من يتعمد الإبقاء على حالة التوتر في الكويت

راجت في الساعات الماضية أنباء عن تدهور صحة أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ليسارع الديوان الأميري إلى نفي تلك الأنباء التي وصفها بـ”الكاذبة”، مؤكدا أن صحة الأمير بخير، وهو ما يطرح تساؤلات حول المغزى من الترويج لمثل هذه الشائعات.
الكويت - تقول أوساط سياسية كويتية إن هناك من يتعمد الإبقاء على حالة التوتر قائمة في البلاد، وآخرها التسريبات التي راجت عن صحة الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، في الوقت الذي تتطلع فيه الدولة الخليجية إلى انطلاقة جديدة في ظل تناغم نادر بين الحكومة ومجلس الأمة.
وتقول الأوساط إن تزامن الشائعات عن تدهور في صحة أمير البلاد، بالتوازي مع هجوم بدا غير مبرر على وزراء بعينهم من آل صباح على غرار الهجوم الذي يتعرض له حاليا وزير الخارجية الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح، لا يمكن اعتباره عفويا، لاسيما في الحالة الكويتية.
وسارع الديوان الأميري الكويتي مساء السبت إلى نفي ما أثير حول تعرض الشيخ نواف الأحمد لـ”عارض صحي طارئ”. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) عن بيان الديوان الأميري قوله “ردًا على ما تناقلته بعض وسائل التواصل الاجتماعي حول تعرض أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، لعارض صحي طارئ، أُدخل على إثره المستشفى، فقد أكد الديوان الأميري أنه لا صحة إطلاقاً لمثل هذه الأخبار الكاذبة”.
وأضاف البيان أن “حضرة صاحب السموّ أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، بخير ولله الحمد والمنة ويتمتع بصحة طيبة”. ودعا البيان إلى توخي الدقة بشأن ما يجري تداوله أو نشره من أخبار غير معتمدة من الديوان الأميري وعبر القنوات الرسمية.
◙ البعض استغل على ما يبدو غياب أمير البلاد مدة طويلة عن الإعلام لترويج خبر تدهور صحته بهدف إدامة حالة القلق
وراجت خلال الساعات الماضية شائعات عن تدهور في صحة أمير الكويت (86 عاما) وهو ما استوجب إدخاله إلى المستشفى، فيما ذهبت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تناقل خبر يزعم وفاته. وتقول الأوساط إن البعض يستغل على ما يبدو غياب أمير البلاد لفترات طويلة عن الإعلام للترويج لمثل هذه الأخبار.
وأثارت الشائعات المتداولة بشأن صحة أمير البلاد حالة من القلق في صفوف الكويتيين الذين أنهكوا في الفترة الأخيرة من كم الأخبار “التوتيرية” التي تتعلق بالداخل.
وكان الشيخ نواف الأحمد الذي تولى إمارة البلاد في العام 2020 خلفا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، قد فوض مؤقتا جزءا من صلاحياته الدستورية إلى ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في نوفمبر 2021، ومنذ ذلك الحين، بات الأمير قليل الظهور. وصدرت بيانات كويتية رسمية تشير إلى توجه أمير البلاد أكثر من مرة إلى إيطاليا في زيارات خاصة، تليها تأكيدات عقب عودته بأنه “خضع لإجراء فحوصات طبية” وأنه “بخير”.
وتلفت الأوساط إلى إن مسارعة الديوان الأميري إلى نفي الشائعات التي جرى تداولها مؤخرا، يشير إلى إدراك بأن الأمر مرتب له لإثارة الارتباك، خصوصا وأنه لوحظ في الفترة الأخيرة اندفاع البعض صوب افتعال قضية أو بث خبر زائف، أو محاولة خلق حالة من الشك حيال العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
ولا تستبعد تلك الأوساط أن تكون القوى التي وجدت نفسها مستبعدة من المعادلة الحالية هي من تقف خلف إثارة مثل هذه الإرباكات، حيث أنها لا تريد أن يحقق عهد الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، ابن الأمير ورئيس الوزراء، أي إنجازات تحسب له.
وسجل بالتوازي مع انتشار خبر “وعكة” أمير الكويت هجوم لافت على عدد من الوزراء، لاسيما أولئك الذين بدوا أكثر نشاطا وأظهروا قدرا كبيرا من الإلمام بملفاتهم، بعد مرور بضعة أسابيع على تشكيل الحكومة.
وطال الهجوم أساسا وزير الخارجية، وأيضا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار ووزير المالية بالوكالة سعد البراك الذي يقود حاليا مخطط الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي تعمل الحكومة على وضعه قيد التنفيذ.
واستند منتقدو وزير الخارجية الكويتي على تصريحات لوزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام أثارت جدلا واسعا، وذهبت بعض الأقلام إلى حد المطالبة بإقالة الشيخ سالم العبدالله، داعية إلى التحقيق معه في ما اعتبر تسريب معلومات تهم الأمن القومي الكويتي.
وكان وزير الاقتصاد اللبناني دعا الحكومة الكويتية إلى المساعدة في إعادة بناء إهراءات لبنان ليس فقط في بيروت، قائلا “لأن الأموال موجودة، وأنا تواصلت مع وزارة الخارجية، وعرفت أن صندوق التنمية الكويتي فيه أموال موجودة يمكن بشخطة قلم اليوم أن يؤخذ قرار ببناء إهراءات لبنان”.
◙ مسارعة الديوان الأميري إلى نفي الشائعات التي جرى تداولها يشير إلى إدراك بأن الأمر مرتب له لإثارة الارتباك
وقال أحد المنتقدين إن تصريحات الوزير اللبناني والتي بدت واثقة تدفع إلى توجيه أسئلة لوزير الخارجية بشأن مع من تواصل الوزير اللبناني في وزارة الخارجية؟ وكيف عرف أن هناك أموالاً؟ وكيف سرّبت معلومات سيادية دقيقة من الصندوق الكويتي للتنمية الذي يقع تحت مسؤولية وزارة الخارجية؟
وطالب الوزير بالرد على هذه الأسئلة، وإلا سيتحمل المسؤولية كاملة لما له من علاقة مباشرة مع وزير الاقتصاد اللبناني، مما يجعل ذلك مشروع استجواب قادما سيتم حث النواب على طرحه في دور الانعقاد القادم.
من جهة ثانية وجهت بعض الأقلام تركيزها على وزير المالية بالوكالة، واتهمته بقيادة مشروع خطير هدفه زيادة إثراء بعض المتربّحين، وتمكين القطاع الخاص على حساب المواطنين. وتقول الأوساط إن انتقاد أداء وزير أمر طبيعي بل ومطلوب، لكن طبيعة التركيز على شخصيات وزارية بعينها ويراهن عليها رئيس الوزراء، في المقابل غض الطرف عن وزراء آخرين بدا واضحا أنه ليس بوسعهم تقديم الإضافة المرجوة، أمر يثير الشكوك.
وتشهد الكويت للمرة الأولى منذ سنوات حالة من التناغم بين الحكومة ومجلس الأمة، كان من نتائجها توافق الجانبين في فترة وجيزة على تمرير جملة من القوانين المهمة، على غرار قانون المحكمة الدستورية، وقانون الهيئة العليا للانتخابات، وهو ما كان صعبا تحقيقه قبل وقت قريب.
وكان وزير المالية بالوكالة وصف في مقابلة مع صحيفة "الرأي" المحلية الأسبوع الماضي تمرير تلك القوانين بـ"المعجزة"، فيما منح هذا التوافق بين السلطتين جرعة أمل كبيرة للشارع الكويتي الذي يراهن على استمرار حالة السيولة الإيجابية الراهنة من أجل تحقيق النقلة التي ينتظرها، والتي ستدفع الكويت إلى الالتحاق بركب دول خليجية حققت خلال السنوات الأخيرة تحولا هائلا لاسيما في بنيتها الاقتصادية.