من إيطاليا إلى أبوظبي معرض جوال يضم كتبا بلا كلمات

أبوظبي تستضيف معرض الكتب الصامتة المتنقل للمرة الثالثة، ورسامو الكتب هم نخبة من فناني العالم يمكنهم إيصال القصة بشكل واف من خلال الصور وبشكل جمالي وفني.
الثلاثاء 2019/04/30
قصص لا يمكن للكلمات التعبير عنها

تلعب الصورة دورا هاما في إلغاء الفوارق اللغوية، وهو ما دعا إلى اعتماد الصور بدل الكتابة في كثير من الأمور، تبسيطا للرسالة المراد إبلاغها، وتحقيقا لفهم أعمّ وأوسع. ومن هذا المنطلق صارت الصورة أيضا طريقة تثقيفية هامة، كما أنها باتت رسائل عميقة يمكن تداولها بيسر بين مختلف الشعوب والشرائح، وخاصة شريحة الناشئين، الذين لا غنى عن الصورة في تعليمهم.

ما هي الكتب الصامتة؟ الكتب الصامتة هي ببساطة كتب لا تحتوي على أي كلمات، لا شك أن هذا الوصف قد يقودنا إلى طرح السؤال التالي: كيف يمكن لكتاب أن يروي قصة إذا لم يكن يحتوي على أي كلمات؟ عوضا عن استخدام النصوص المكتوبة تعتمد هذه الكتب الخالية من الكلمات والغنية باللغة البصرية الجمالية القادرة على سرد حكايات بسيطة متسلسلة أو معقدة كما أنها تتجاوز حدود التعبير الفني والإبداعي.

ضمن أجنحة معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين يشارك المعرض المتنقل للكتب الصامتة للمرة الثالثة، محتويا على كتب من مجمل دول العالم الأعضاء في المجلس الدولي لكتب اليافعين “IBBY”، هذا المجلس الذي أطلق مشروع الكتب الصامتة من العالم إلى لامبيدوزا، ومن لامبيدوزا إلى العالم في العام 2012، وذلك ليكون بمثابة رد فعل على أمواج اللاجئين الوافدين من أفريقيا والشرق الأوسط الذين يصلون إلى الجزيرة الإيطالية لامبيدوزا.

 وتضمن المشروع أولا إنشاء أول مكتبة في لامبيدوزا ليستخدمها الأطفال من السكان المحليين والأطفال المهاجرون. وثانيا إنشاء مجموعات من الكتب الصامتة “الكتب المصورة التي لا تحتوي على كلمات” والتي يمكن للأطفال أن يفهموها ويستمتعوا بها بصرف النظر عن لغتهم.

كتب غنية باللغة البصرية الجمالية القادرة على سرد حكايات
كتب غنية باللغة البصرية الجمالية القادرة على سرد حكايات

المعرض الثالث

انطلق مشروع معرض الكتب الصامتة ليجمع أفضل كتب أطفال من دون كلمات – كتب صامتة، وذلك عن طريق المجلس الدولي لكتب اليافعين، وتضمنت هذه المجموعة كتبا مصورة من دون كلمات تروي قصصا لا يمكن للكلمات التعبير عنها ومفعمة بالأحاسيس والأحلام والذكريات النابعة من صمت شخصياتها لتتخطى عقبة اللغة والالتحام بين مختلف الثقافات.

وقد أودعت هذه الكتب في أرشيف الوثائق والبحوث في قاعة العرض والمركز الثقافي والمتحف الإيطالي، وسلمت مجموعة ثانية إلى المكتبة في لامبيدوزا، وكانت مجموعة أخرى ثالثة جزءا من معرض متنقل.

وتوجد حتى الآن ثلاث مجموعات من الكتب الصامتة، وهي مجموعة الكتب الصامتة لعام 2013 والتي ضمت 110 كتب، وطافت بوصفها معرضا أنحاء إيطاليا والمكسيك وكندا والنمسا وألمانيا مع التخطيط لإقامة معارض أخرى في بلجيكا وفرنسا. ومجموعة الكتب الصامتة لعام 2015 والتي ضمت 51 كتابا عرضت في إيطاليا ونيوزيلندا والإمارات العربية المتحدة. أما بالنسبة إلى المجموعة الثالثة فقد أطلق عليها المعرض المتنقل لمجموعة الكتب الصامتة لعام 2017 في لامبيدوزا وقد طاف أنحاء اليونان ويستقر الآن في الإمارات.

قصص بالرسوم

كتب يمكن للأطفال أن يفهموها ويستمتعوا بها
كتب يمكن للأطفال أن يفهموها ويستمتعوا بها

المجموعة الثالثة من الكتب الصامتة المعروضة في معرض أبوظبي تضم 50 كتابا من عدة دول مختلفة وقع عليها الاختيار، من بين هذه الكتب كتب مقدمة عن طريق الأقسام الوطنية للمجلس الدولي لكتب اليافعين بالإضافة إلى 7 كتب صامتة من دولة الإمارات.

وقد أكدت مروة اليعقوبي رئيس المجلس الإماراتي لكتب اليافعين أن الكتب السبعة التي يشارك بها المجلس الإماراتي لكتب اليافعين ضمن معرض الكتب الصامتة تشكل نتاجا لورش عمل تدريبية لرسامين من الدولة، حيث رأينا أهمية بل ضرورة المشاركة في إثراء مكتبة الطفل في العالم من هذه النوعية من الكتب.

وقالت “هذه الكتب تجوب العالم فهو معرض متنقل وحتى الآن استضفناه ثلاث مرات في ثلاث نسخ مختلفة”.

ولفتت اليعقوبي إلى أن الذي ينظم هذا المعرض هو المجلس الدولي لكتب اليافعين والذي مقره بازل- سويسرا، وقالت “مجلسنا يتبع هذا المجلس ممثلا لدولة الإمارات في هذا التنظيم الدولي، الذي يندرج تحته 77 فرعا حول العالم”.

وأشارت إلى أن المجلس الإيطالي لكتب اليافعين هو من بدأ بهذا المشروع، لماذا؟ لأن موجات اللجوء من أفريقيا والشرق الأوسط كان لـ”جزيرة لامبيدوزا” الإيطالية منها نصيب واسع في 2012، فطلب المجلس الإيطالي من جميع المجالس حول العالم المشاركة بهذا النوع من القصص البصرية الفنية لكونها تكسر حاجز اللغة، وعلى هذا الأساس تم توفير مكتبة متكاملة من هذه النوعية من الكتب في “جزيرة لامبيدوزا” متاحة للأطفال اللاجئين الذين يأتون إلى الجزيرة وللمحليين كي يدركوا حجم المعاناة التي يعانيها هؤلاء اللاجئون.

وأضافت اليعقوبي أن رسامي هذه الكتب هم نخبة من فناني العالم لديهم ذلك الإدراك العميق بالقصص، لأنهم هنا يسردون القصص من خلال الرسوم، ومن أشهر الكتب مثلا كتاب “المسافر” أو “The traveler” هذا الكتاب من أستراليا والرسام هو شون تان، وإذا تصفحت هذا الكتاب سترى أن القصة تأخذ المتصفح إلى عالم الشعور بالشخص الذي يسافر أو يلجأ إلى مدينة أخرى وتصف مشاعر هذا الشخص أو العائلة حينما يسافران مضطرين مثلا إلى دولة غريبة. ومن خلال الصور والرسومات التي تصور المشاعر والمعاناة نصل إلى معان إنسانية راقية، وقد نجح الرسام في سرد هذه القصة من خلال الرسوم.

وأكدت أن هذا النوع من القصص يحتاج رسامين محترفين حتى يتم إيصال القصة بشكل واف من خلال الصور وبشكل جمالي وفني، وطبعا نحن في المجلس الدولي الإماراتي لكتب اليافعين نعمل على توسيع فكرة الكتب الصامتة في الوطن العربي، لذا أضفنا هذا العام فئة جديدة في جائزة اتصالات وهي فئة الكتب الصامتة والتي تم إطلاقها في معرض لندن الأخير للكتاب.

15