"من آشور إلى إشبيلية".. العرض الأوروبي الأول لنصير شمة في برشلونة

الفنان العراقي قدّم مزيجا بين الإرث الموسيقي العربي والغربي عبر أحدث معزوفاته، التي تسهم في تعزيز روابط التاريخ الموسيقي المشترك بين العالم العربي وأوروبا.
الخميس 2018/11/08
مزج فريد بين الإرث الموسيقي العربي والغربي

استأنف مهرجان أبوظبي برنامجه الخاص بأعمال التكليف الحصري الدولية خلال العام الجاري، بإطلاق العرض العالمي الأول “من آشور إلى إشبيلية” الذي أقيم في “غران تياتر ديل ليثيو” الأحد في برشلونة الإسبانية، وذلك من خلال ثلاثين فنانا من خريجي بيت العود الذي يقوده الموسيقار العراقي نصير شمة.

برشلونة (إسبانيا) - قدّم في الرابع من نوفمبر الجاري، سفير الأمم المتحدة للسلام، نصير شمة رفقة 30 فنانا من بيت العود العربي عرضه العالمي الأول “من آشور إلى إشبيلية” والذي يتنزل ضمن أعمال التكليف الحصري الدولية من مهرجان أبوظبي، لاستكشاف الحوار الثقافي المتبادل من خلال الجذور الموسيقية المشتركة، وبخاصة بين آلتي العود والقيثارة، وهو أول عرض موسيقي عربي يقام في “غران تياتر ديل ليثيو” ببرشلونة.

ومن خلال عمل التكليف الحصري هذا من مهرجان أبوظبي، والذي جاء في إطار اتفاقية التعاون الموقّعة في العام 2015 بين دار الأوبرا “ديل ليثيو” ومجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، الجهة المنظمة لمهرجان أبوظبي، قدّم نصير شمة مزيجا بين الإرث الموسيقي العربي والغربي عبر أحدث معزوفاته، التي تسهم في تعزيز روابط التاريخ الموسيقي المشترك بين العالم العربي وأوروبا، والاحتفاء بعظماء الموسيقيين العالمين.

وعلى مدى 90 دقيقية، استمتع جمهور “ديل ليثيو” الكبير بأداء رائع وليلة تاريخية قدمها نصير شمة وخريجو بيت العود من الجزائر والقاهرة وأبوظبي، يرافقهم كارلوس بينيانا عازف الفلامينكو الشهير من إسبانيا، وعازف البوزوكي اليوناني جيورجوس مانولاكيس.

واللافت في الأمسية، تقديم نصير شمة لأربع آلات عود جديدة هي حصيلة جهد ودراسة وحب لآلة العود امتدت لسنوات، وهي: عودلين، عودلا، عودلو، وعودباس.

وأبرزت حصة العتيبة سفيرة الإمارات لدى المملكة الإسبانية، العلاقات الثقافية بين الإمارات وإسبانيا “أن مثل هذه الفعاليات تساعد على تعزيز الحوار والتواصل الثقافي بين البلدين”، مؤكدة في هذا السياق على أهمية حضور الثقافة بكافة أشكالها في حوار الحضارات بين الدول، والذي من شأنه بناء العلاقات الحميمة بين الشعوب، رغم اختلاف الثقافات واللغات والديانات.

هدى الخميس كانو: العمل يحكي الإرث والأثر من آشور إلى إشبيلية بتأليف معاصر لنصير شمة
هدى الخميس كانو: العمل يحكي الإرث والأثر من آشور إلى إشبيلية بتأليف معاصر لنصير شمة

وأكدت العتيبة على أن المشروع الفني الموسيقى “من آشور إلى إشبيلية”، الذي تنظمه مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون في إطار “مهرجان أبوظبي”، بالإضافة إلى دوره في تعزيز الموسيقى في الحوار بين الثقافات، “يساعد أيضا في تعزيز الروابط التاريخية المشتركة بين العالم العربي وأوروبا، لا سيما إسبانيا وشعبها، بالإضافة إلى نقل صورة حية إلى الشعوب الأوروبية عن دولة الإمارات وثقافتها التي تنطلق منها رسالة التسامح والسلام والإخاء بين مختلف شعوب العالم عبر الثقافة والفنون والآداب بشكل خاص وعن العالم العربي بشكل عام”.

وقالت هدى إبراهيم الخميس كانو، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي “تلعب مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، عبر مبادراتها الرائدة، وشراكاتها الثقافية الدولية، واستثمارها في الفنون، دورا محوريا يُعلي قيم التسامح والتعددية والانفتاح ولقاء الثقافات، ويسهم في ترسيخ مكانة أبوظبي والإمارات في مشهد الثقافة العالمية”.

وأضافت “في لحظة إشراق حضاري وتفاعل موسيقي عالمي، يُبرز العمل “من آشور إلى إشبيلية” أبعادا تاريخية كثيرة منها أنها المرة الأولى التي تُعزف فيها الموسيقى العربية في دار الأوبرا “غران تياتر ديل ليثيو” ببرشلونة، إحدى أقدم دور الأوبرا في أوروبا والعالم، كما أنه عرض عالمي أول بتكليف حصري بين مهرجان أبوظبي ودار أوبرا ديل ليثيو برشلونة، الأمر الذي يؤكّد العلاقات الفريدة بين الإمارات ومملكة إسبانيا ويعكس أهمية الدبلوماسية الثقافية في حوار الثقافات والتبادل الحضاري”.

وتابعت “يحكي العمل حكاية الإرث والأثر من آشور إلى إشبيلية بتأليف معاصر جديد لنصير شمة، يقدّم من خلاله 5 آلات موسيقية مبتكرة من عائلة العود، في عزفٍ مبدع بمشاركة أكثر من 30 من الموسيقيين من العالم العربي وإسبانيا، في رهانٍ على استمرار الفعل الحضاري العربي عبر تجديد الفكر والاستثمار في الطاقات الإبداعية عربيا وعالميا”.

واشتمل العرض على مجموعة من المعزوفات التي تعكس رمزية العود كهوية وإرث حضاري وإنساني كبير، كونه الأب لوتريات كثيرة خرجت منه وانتمت إلى عائلته وتوزعت في العالم، من الشرق، ومن العراق تحديدا، من قلب الحضارة الأكادية، حيث عزفت الأوركسترا التي قادها نصير شمة برفقة بينانا ومانولاكيس مقطوعات: جدارية الحياة، زقورة، مسار مضيء، بين النخيل، الأندلس تفتح أبوابها، تانغو، حوار، بصيص أمل، صولو من آشور إلى إشبيلية وإشراق.

وقال سفير الأمم المتحدة للسلام، نصير شمة “هدف هكذا فعالية هو تقديم صورة كبيرة عمّا نملك، عمّا نحن عليه، لا نريد إثبات شيء للعالم بقدر أن تتسع مساحة الجمال التي تجمعنا بالآخرين، وعلى هذا الجمال ينبني الكثير من الحوارات والقيم والمبادئ التي تقود إلى سلام البشر في ما بينهم، وهنا أتكلم عن السلام العادل، الذي لا يقع فيه أي ضيم على أي طرف من الأطراف، سلام الموسيقى، الجمال، الثقافة، السلام الذي تبني معه مستقبلا دون أن تخسر أي شيء من أرضك أو ثقافتك أو جوهرك”.

وأضاف “اليوم نُقدم صوتا جديدا، نبهر من خلاله المتلقي، بعمق ثقافتنا، كيف تتوالد آلة العود وتصبح خمسة أحجام، وكيف تستطيع هذه الأحجام أن تعطي صوتا جديدا، إضافة إلى مهارات الشباب المختلفة، إذ نرى التونسي والعراقي واليمني واللبناني والمصري والإماراتي وكل الدول الموجودة على خشبة المسرح، كيف لهذه الآلة نفسها أن تحتوي على كل هذه اللهجات، وهذه الإشارة المهمة التي نريد أن نقدمها، هذا ما عملنا عليه أنا ومهرجان أبوظبي ومجموعة أبوظبي للثقافة والفنون منذ عام 1997، واليوم نحن هنا في برشلونة لنكمل المسير ونقدّم شيئا جديدا غنيا، نفخر به”.

وأسّس نصير شمة “بيت العود” في مصر عام 1998 كأكاديمية للموسيقى العربية، تسهم حاليا في تطوير تعليم الموسيقى، بالإضافة إلى تمكين التراث الموسيقي كعنصر ثقافي مهم يزدهر بين الجيل الجديد، وعلى الرغم من تخريج بيت العود عازفين منفردين، إلاّ أنهم أيضا قادرون على الإبداع الموسيقي بشكل جماعي كأوركسترا، وقدموا عروضهم في عدة مناسبات هامة مثل مهرجان قرطاج، ومعهد العالم العربي في باريس، ومهرجان موازين في المغرب، ومهرجان أبوظبي ومهرجان بعلبك الدولي في لبنان.

16