من يتحكّم بإمدادات النفط العالمية في ظل حرب الأسعار؟

يطرح اقتراب موعد زوال جميع القيود عن إنتاج النفط مع انتهاء أجل اتفاق تخفيض الإنتاج، أسئلة كثيرة بشأن من سيتحكم بالإمدادات العالمية، في إصرار السعودية على إغراق الأسواق،
لندن - تقترب حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا من دخول مرحلة جديدة بعد إلغاء قيود الإنتاج في إطار تحالف أوبك+، حيث تستعد الدول النفطية الكبرى لضخ المزيد من نفطها في الأسواق من صراع على الحصص السوقية.
لكن تلك الدول ستواجه صعوبة شديدة في تعويض تراجع عائداتها عبر زيادة الإنتاج في ظل الأسعار الحالية نتيجة تراجع الطلب بسبب تفشي فايروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في وقت تواجه فيه بعض الدول مشكلات سياسية وأمنية تحول دون زيادة الإنتاج.
وفي تقرير يستهدف رسم خارطة لمراكز فوائض الطاقة الإنتاجية في العالم، أعدت وكالة أنباء بلومبرغ تقييما للدول القادرة على التحكم في كميات الخام المعروضة في الأسواق.
وتأتي السعودية على رأس قائمة الدول النفطية التي تمتلك فوائض طاقة إنتاجية، باعتبارها أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، حيث تستطيع ضخ المزيد من النفط للمحافظة على استقرار السوق، إذا حدث أي اضطراب في الإمدادات لدى أي دولة نفطية.
وتعتزم أرامكو ضخ 12.3 مليون برميل يوميا اعتبارا من الشهر المقبل، بزيادة كبيرة عن مستويات الإنتاج التي تقل عن 10 ملايين برميل يوميا طوال السنوات الثلاث الماضية.
كما أعلنت الرياض عزمها رفع طاقة الإنتاج إلى 13 مليون برميل يوميا، وهي مستويات ستعيدها إلى عرش أكبر منتجي النفط في العالم، بعد أن أصبحت ثالث منتج بعد الولايات المتحدة وروسيا في السنوات الأخيرة.
وبعد السعودية تأتي روسيا، التي كان تعنتها خلال اجتماعات أوبك+ في فيينا، سببا في عدم التوصل إلى اتفاق بشأن تمديد خفض إنتاج النفط، والذي دفع الرياض إلى زيادة إنتاجها، ثم ردت عليها موسكو بإعلان مماثل.
السعودية تملك طاقة الإنتاج الإضافية الكبرى القادرة على إحداث تغيير كبير في خارطة الإمدادات
ويؤكد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، أن بلاده تستطيع زيادة إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يوميا والوصول به إلى 11.8 مليون برميل يوميا.
وتقول شركة روسنفت المملوكة للدولة إنها تعتزم زيادة إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميا بحلول مطلع أبريل المقبل، على أقصى تقدير. لكن لم يتضح إلى أي مدى يمكن أن تنعكس زيادة إنتاج روسيا على زيادة صادراتها من النفط.
وتشير بيانات الشحن إلى أن روسيا صدرت نحو 1.85 مليون برميل يوميا خلال مارس الحالي، وهو ما يقل عن صادراتها في فبراير، التي بلغت مليوني برميل يوميا.
وبعد السعودية وروسيا يأتي العراق، وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك بعد السعودية، لكنه قد لا يستطيع زيادة إنتاجه كثيرا قياسا إلى سجل إنتاجه خلال السنوات الثلاث الماضية.
ويأمل العراق في زيادة إنتاجه بمقدار 250 ألف برميل يوميا في شهر أبريل مقارنة بإنتاجه في فبراير الماضي، وذلك من خلال حقول جنوب ووسط العراق.
وتشير بيانات وكالة بلومبرغ إلى أن زيادة مبيعات النفط العراقية إلى 3.7 مليون برميل يوميا، إضافة إلى حوالي 450 ألف برميل يوميا تصدرها حكومة إقليم كردستان العراق، دفعت صادرات البلاد إلى أعلى مستوياتها منذ سبتمبر الماضي.
لكن ثمة عقبات تحول دون وصول العراق إلى المستهدف، ففي المرة الأخيرة التي انخفضت فيها أسعار النفط، لم يتمكن العراق من زيادة إنتاجه بسبب عجز الحكومة عن دفع مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في البلاد.
ويواجه العراق حاليا خطر إغلاق العديد من حقول الإنتاج، على خلفية ظهور حالات إصابة بفايروس كورونا.
ولم تضيع الإمارات، حليف السعودية في حرب أسعار النفط، وقتا وتعهدت بزيادة إنتاجها. وتعتزم شركة أدنوك المملوكة لحكومة أبوظبي ضخ 4 ملايين برميل يوميا في أبريل.
وذكرت أدنوك أنها تسعى إلى الوصول بطاقتها الإنتاجية إلى 5 ملايين برميل يوميا، مقارنة بمستوى الإنتاج في شهر فبراير الماضي البالغ 3.4 مليون برميل يوميا، لكنها لم تحدد موعدا للوصول إلى هذا الهدف.
وإلى جانب السعودية والإمارات، تأتي الكويت كإحدى دول الخليج الكبرى المنتجة للنفط، وهي تنتج حاليا أقل من حصتها الرسمية بموجب اتفاق أوبك+ بمقدار 400 ألف برميل يوميا.
وعلى الجانب الآخر من الخليج، لا تستطيع إيران إنتاج طاقتها الحالية البالغة 4 ملايين برميل بسبب عقوبات أميركية تحدّ من قدرتها على تصدير إنتاجها من النفط.
وفي ظل تفشي فايروس كورونا المستجد والعقوبات الأميركية، ليس من المنتظر أن تزيد طهران إنتاجها أو صادراتها النفطية.
أما في قارة أفريقيا، فهناك عضوا أوبك، ليبيا ونيجيريا. ورغم الاحتياطيات النفطية الضخمة لدى الدولتين، إلا أن المشاكل الأمنية والسياسية تحول دون إمكانية زيادة الإنتاج.
وفي حال تجاوز تلك المشاكل، يمكن للدولتين زيادة الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا، ولكن هذا ليس متوقعا على المدى القريب.