصر.
وأشار العلايلي إلى أن الثقافة والفن من علامات نهضة الشعوب وهي العنصر الأهم لتأسيس حضارة مع الاقتصاد والوعي السياسي والاجتماعي، مؤكدا أن مصر دولة متحضرة منذ فجر التاريخ وإنها ليست أقل من أي بلد في العالم وستظل دائما قادرة على العطاء.
وقالت الفنانة سهير المرشدي إن تكريمها أشعرها بسعادة كبيرة قلما شعرت بها في مناسبات أخرى. وأشارت إلى أنها كانت تشعر بأن المسرحيين المصريين بل والعرب جميعا، باتوا يعيشون في جزر منعزلة، إلا أن هذا المهرجان العربي أشعرها بالعكس حيث عمل على لم شمل الجميع وأكد أنهم على قلب رجل واحد.
وأشارت إلى أنها تتلمذت على يد المخرج الكبير جلال الشرقاوي وهو ما يعدّ فخرا كبيرا لها أن تكرّم معه. وشكرت الهيئة العربية على دورها المشهود في النهوض بالفن والثقافة العربية. وتمنت المرشدي أن يزدهر المسرح في كل الأرجاء. مؤكدة على أهمية ودور الكلمة في إذكاء الوعي الثقافي والخروج من الظلامية التي تحاول أن تجرّنا إليها بعض الجماعات.
أما هدى وصفي فتمنت أن يجتمع المسرحيون دوما على حب المسرح ورفعته. وأضافت أنها من خلال عملها داخل المؤسسة الثقافية الرسمية كانت تواجه تحديات أهمها أن يعلو صوت الشباب وإبداعهم الحر فوق صوت الإدارة.
وتمنت وصفي أن يزدهر المسرح مع تلك الفعاليات الفنية التي تقام على الدوام في كل بلدان الوطن العربي، وتعتبر فرصة سانحة على الدوام لالتقاء المسرحين في كل مكان بهدف تبادل الخبرات والمهارات.
ورأى نبيل منيب أن الحركة المسرحية تعاني رغم وفرة المبدعين، وقال “هناك تساؤل حول وجود قصور كبير في الحركة المسرحية بسبب المعوقات الإدارية الكثيرة برغم وجود هذا الكم الهائل من المبدعين العرب والذين يتجمّعون بشكل شبة دوري في المهرجانات”.
ورأى كمال الدين عيد أن مهرجان المسرح العربي كفيل بتصحيح ومراجعة المسرح العربي في 50 عاما، وقال إنه ليوم سعيد للمسرح العربي أن يتم تكريم هذه الكوكبة الكبيرة من رواد المسرح العربي في مصر، ذلك المسرح الذي يضم بنايات كثيرة تقدم الفن المسرحي للجماهير وتعمل على تنمية الوعي وإذكاء روح الثقافة.